السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

تحليل| جيروزاليم بوست: القومية العربية لا تزال نابضة بالحياة في مونديال الدوحة

الرئيس نيوز

وضعت إسرائيل بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة في قطر تحت الميكروسكوب وخاصة بعد أن أبرمت اتفاقيات التطبيع برعاية أمريكية، وبعد أن كثر الحديث عن تأثير اتفاقات إبراهام، فقد 

شهدت بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة في قطر تدفقًا كبيرًا من دعم المشجعين العرب منتخبات الدول العربية الأخرى، في حين واجه الصحفيون الإسرائيليون ردود فعل فاترة من المشجعين العرب وبدوا غير مرحب بهم، وفي المقابل ذابت خلافات الأمس، فاستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء محمد بن سلمان على هامش كأس العالم في الدوحة، وقدمت الأيام القليلة الأولى من كأس العالم 2022 في الدوحة، قطر، لمحة عما طالما حلم به الكثير من العرب، وأبدى رؤساء الدول والحكومات العربية جميعهم حماسًا لافتًا ورصدت الكاميرات ابتساماتهم وسعادتهم بتنظيم البطولة في الدوحة، واحتضنوا بعضهم البعض وحملوا أعلام الدول التي توترت علاقتهم بها في السابق، ومع احتضان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، احتفل الرئيس عبد الفتاح السيسي بافتتاح البطولة مع الأمير، ونشرت صور للأمير واضعًا العلم السعودي فوق كتفيه.

ووفرت الانتصارات المفاجئة التي حققها منتخب السعودية على الأرجنتين، ومنتخب المغرب على بلجيكا قدرًا هائلا من الإثارة في جميع أنحاء العالم العربي وكشفت عن وحدة عربية نادرة لم تشهدها المنطقة منذ عشرات السنين، وفقًا لتحليل نشرته صحيفة جيروزاليم بوست.

 وتوارت الخلافات العربية – العربية المعقدة التي طال أمدها، حيث انضم مشجعو كرة القدم اللبنانيين والفلسطينيين والتونسيين والمصريين والأردنيين إلى حشد الجماهير المغربية والسعودية المحتفلة في العاصمة القطرية وأشاد ياسر المشعل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم بالدولة الخليجية الصغيرة لتنظيمها الحدث.

القومية العربية عادت من جديد
وذكر المشعل في تصريحات لصحيفة "ميديا لاين": "هذه ليست كأس العالم في قطر بل هي كأس العالم الخليجية والعربية، وما تقدمه قطر هو أكبر رد على شكوك الغرب في قدراتنا"، ويرجح أحمد رفيق عوض، رئيس مركز دراسات القدس بجامعة القدس أن كأس العالم في قطر نجح في إثبات أن "فكرة القومية العربية لا تزال حية"، ولكن هذا الكيان الحي ليس له أذرع أو أرجل وليس لديه مرجعية أو نظام مركزي لدعمه وقال "إنها مشاعر قوية، وهي أحلام وأمنيات الشعوب العربية، لكنها فقدت بريقها ودورها في السنوات الماضية".

وأشار عوزي ربيع، مدير مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب، إلى أن القومية العربية هي "نوع من الشعار وصفة لكيان سياسي موحد غير موجود على أرض الواقع، وبالطبع هناك عاطفة عربية وتاريخ عربي وتراث ولغة مشتركة".

ولفت ربيع إلى أنه من الممكن استخدام القومية العربية "كإطار عمل يمكن أن يخلق طريقة عمل لدول المنطقة"، لكنه لا يمكن أن يتحول إلى كيان سياسي في الوقت الحالي وأكد "هذا شيء يمكن استخدامه عندما يتعلق الأمر بالرياضة والثقافة" وشهدت النسخة الأولى من كأس العالم على أرض عربية تدفقًا كبيرًا من الدعم من الجماهير العربية لصالح منتخبات الدول العربية الأخرى وشوهد العديد من المشجعين العرب الذين لم تحرز منتخباتهم مكانًا في البطولة الدولية وهم يهتفون لدعم منتخبات الدول العربية الأخرى ويلفون تلك الأعلام حول أكتافهم، وأكدت الصحفة أن إن رؤية مشجعي كرة القدم من مختلف الدول العربية وهم يحملون أعلام دول أخرى - وخاصة العلم الفلسطيني - هو أوضح دليل على إحياء القومية العربية.

