الصين ومصر تدشنان "كيان مدني" لتعزيز الاستثمارات المشتركة
ستعمل مؤسسة رواد الأعمال المصريين الصينيين الجديدة على تعزيز العلاقات الاقتصادية المتنامية بين القاهرة وبكين حيث تكثف الصين أنشطتها السياسية مع الدول الرائدة في الشرق الأوسط، ولكن موقع المونيتور الأمريكي يشير إلى قلق واشنطن المتزايد من نشاط بكين في المنطقة.
وأضاف الموقع أن مصر والصين أنشأتا مؤسسة رواد الأعمال المصريين الصينيين لتشجيع الاستثمارات الصينية في القاهرة وتم تدشين المؤسسة رسميًا في حفل أقيم بالعاصمة الإدارية الجديدة بحضور مسؤولين مصريين وصينيين ورجال أعمال.
ونقل الموقع الأمريكي عن مجد الدين المنزلاوي، رئيس مجلس أمناء المؤسسة الجديدة، قوله" إن هذه المؤسسة هي الأولى من نوعها وتهتم بصفتها إحدى منظمات المجتمع المدني بتنمية الاستثمارات بين البلدين بتشجيع من الحكومة المصرية بالتعاون مع السفارة الصينية في مصر.
وتابع تقرير المونيتور: “حرص كبار المسؤولين عل تأكيد عناية الحكومة المصرية والسفارة الصينية بتدشين المؤسسة بهدف تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية ومد جسور التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي بين البلدين”.
وتعد المؤسسة منصة جديدة للحوار بين مجتمعي الأعمال في البلدين، ويحرص الجانبان على إزالة أي عقبات قد تواجه جهود تعظيم الاستثمارات، بالنظر إلى السمعة الطيبة التي تتمتع بها الشركات الصينية العاملة في مصر".
وتفتح مصر أبوابها أمام الاستثمارات الصينية التي زادت بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية"، وقد استحوذت مصر مؤخرًا على أكبر نسبة من الاستثمارات الصينية في المنطقة العربية، والتي بلغت نحو 28.5 مليار دولار من 2018 إلى 2019 وهذا المكسب ساهم في توفير 24 ألف فرصة عمل في مصر.
كما تهدف مصر إلى إصدار سندات اليوان الصيني (الباندا) بقيمة 500 مليون دولار في السوق الصينية، وأشار التقرير إلى الدور المحوري الذي تلعبه المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في تعزيز مبادرة الحزام والطريق الصينية، لا سيما من خلال منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر بالسويس.
ويعمل في السوق المصري نحو 140 شركة صينية منها 102 في منطقة تيدا التي تضم 102 شركة واستثمارات تصل إلى مليار دولار.
نمت العلاقات المصرية الصينية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014، وزار السيسي بكين سبع مرات والتقى بنظيره الصيني شي جين بينج ثماني مرات، كان آخرها في فبراير 2022، وكان الرئيسان قد وقعا اتفاقية شراكة استراتيجية مصرية صينية عام 2014، وشاركت مصر في مبادرة طريق الحرير منذ انطلاقها عام 2017.
وبحسب بيانات وزارة المالية المصرية، بلغ حجم الواردات المصرية من الصين 12.1 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2022، فيما بلغت الصادرات المصرية للصين 385 مليون دولار خلال نفس الفترة وبلغ حجم التجارة بين الصين ومصر 19.98 مليار دولار في عام 2021، بزيادة قدرها 37.3٪ على أساس سنوي، وهناك توجه عام وقوي نحو استغلال هذه العلاقات القوية لزيادة التعاون الاقتصادي والثقافي بين مصر والصين، وتدعم حكومتا البلدين أهداف المؤسسة الجديدة وستعمل كمنصة انطلاق للمستثمرين الصينيين في الشرق الأوسط وأفريقيا في إطار مبادرة الحزام والطريق.
