رئيس الوزراء: التضامن بين جميع الأطراف هو أقصر الطرق لمواجهة تغير المناخ
افتتح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فعاليات «يوم التمويل»، الذى تنظمه وزارة المالية بالجناح المصري بالمنطقة الزرقاء، ضمن اجتماعات قمة المناخ التي تستضيفها مصر خلال الفترة من ٦ إلى ١٨ نوفمبر الجارى بمدينة شرم الشيخ.
وحضر الجلسة الافتتاحية الدكتور محمد معيط، وزير المالية، وديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولي، وكريستالينا جورجييفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي، وزينب أحمد، وزير مالية نيجيريا، والدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، ومارك كارني، المبعوث الخاص للأمم المتحدة للعمل والتمويل المناخي، وأوديل رينو باسو، رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وآخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعدد من المعنيين بقضايا تمويل المناخ.
وفي مستهل كلمته، رحب رئيس الوزراء بالحضور في مدينة شرم الشيخ، التى تعد أول مدينة خضراء في مصر، مشيرًا إلى أن هذا التجمع فى "يوم التمويل" يأتي على هامش اجتماعات قمة تغير المناخ، والتي تعد دليلًا على الترابط بين السياسات المالية وقضايا المناخ، والتي تؤثر بدورها على موارد الدول، وخاصة النامية منها، وبالتالي على مستوى الموارد المالية المتاحة للحكومات، مضيفًا أنها أصبحت عاملًا حاسمًا لدعم جهود تغير المناخ على كل من مستويى: التخفيف والتكيف.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي، أن التضامن بين جميع الأطراف أضحى خيارًا لا يمكن الاستغناء عنه، حيث إن التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية، في مسار متكامل ومتناسق، هو أقصر الطرق وأقلها تكلفة للوصول إلى نجاح الجهود لمواجهة تغير المناخ.
وأعرب رئيس الوزراء عن أن "يوم التمويل" يكتسب أهمية ملحوظة باعتباره أحد الأحداث الموازية لمؤتمر المناخ، مؤكدًا على حرص مصر كرئيسة للمؤتمر على الإعداد الجيد لاجتماعات اليوم من خلال برنامج مكثف يتضمن مناقشات حول موضوعات مختلفة تتعلق بمبادرات التمويل الإبداعي، وتشجيع القطاع الخاص على التحول إلى اقتصاد أخضر، وتحقيق انتقال عادل يُحقق الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، لكى تعطى جهود التنمية الأولوية لرفاهية الإنسان، وهو هدف جميع الحكومات في جميع أنحاء العالم.
وأضاف مدبولى أن هذه الجهود لا ينبغي أن تضيف المزيد من الأعباء على المواطنين خاصة في الدول النامية، الذين لا يتحملون أي مسؤولية عن الكوارث الناجمة عن تغير المناخ، ونأمل أن يدرك شركاؤنا في الدول المتقدمة تمامًا ضرورة الوفاء بالتزاماتهم السابقة في هذا الصدد.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي في كلمته: يشهد عالمنا سلسلة غير مسبوقة من الأزمات العالمية ذات الآثار المتعددة، فمنذ عام 2019، واجهت البشرية تفشي فيروس كورونا، تلتها الصدمة الاقتصادية بسبب الصراع الروسي الأوكراني، وزيادة أسعار الغذاء والطاقة، وما ترتب على ذلك من ارتفاع معدلات التضخم، في جميع اقتصادات العالم، مما أدى إلى التباطؤ الملحوظ في النمو الاقتصادي العالمي، وزيادة المشاكل الإنسانية والأزمات التي طال أمدها، لذلك، فإن إيجاد مخرج من هذا الوضع يتطلب تضامنًا عالميًا يضع مصلحة الإنسانية فوق أي اعتبارات أخرى.
وتابع مدبولي كلمته: من هذا المنطلق، يعتمد نجاح مناقشات اليوم على القدرة الجماعية على تقديم مبادرات جادة وفعالة وقابلة للتنفيذ.
وأعلن رئيس الوزراء عن تعاون وزارة المالية المصرية مع الشركاء لصياغة مبادرتين، تمت مناقشتهما اليوم، تتعلقان بتسهيل مبادلة الديون لتغير المناخ وخفض تكلفة الاقتراض الأخضر، بما يتماشى مع اتفاقية باريس ونتائج جلاسكو، وعلى وجه التحديد فيما يتعلق بتمويل التكيف، موضحًا أن مصر تأمل أن تترجم هذه المبادرات إلى التزامات جادة، إلى جانب الأفكار الأخرى التي قد يطرحها المشاركون، للتأثير بشكل إيجابي والمساعدة فى توفير موارد إضافية للدول النامية، وخاصة الأفريقية، التي تستضيف مصر المؤتمر نيابة عنهم.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه أصبح من الواضح أن المستقبل الاقتصادي للكوكب في خطر كبير ما لم نتمكن من ضمان استجابة جميع الاقتصادات بشكل متناغم ضد التغيير المستمر الذي نشهده في مناخنا، موضحًا ما تشير له التقديرات من أن حوالي 4٪ من الناتج الاقتصادي العالمي السنوي يمكن أن يٌفقد بحلول عام 2050، مع احتمال أن تواجه البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى هذه الخسائر.
