تقرير يكشف تأثير تعثر ممر الحبوب الأوكراني على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
رجحت دراسة أجرتها "آنا بورشيفسكايا" زميلة معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى حول سباق القوى العظمى في الشرق الأوسط أن روسيا ستستمر في استخدام ممرات البحر الأسود كوسيلة ضغط على الدول الغربية، لذلك يتعين على الدول الغربية وشركائها إعداد طرق بديلة ومساعدات أخرى كقوة ضغط مضادة، وبعد أن علقت موسكو لفترة وجيزة مشاركتها في تنفيذ مبادرة ممر الحبوب عبر البحر الأسود، وفي أعقاب تعرض السفن الحربية الروسية لهجوم في ميناء سيفاستوبول في القرم، أصبح ذلك من الناحية العملية، يعني إيقاف مشاركة موسكو في الجوانب الرئيسية للاتفاق الذي يحظى بدعم الأمم المتحدة مثل إجراء عمليات تفتيش متعددة الجنسيات لسفن الحبوب وجدولة سفن جديدة للوصول إلى الموانئ الأوكرانية وهي عوامل يمكن أن توقف المبادرة إذا علقت روسيا مشاركتها إلى أجل غير مسمى واستأنفت الحصار البحري.
وعند إعلان القرار، أعلنت موسكو أن الهجوم كان عملًا إرهابيًا نفذته كييف بمشاركة خبراء بريطانيين ضد سفن أسطول البحر الأسود وسفن مدنية مشاركة بنشاط في أمن ممرات الحبوب رغم أن الحادث فعلًا جرى بعيدًا عن أي من الممرات الإنسانية التي توسطت فيها الأمم المتحدة وتركيا هذا الصيف، ولحسن الحظ، تجاهلت سفن النقل إلى حد كبير قرار روسيا واستمرت في تسليم الحبوب، وسرعان ما تراجع الكرملين عن تعليقه لنشاط نقل الحبوب ومع ذلك، كان الحادث واحدًا فقط من سلسلة من الجهود الروسية لتحويل اتفاقية الحبوب إلى سلاح في الحرب الدائرة، ويمكن توقع المزيد من هذه المحاولات عندما يحين موعد تجديد اتفاقية بازل في 19 نوفمبر، على الرغم من حقيقة أن وزراء خارجية مجموعة السبع قد دعوا لتمديد اتفاق ممر الحبوب فإذا نجحت موسكو في تقويض الاتفاق، فسوف تتأثر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل خاص.
أزمة غذاء حادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
عندما غزت روسيا أوكرانيا وحاصرت موانئ البلاد المطلة على البحر الأسود، وقفت لمنع تسليم حوالي 25 مليون طن متري من الحبوب وغيرها من المواد الغذائية الأساسية إلى الأسواق الدولية، مما أدى إلى حدوث أزمة غذائية عالمية، فإذا تُرك الوضع دون رادع، فقد تنذر أزمة الغذاء بالاضطرابات الاجتماعية والضغوط الأخرى في مناطق مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي هي عرضة بشكل خاص للعلاقة الناتجة عن ارتفاع أسعار الوقود والغذاء والضروريات الأخرى، وأشارت الباحثة إلى أن موسكو تدرك جيدًا هذا الضعف وقد حاولت مرارًا وتكرارًا استخدامه ضد الغرب.
وتجدر الإشارة إلى أن روسيا وأوكرانيا مسؤولتان عن ثلث صادرات العالم من القمح والشعير، وخُمس صادراتها من الذرة، ونصف صادرات زيت عباد الشمس، وجزء كبير من الأسمدة كما تعتمد بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل خاص على هذه الإمدادات وكانت تعاني بالفعل من ارتفاع أسعار الحبوب قبل الحرب، ويرجع ذلك أساسًا إلى مزيج من تأثيرات الجفاف والصدمات الاقتصادية العالمية الناتجة عن جائحة كوفيد، وقد أدى الغزو الأوكراني إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما أثار مخاوف من أن بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد تتعرض في نهاية المطاف لنفاد مخزونها من المواد الغذائية الأساسية مثل القمح ومما يثير القلق بشكل خاص الدول التي تكافح مع عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الموجود مسبقًا، وهي أفغانستان ولبنان وليبيا والصومال وسوريا وتونس واليمن.