رحلة العائلة المقدسة.. 25 محطة تربط أقدس المواقع في مصر
كان الذهاب إلى كنيسة السيدة العذراء في مصر، على قمة جبل الطير، ينطوي في السابق على تسلق عمودي للجبل ومغامرة محفوفة بالمخاطر على منحدر يرتفع مباشرة من النيل متبوعًا بسلسلة من الصخور شديدة الانحدار، وتقع الكنيسة على بعد حوالي 250 كيلومترًا جنوب القاهرة، وكان هواة التسلق مفتونين بالتاريخ الغامض على مدار قرون.
ولكن زيارة مراسل بي بي، أنتوني جاكسون، الأحدث إلى الكنيسة كانت "أكثر سلاسة"، على حد وصفه، في سيارة مكيفة على طول طريق جيد، فقد اتجهت جنوبا على طول الضفة الشرقية للنيل مرورا بمناظر طبيعية ومساحات بيضاء لمحاجر تعود إلى عصر المصريين القدماء ثم مرورًا بمقابر الأقباط مع الاقتراب من جبل الطير المقدس، حيث يُعتقد أن العائلة المقدسة - مريم وعيسى ويوسف النجار قد استراحوا بعد فرارهم من بيت لحم هربًا من غضب الملك هيرودس، كما يحكي الكتاب المقدس، فقد أمر الملك بموت جميع أطفال بيت لحم، لكن ملاكًا ظهر ليوسف في المنام، وأخبره أن "يأخذ الطفل الصغير وأمه ويهرب إلى مصر" وفقًا لماثيو، فأطاع الثلاثي هذه التعليمات وغادروا في الليلة التالية.
وفقًا للتقاليد المسيحية القبطية، استنادًا إلى الرؤى المقدسة والتقاليد المحلية، كانت الأسرة تقضي السنوات الثلاث والنصف القادمة في الانتقال، من بيت لحم إلى دلتا النيل في مصر، ثم تتبع النهر جنوبًا حتى صعيد مصر وشاهد المصريون عشرات المعجزات، وقد قطعت رحلتهم المهمة ذهابًا وإيابًا أكثر من 3000 كيلومتر، وعندما وصل المراسل إلى كنيسة السيدة العذراء، كانت محاطة بسياج حديدي صغير كأي متحف ثمين وجدرانها مغطاة بالجبس حديثًا.
على أمل تعزيز "السياحة الروحية"، أطلقت وزارة السياحة والآثار المصرية مشروع مسار العائلة المقدسة، الذي يرسم حوالي 25 محطة توقفت فيها العائلة على طول الطريق الشهير ويضم المسار بعض أقدم دور العبادة في البلاد، كنيسة العذراء المباركة والمغارة المقدسة التي شيدت لاحتوائها، بالشراكة مع مختلف الأبرشيات والمؤسسات الأخرى.
وتحاول الوزارة أيضًا ترميم هذه الأماكن المقدسة وتعزيزها بالمناظر الطبيعية والإضاءة واللافتات؛ وتحسين طرق الوصول؛ وتطوير أماكن الإقامة على طول الطريق، مع وجود بعض التغييرات الجوهرية فإن البعض الآخر مجرد جهود تجميلية، ولكن يكفي أن عبارة طريق العائلة المقدسة بدأت تتردد بقوة في البرامج السياحية التي تروج لها العديد من الشركات المصرية.
دلتا النيل
بعد اتباع ساحل البحر الأبيض المتوسط المصري من مدينة رفح إلى ميناء بيلوسيوم الكلاسيكي، يتقاطع طريق العائلة المقدسة جنوبًا باتجاه القاهرة عبر مدينة بوباستيس القديمة وهنا، وفقًا للتقاليد المسيحية القبطية، وتسبب وصول الطفل المبارك في اهتزاز أساسات الهيكل، مرددًا ما تنبأ به إشعياء في العهد القديم عندما قال: "سترتجف أصنام مصر من حضوره"، وعند الفرار من غضب السكان المحليين، تسبب يسوع في انفجار ينبوع لإخماد عطش الثلاثي وهو بئر يعتقد أنه تم بناؤه في موقع النبع محاطة الآن بسياج لمنع الحجاج من شرب مياهه.
واستقبلت العائلة بترحيب حارا في ضواحي القاهرة الحديثة في مسطرد، وهي بلدة ابتلعها الزحف العمراني للمدينة وتوقفت عند كنيسة القرن الثاني عشر التي شُيدت لإحاطة المحامة (مكان الاستحمام)، وهي بئر أخرى يُعتقد أن الأسرة قد شربت واغتسلت منها وكانت محاطة بعشرات بالمصلين، وكتب بعضهم أدعية وصلوات في كهف مقدس قريب، قضت فيه العائلة المقدسة ليلتها، ثم ينحرف الطريق إلى الشمال قبل عبور مفترق النيل الغربي واكتشفت درب العائلة على أطراف الصحراء في وادي النطرون.