ويبدو أن الصين تسعى للاستفادة من المزايا الكبيرة للسوق المصري الهائل الذي يضم أكثر من 100 مليون مستهلك، فضلًا عن مكانة مصر كمركز للتجارة في الشرق الأوسط وأفريقيا وفي الوقت نفسه، تريد مصر أن تكون حلقة وصل بين الصين والدول الأخرى، ولهذا السبب سعت الحكومتان إلى إنشاء هذه المؤسسة لتذليل العقبات التي تواجه الشركات الصينية.
ويتوقع المراقبون زيادة الاستثمارات الصينية في مصر خلال الفترة المقبلة وسيرأس وزير الخارجية المصري السابق والأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، مجلس أمناء المؤسسة.
ويؤكد موسى أن مشروع الحزام والطريق الاقتصادي بين الصين والدول العربية نجح في تحويل الفكر الاستعماري التقليدي البغيض إلى تفكير اقتصادي تعاوني يخدم مصالح الجانبين، ويمكن أن يدعم الحركة المصرية الصينية إلى الأمام.
كما أشار موسى إلى ضرورة توجيه الاستثمارات الصينية لتطوير قناة السويس وإقامة صناعات مشتركة وتصدير المنتجات إلى السوق الأفريقية. ويبدو أن الصين ترى في مصر حجر الزاوية في مبادرة الحزام والطريق ولهذا السبب فإن بكين تقدم دعما سياسيا واقتصاديا كبيرا للقاهرة من خلال منحها قروضا مالية ضخمة وتوجيه شركاتها للاستثمار في مصر خلال السنوات الماضية.
كثفت السفارة الصينية بالقاهرة مؤخرًا أنشطتها السياسية عقب المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر الذي منح الرئيس فترة تاريخية ثالثة على رأس الحزب وعقد السفير الصيني بالقاهرة لياو لي تشيانج مؤتمرا مع ممثلين عن 14 حزبا ومنظمة سياسية مصرية، وتم تنظيم ندوة أخرى يوم 10 نوفمبر لتبادل نتائج مؤتمر الحزب كما نظم مؤتمر آخر مع دبلوماسيين عرب في القاهرة للتحضير للقمة الصينية العربية التي ستعقد خلال زيارة الرئيس الصيني للرياض في وقت لاحق من الشهر الجاري وتحدث تشيانج مع السياسيين المصريين أن العلاقات الصينية المصرية تطورت إلى شراكة استراتيجية شاملة واستمرت في التطور تحت القيادة الشخصية لشي والسيسي.
وكشف استطلاع أجراه معهد واشنطن في سبتمبر أن أكثر من نصف المصريين يعلقون أهمية كبيرة على علاقات بلادهم مع الصين، متجاوزة الولايات المتحدة، حيث وافق 47٪ من المصريين على العبارة: "لا يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة" في هذه الأيام، لذلك علينا أن نلجأ إلى روسيا أو الصين كشركاء".
وتابع التقرير: "يبدو أن التقارب المصري مع الصين سيمنح القاهرة الفرصة للانضمام إلى قمة البريكس والاستفادة منها ووصل الرئيس السيسي، أمس الخميس، إلى الرياض للمشاركة في القمة والتقى بشي جين بينج.
وأشار مركز الإستراتيجية والتكنولوجيا الناشئة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن إلى أن "مصر هي أحد أعمدة سياسة الصين في الشرق الأوسط، والتي تشمل أيضًا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وتعد القمة السينية الحالية علامة فارقة مهمة في العلاقات الصينية العربية، لكنها ليست تحويلية أو محورية"، ولكن في الوقت نفسه تضع واشنطن أنشطة الصين في الشرق الأوسط تحت الميكرسكوب، وتدرس كيف يمكن أن يؤثر تنامي الأنشطة الصينية على العلاقات الثنائية الأمريكية مع القوى الإقليمية، ولكن الدول العربية تعطي الأولوية لمصالحها الخاصة في عصر تنافس القوى العظمى، وفي الصين والشرق الأوسط لا ينبغي النظر إلى قمة الشرق على أنها عواصم عربية تختار الصين أو تعطيها أفضلية على حساب الولايات المتحدة".