ماذا عن السلام بين الشعوب؟
أصبحت بطولة كأس العالم الأولى على الإطلاق في الشرق الأوسط منصة واضحة لبعض مظاهر التوترات السياسية الموجودة في جميع أنحاء المنطقة، وعلى سبيل المثال، هناك ظاهرة أخرى تتصدر عناوين الصحف في الدوحة وهي الاستقبال الفاتر الذي تلقاه الصحفيون الإسرائيليون الذين يغطون مباريات كأس العالم من قبل مشجعي كرة القدم، وخاصة العرب وبالفعل تعلم الصحفيون الإسرائيليون درسًا عمليًا بشكل مباشر هو أن اتفاقيات التطبيع ليست كافية لترسيخ الدفء في المعاملة، على الرغم من ست معاهدات سلام بين إسرائيل والدول العربية، وبعد عامين من عناوين الأخبار المتفائلة التي رافقت اتفاقيات إبراهام التي أقامت علاقات دبلوماسية مع دولتين خليجيتين - الإمارات العربية المتحدة والبحرين، بالإضافة إلى المغرب والسودان، زعم العديد من المراسلين الإسرائيليين إنهم تعرضوا لـ "الاعتداء اللفظي"، وأعربوا عن أسفهم لسوء معاملتهم من قبل الجماهير العربية الحاضرين في الحدث الدولي، أي أن كأس العالم في قطر هو علامة أخرى على أن إسرائيل، على مستوى الشارع، تعتبر دولة معادية، وفقًا لبعض الخبراء، ويؤكد محمد مجادلة، مدير الأخبار في إذاعة ناس في الناصرة شمال إسرائيل، أنه لا ينبغي أن يفاجأ أحد بالاستقبال الفاتر، مضيفًا: "السلام يصنعه الناس وليس مع الحكومات، ومن مزايا كأس العالم هذه أنها عرّضت الإسرائيليين لحقيقة لا يريدون الاعتراف بها، وهي أن جميع اتفاقيات السلام الوهمية مع دول الخليج لا تقدم ولا تؤخر ما دامت إسرائيل تحتل أراضي الفلسطينيين".

القضية الفلسطينية تهيمن على المشهد
إن سبب تجنب الإسرائيليين في كأس العالم يشير إلى موضوع واحد، "في الأساس، هو القضية الفلسطينية" ولكنه يلقي باللوم أيضًا على "النظام التعليمي في بعض الدول العربية" الذي يعكس كراهية إسرائيل والإسرائيليين، وهذه زاوية يحب الإسرائيليون الحديث عنها كلما أرادوا التنصل من أي ذنب في حق الفلسطينيين، ويرفض العديد من مشجعي كرة القدم التحدث إلى المراسلين عندما يكتشفون أنهم من إسرائيل وسلطت مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي الضوء على الاستقبال البارد الذي واجهه هؤلاء المراسلون، وتقريبا كل صحفي إسرائيلي حضر الحدث تم تجاهله بشكل رئيسي من قبل المشجعين العرب وواجه صعوبة في إقناع العرب بالتحدث معه بمجرد اكتشاف المشجعين أنه يعمل لدى وسيلة إعلامية إسرائيلية، وتوجه الصحفي راز شيشنيك الذي يعمل في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إلى أحد مشجعي كرة القدم حاملًا العلم الفلسطيني، وقال: "لا يوجد شيء اسمه إسرائيل، إنها فلسطين فقط" ورفع أحد المشجعين التونسيين لافتة كتب عليها "فلسطين حرة" عندما طلب منه إجراء مقابلة بينما قال آخر لصحفي إسرائيلي يحاول إجراء مقابلة معه: "لا إسرائيل، فقط فلسطين" وعندما سئل العديد من الصحفيين الإسرائيليين، أخبروا الجمهور بأنهم من دولة أخرى غير إسرائيل ليوافقوا على الحديث معهم، حتى بعد أن وقعت إسرائيل على اتفاقية كامب ديفيد مع مصر منذ عام 1979، ومعاهدة وادي عربة مع الأردن عام 1994 وعلى المستوى الرسمي، العلاقات دافئة ومهنية، ولكن على مستوى الأفراد، فهي باردة.

اتفاقيات إبراهام والعلاقات العربية الإسرائيلية
قال دوريان باراك، رئيس مجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي، لصحيفة ميديا لاين إن تغيير التوتر الحالي لا يمكن أن يحدث إلا من خلال الجهود الشعبية ويقول باراك إنه "من أشد المؤمنين بالسلام بين الشعوب".

وأضاف باراك: "عندما يكون هناك ارتباط بين الإسرائيليين والعرب من كل دولة، فإنك تميل إلى أن تكون هناك علاقة أكثر دفئًا. أعتقد أن العنصر المفقود على مستوى الأشخاص هو مجرد عنصر اتصال، لأن لدينا الكثير من القواسم المشتركة" ويقول إنه على الرغم من "القضايا السياسية التي تفرقنا، كأفراد لدينا الكثير من أوجه التشابه الثقافي"، ولكن رفيق عوض لا يوافقه الرأي، قائلًا إن "اتفاقيات إبراهام لم تغير العلاقات العربية الإسرائيلية، وهناك انطباع بأنه بمجرد وصول الإسرائيليين إلى قطر، سيتم الترحيب بهم بأذرع مفتوحة وسيستقبلون بالورود، وستحملهم الجماهير على أكتافهم، متناسين أن حكوماتهم المتعاقبة تضطهد الشعب العربي الفلسطيني" وطالما استمر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دون حل، فإن "التطبيع الحقيقي لن يحدث".

وتابع: "هذا العام وحده قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 150 فلسطينيا.. ماذا يتوقعون وردة وشكرًا؟ كان التفكير في أننا سنقبل بحرارة في هذه المنطقة من العالم دائمًا، في جميع الأوقات، وهمًا، ولا يزال كذلك نحن بالفعل مقبولون من قبل معظم دول المنطقة، ولكن على مضض، اعترافًا منهم بأنهم لا يستطيعون التخلص منا، وأننا مفيدون لبعض الأغراض وهذا لن يتغير أبدا، وإذا كان العرب ينظرون إلينا في أي وقت على أننا ضعفاء عسكريًا أو اجتماعيًا، فسوف يبذلون كل الجهود، بما في ذلك العسكرية، لتدمير إسرائيل إلى الأبد".