لماذا تظل أوضاع العراق قابلة للانفجار رغم منح الثقة لحكومة السوداني؟
حذر رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية هادي جلو مرعي، من أن الأوضاع في العراق ستظل قابلة للانفجار في أي لحظة على الرغم من منح البرلمان العراقي ثقته لحكومة محمد شياع السوداني، وقال خلال تعليق بعث به إلى "الرئيس نيوز": "إن الفشل في محاربة الفساد، والتقصير في تقديم الخدمات، وعدم التحرك نحو الملفات الصعبة، وعدم توفير الخدمات، وعدم استرداد الأموال المنهوبة التي تصل الى مئات المليارات من الدولارات، سيكون ذلك جميعًا بمثابة وضع على المحك قابل للانفجار مجددًا في أي لحظة".
وقال رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية هادي جلو مرعي، تعليقًا على منح مجلس النواب العراقي الثقة لحكومة محمد شياع السوداني، "هدوء يسبق العاصفة أم عاصفة إنتهت بهدوء"، لافتًا إلى أن قرار منح الثقة جاء بعد مخاض عسير ومواجهات في الشارع وفي البرلمان، وعلى منصات الأنترنت ووسائل الإعلام.
وخلال وقت سابق، اجتمع مجلس النواب العراقي ومنح الثقة لحكومة محمد شياع السوداني التي تسلمت مهامها بهدوء بالغ من حكومة الكاظمي.
تغييرات في هيكل الحكومة
ووفق مرعي فإن حكومة شياع شرعت بجملة تغييرات في هيكل الحكومة بعد تفاهمات مهمة مع قوى فاعلة سياسية تمثل مكونات الشعب العراقي القومية والدينية.
لفت إلى أن أبرز تلك التفاهمات كانت مع القوة الكردية الأهم والأبرز في أربيل بزعامة الرئيس مسعود البرزاني، وقوى السيادة بزعامة الشيخ خميس الخنجر ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي التي مكنت من إنهاء الإنسداد السياسي، وصوتت لحكومة السوداني سابع رئيس للوزراء منذ العام 2003.
قال مرعي إن مسؤولية صعبة تقع على عاتق حكومة شياع بعد سنوات من الجفاف السياسي والأمني والارتباك الواضح في الإجراءات برغم وفرة الموارد المالية التي يمكن الإعتماد عليها بإعتماد سياسة حكم رشيد إعترضتها مصالح محلية ودولية ومواقف ممانعة من هذا الطرف أو ذاك.
معوقات كثيرة
أكد رئيس المرصد العراقي أن هناك جملة من المعوقات تضعفت إلى حد بعيد موقف كل رئيس وزراء يتولى مقاليد السلطة في بلاد الرافدين مع ما فرضته التدخلات الخارجية من عوامل إنهاك وفقدان للسيادة والقرار المستقل.
يضيف مرعي: "العراق يتغير برغم وجود النار تحت رماد الأزمات المتعاقبة، لكن الفاعل الدولي هو الآخر تغير مزاجه، وتغيرت الوجهة لديه نحو براجماتية عالية تجعل من بعض المواقف الحالية غريبة مقارنة بمواقف من نفس الفاعل قبل سنتين، أو ثلاث، ويعود ذلك الى حجم وتأثير التحولات الدولية الهائلة، والمصاعب التي تواجه الدول المهتمة بالشأن العراقي بدءا من أزمة الطاقة العالمية، وصراع الأقطاب التي أضيفت إلى القائمة منافسة شرسة بين الفاعل الإيراني المؤثر، والعربي المتحفز لمنع العراق من الذهاب بعيدا في دائرة الرؤية الإيرانية".
يتابع رئيس المرصد الصحفي العراقي: "لقد أنهك الطرف الإيراني، ومعه الطرف العربي بسبب تطورات وتحولات لم تكن متوقعة، وجاءت متسارعة، وبنسق صادم أثمرت عن تغيير في الرؤية والفعل السياسي، وقرارات حاسمة لبت ظروفا موضوعية مهدت لتشكيل الحكومة العراقية بطريقة لم تكن متوقعة، مع حديث مستمر عن إمكانية الإبقاء على حكومة الكاظمي".
ضغط التيار الصدري
وعن موقف التيار الصدري من التطورات الأخيرة، يقول مرعي: "مع استمرار ضغط التيار الصدري على قوى الإطار التنسيقي الشيعي المتهم بقربه من إيران، ومع ما أفرزه حراك تشرين الذي بدأ في أكتوبر 2019 واستمر لأشهر طويلة، لكنه انتهى إلى عدم قدرة على التأثير المباشر في نظام الحكم الذي بقي متماسكا، وأفرز حكومة جديدة، لكنها قد تكون مختلفة لجهة التحديات التي تنتظرها، أو لجهة المسؤوليات، وحجم التراكمات الماضية، وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات التي عصفت بالبلاد على صعد شتى".
احتمالات الانفجار
يتابع مرعي: "ولأن تلك الأزمات لم تتوفر عوامل حل حقيقية لها فقد تكون مرشحة للإنفجار في أية لحظة برغم عدم وجود فاعل دولي لتأجيجها مؤقتا على الأقل وقد يكون سبب التأجيج الفشل في محاربة الفساد، والتقصير في تقديم الخدمات، ولذلك فمن المهم التحرك نحو الملفات الصعبة، وتوفير الخدمات، وإحداث فرق في الحرب على الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة التي تصل الى مئات المليارات من الدولارات، ويكون الجواب على السؤال التالي عن الوضع الراهن الذي يشهد هدوءا حذرا: هدوء يسبق العاصفة، أم عاصفة إنتهت بهدوء؟".
يختتم مرعي حديثه بالقول: "إن ذلك مرهون بالأداء الحكومي الذي يجب أن يتوجه الى تلبية المطالب الشعبية التي سببت المشكلة بين الشعب والنظام السياسي طوال عقدين من الزمن حيث الفشل في تقديم أداء مقنع، ولذلك فنحن بانتظار ما ستفعله حكومة السوداني خلال الأسابيع والأشهر المقبلة لنحكم على المشهد. فإما أن نعود الى حالة الفشل، أو نخطو نحو نجاح نتمناه".