الرئيس الأوكراني بعد تسعة أشهر على الغزو الروسي: "نحن شعب عصي على الكسر"
ظلت معظم أنحاء أوكرانيا بدون تدفئة أو كهرباء بعد أكثر الضربات الجوية الروسية تدميرا على شبكة الطاقة حتى الآن، ونبهت السلطات سكان كييف إلى الاستعداد لمزيد من الهجمات وتخزين المياه والطعام والملابس الثقيلة.
ويصادف اليوم الخميس مرور تسعة أشهر على اليوم الذي بدأت فيه موسكو ما أسمته “عملية عسكرية خاصة” لحماية الناطقين بالروسية. وتقول أوكرانيا والغرب إن الغزو هو حرب عدوانية غير مبررة.
ومنذ أوائل أكتوبر تشرين الأول، أطلقت روسيا صواريخ مرة واحدة في الأسبوع تقريبا في محاولة لتدمير شبكة الكهرباء الأوكرانية.
وتعترف موسكو بمهاجمة البنية التحتية الأساسية، قائلة إنها تهدف إلى الحد من قدرة أوكرانيا على القتال ودفعها للتفاوض. أما كييف فتقول إن مثل هذه الهجمات جريمة حرب.
وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في خطاب ليلي مصور “لقد تحملنا معا حربا شاملة على مدار تسعة أشهر، ولم تجد روسيا طريقة لكسرنا، ولن تجد لذلك سبيلا، فنحن شعب عصي على الكسر”.
كما اتهم زيلينسكي روسيا بقصف مدينة خيرسون بجنوب أوكرانيا التي تخلت عنها في وقت سابق من هذا الشهر. وقالت السلطات المحلية إن سبعة قتلوا وأصيب 21 في هجوم روسي اليوم الخميس.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) أن أوكرانيا باتت بقعة مظلمة على الكرة الأرضية ليلا.
وقال زيلينسكي إنه في الوقت الذي تُستعاد فيه الكهرباء والتدفئة والاتصالات والمياه تدريجيا، لا تزال هناك مشاكل في إمدادات المياه في 15 منطقة.
وقالت شركة أوكرنرجو، التي تشرف على شبكة الكهرباء الوطنية في أوكرانيا، أن 50 في المئة من الطلب لم يُلب حتى الساعة السابعة مساء بتوقيت كييف (1700 بتوقيت جرينتش).
وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن العاصمة، التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، شهدت انقطاع الكهرباء عن 60 في المئة من السكان وسط درجات حرارة أقل بكثير من درجة التجمد.
وقال مجلس مدينة كييف “نتفهم أن مثل هذه الضربات الصاروخية يمكن أن تحدث مرة أخرى. علينا أن نكون مستعدين لأي تطورات”.
وأنشأت السلطات “مراكز حصينة”، حيث يمكن للناس شحن الهواتف والتماس الدفء وتناول المشروبات الساخنة.
وقالت امرأة في أحد هذه المراكز بكييف “هذا هو اليوم الثاني الذي نفتقر فيه إلى الكهرباء والطعام. ينتظر أكثر من 60 طفلا الطعام ولا يمكننا تحضير أي شيء ما لم يُستعد التيار الكهربائي”.
وأدى الهجوم الروسي الأخير إلى مقتل 11 شخصا وإغلاق جميع المحطات النووية الأوكرانية لأول مرة منذ 40 عاما.
وقال زيلينسكي لصحيفة فايننشال تايمز إن ضربات هذا الأسبوع أوجدت وضعا لم نشهده منذ 80 أو90 عاما- “دولة في القارة الأوروبية لا يوجد فيها ضوء على الإطلاق”.
وبحلول وقت مبكر من المساء، قال مسؤولون إن مفاعلا في محطة خميلنيتسكي النووية أُعيد توصيله بالشبكة.
وقالت شركة الطاقة النووية الأوكرانية إنرجواتوم إن محطة زابوريجيا الضخمة في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا أعيد توصيلها اليوم الخميس.
وفي موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الأوكرانيين يعانون من خطأ كييف لأنها رفضت الانصياع لمطالب موسكو التي لم يفصح عنها. وتقول أوكرانيا إنها لن تتوقف عن القتال إلا بعد رحيل جميع القوات الروسية.
يقول المسؤولون النوويون إن انقطاع التيار الكهربائي يمكن أن يعطل أنظمة التبريد ويسبب كارثة نووية.
في غضون ذلك، قال مسؤول باللجنة الدولية لشؤون المفقودين ومقرها لاهاي إن أكثر من 15 ألف شخص فُقدوا خلال الحرب في أوكرانيا.
وقال مدير برنامج اللجنة في أوروبا ماثيو هوليداي إنه لم يتضح بعد عدد الأشخاص الذين نُقلوا قسرا أو المحتجزين في روسيا أو الذين هم قيد الحياة لكنهم منفصلون عن عائلاتهم أو ماتوا ودُفنوا في مقابر مؤقتة.
وتحولت موسكو إلى أسلوب ضرب البنية التحتية لأوكرانيا حتى في الوقت الذي ألحقت فيه كييف هزائم في ساحة المعركة بالقوات الروسية منذ سبتمبر أيلول. كما أعلنت روسيا ضم الأراضي التي تحتلها واستدعت مئات الآلاف من جنود الاحتياط.
وسيكون الشتاء الأول في الحرب الآن اختبارا لمعرفة ما إذا كان بإمكان أوكرانيا المضي قدما في معركتها لاستعادة الأراضي، أو ما إذا كان بإمكان القادة الروس مواصلة الإمدادات لقوات الغزو وإيجاد طريقة لوقف الواقعة الدافعة التي اكتسبتها كييف.
وقال زيلينسكي إن القوات الأوكرانية تستعد للتقدم في بعض المناطق لكنه لم يذكر تفاصيل.
وبعد التقهقر، صار لروسيا خط أقصر كثيرا للدفاع عنه من أجل الاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها، حيث يغلق نهر دنيبرو حاليا أكثر من ثلث الجبهة.
وقال مارك هيرتلنج، وهو قائد سابق للقوات البرية الأمريكية في أوروبا، عبر تويتر “ستزيد قدرات أوكرانيا ببطء، لكن المناورة المستمرة شرق نهر دنيبرو وفي منطقة دونباس التي تحتلها روسيا ستتضمن معارك أشد ضراوة”.
وأضاف “ستواجه الروح المعنوية الأوكرانية اختبارا باستمرار الهجمات الروسية ضد البنية التحتية المدنية، لكن أوكرانيا ستثابر”.
وتمضي روسيا في هجماتها على خط المواجهة غربي مدينة دونيتسك، التي يسيطر عليها وكلاء لموسكو منذ عام 2014.
وتقول أوكرانيا إنها قتلت آلاف الجنود الروس هناك ولم تتنازل عن أراض تذكر، واصفة الروس بأنهم دخلوا المعركة بدون معدات أو تدريب كاف بأي صورة من الصور.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الروسية حاولت مرة أخرى التقدم نحو هدفيها الرئيسيين في منطقة دونيتسك، بلدتي باخموت وأفدييفكا، دون أن تحقق سوى نجاح محدود.
وإلى الجنوب، توغلت القوات الروسية على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وقصفت مناطق عبره من بينها خيرسون، التي استعادتها القوات الأوكرانية هذا الشهر.