ونوه إلى أن هناك حاجة إلى موارد مالية كبيرة للحد من آثار تغير المناخ على كوكبنا، ويمكن أن يزداد هذا الرقم إذا لم يتم التحرك وتنفيذ التدابير والسياسات اللازمة للتخفيف من أزمة المناخ.
وتابع مدبولي: على الرغم من هذه الحقائق، والجهود المبذولة على مر سنوات من التعهدات والوعود وكذلك الأطر والآليات، لم يكن التمويل المناخي كافيًا من ناحية الكم والنوع، مع التعهدات التي لم تتحقق في الأوقات التي تحتاج فيها الاقتصادات إلى وصول أفضل وأسهل للتمويل اللازم للتخفيف من أزمة المناخ التي يواجهها عالمنا والتكيف معها.
وأشار إلى أن البلدان الإفريقية على وجه الخصوص تواجه تحديات هائلة في هذا المجال، خاصة مع استمرار الأزمة الاقتصادية، فأسعار الفائدة المرتفعة، والوصول المحدود إلى أسواق الاقتراض الدولية؛ تجعل من الصعب على البلدان الأفريقية جمع التمويل اللازم لحماية بيئتها وحماية اقتصاداتها من خطر تغير المناخ، مؤكدًا استعداد مصر الجاد لمناقشة جميع الأفكار والمبادرات التي تهدف إلى تحقيق قفزة في جهود تمويل المناخ، بما يتماشى مع قيادتنا للعمل المناخي الدولي كرئيس المؤتمر.
واختتم رئيس الوزراء كلمته، مؤكدًا أن التمويل هو حجر الزاوية للوفاء بالالتزامات الوطنية نحو الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وإن الوضع الحالي للأزمة الاقتصادية العالمية والتحديات التي تطرحها هي نقاط رئيسية يجب أن يتم مناقشتها وإيجاد حلول لها، بما في ذلك ضرورة تحقيق التوازن بين التكيف والتخفيف، لافتا إلى أنه شهد بالأمس التوقيع على عدد من اتفاقيات التمويل ضمن منصة "نوفي" والتي تضمنت عددا من المشروعات في مجموعة من القطاعات المختلفة، حيث تعتبر المنصة خطوة مهمة نحو البدء في تنفيذ التعهدات نحو العمل المناخي، وكذا ضمن الغستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية.
من جانبه أوضح الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أن يوم التمويل تجمع فيه مصر عددا من مؤسسات التمويل الدولية والبنوك العالمية وغيرها من الجهات المعنية بقضايا تمويل المناخ، حيث من المقرر أن يناقش المشاركون في «يوم التمويل» استحداث أدوات ونظم التمويل المبتكر والميسر من أجل خفض تكلفة التحول للاقتصاد الأخضر، على نحو يسهم في تسهيل التصدي لآثار «تغير المناخ» خاصة بالدول الإفريقية والنامية.
وأضاف معيط أن التغير المناخي خطر يهدد العالم أجمع، ولا يمكن للدول أن تعمل بنجاح في العمل المناخي بدون العمل الجماعي، وذلك على مستوى الدول وكذا مؤسسات التمويل الدولية، وشركاء التنمية، لافتًا إلى أنه لا يوجد وقت لإضاعته، حيث يجب علينا أن نعمل معًا على تنفيذ تعهداتنا نحو قضايا المناخ.
من جانبه، أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة للعمل والتمويل المناخي على أهمية مشاركة التمويل من مؤسسات التمويل الخاص لملء الفجوة الموجودة لتنفيذ المشروعات المستدامة.
وتحدث الدكتور محمود محيي الدين، خلال الجلسة الافتتاحية فأشار إلى أن قمة المناخ COP27 هي الفرصة الملائمة لبناء المصداقية نحو العمل على تنفيذ الالتزامات العالمية نحو التحول المناخي وخفض الانبعاثات الكربونية، مؤكدًا أن الخطوة الأهم الان هي ملء الفجوة الحالية لتمويل المشروعات التي نطمح لتنفيذها.
وفي كلمتها، أوضحت كريستالينا جورجييفا ضرورة تنفيذ التعهدات الخاصة بالعمل المناخي فيجب أولًا العمل على خفض مزيد من الانبعاثات الكربونية وتخصيص معدل أعلى من الاستثمارات في المجالات المستدامة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وأضافت: "يجب أن نعمل معا من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا.. فعندما تنظر إلى صورة طفلك الصغير يجب عليك أن تفكر جيدا فيما يجب أن تفعل من أجل حمايته، في إشارة إلى ضرورة حماية كوكبنا من أجل الأجيال القادمة"، واختتمت حديثها بعبارة: "يجب أن نفعل الشيء الصحيح".