الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حوار| محمد الغيطي: انتقادات «الضاحك الباكي» كلها حقد وكراهية.. ومصر مات بها النقاد

الرئيس نيوز
  • الغيطي: مصر مات بها النقاد.. وما يحدث هو تعليقات انطباعية تحكمها أغراض شخصية
  • لقب «الضاحك الباكي» أطلقه طه حسين على نجيب الريحاني 
  • هناك من يسعى لتشويه المسلسل لخوفه من عودة محمد فاضل إلى الساحة 
  • «الضاحك الباكي» أول مسلسل يحدث جدل ثقافي وفني منذ سنوات طويلة
  • العمل يجتمع حوله كافة أفراد الأسرة ويشاهده الناس في المقاهي
  • واقعة اغتيال بطرس غالي موثقة في «الأهرام».. واستخدمت كافة مفردات المرحلة في الحوار

أصداء واسعة واجهت مسلسل "الضاحك الباكي"، والذي ينتمي لدراما السيرة الذاتية والتاريخية، إذ يروي المسلسل قصة حياة الفنان الراحل نجيب الريحاني، حيث بدأت حملات الهجوم والانتقادات على المسلسل مبكرا.

وبعد عرض أولى حلقاته مباشرة على شاشة قنوات “CBC” و"CBC دراما"، بالإضافة لعرضه بالتزامن على منصة “WATCH IT”، التابعين للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، بدأت حملات واسعة من الانتقادات على العمل، وقد طالت هذه الانتقادات الكاتب والسيناريست محمد الغيطي مؤلف المسلسل، والمخرج الكبير محمد فاضل، والفنانة فردوس عبدالحميد، وبطل العمل الفنان عمرو عبدالجليل، الذي يجسد شخصية نجيب الريحاني في أحداث مسلسل "الضاحك الباكي".

وحول ما تعرض له مسلسل "الضاحك الباكي" من انتقادات، أكد الكاتب والسيناريست محمد الغيطي في حوار مع "الرئيس نيوز"، أن العمل يتم استهدافه من البعض لعدة أسباب، كاشفا أن هناك حملة ممنهجة على المسلسل وعلى فريق عمله.

وقال الغيطي: "كل من هاجم المسلسل إما لم يشاهده أو لديهم كراهية وحقد على محمد فاضل أو فردوس عبدالحميد أو عليّ شخصيا، ويزعجهم عودتنا للعمل والتواجد على الساحة مجددا، ويرفضوا وجود الأجيال السابقة".

وإلى نص الحوار:

بوستر مسلسل الضاحك الباكي
  • لماذا لم تتقبل النقد الموجه لمسلسل "الضاحك الباكي"؟

طبعا أتقبل النقد، وأتمنى أن يقابلني نقد موضوعي، وأي شخص يمارس مهنة الإبداع عليه أن يتقبل النقد، ولكن للأسف ما يحدث مؤخرا ليس نقدا على الإطلاق (الناس فاهمة النقد الفني بشكل خاطئ)، يعتبرون أن النقد هو الهجوم، والنقد المهني يعني إنك تفند العمل بشكل مهني طبقا لأسس وقواعد، وعلى الناقد أن يبرز الإيجابيات والسلبيات.

ما يحدث حاليا ليس نقد ولكنه "حقد ونقم"، خاصة إذا كان هذا النقد انطباعي ويحكمه المشاكل الشخصية، وللأسف لم يعد متواجد نقاد حقيقيين في هذا العصر من أمثال الكبار الراحلين عبدالقادر القط وعادل الراعي ورجائي النقاش وفوزي فهمي وحسن عطية، ومن الموجودين حاليا عزة هيكل وخيرية البشلاوي وماجدة موريس، أما دون هؤلاء فلا يوجد نقاد.

ويمكنني أن أقول (مصر مات فيها النقاد ولم يعد هناك نقد حقيقي)، وما يمارس حاليا هو تعليقات انطباعية لأغراض شخصية أو هوائية أو مزاجية أو سبوبة، وستجد أن كثيرا من الأعمال التي لا تستحق وليس لها جمهور، يحاول البعض الترويج لها وتلميعها بصورة مبالغ فيها والأمثلة على ذلك كثيرة، وهناك مسلسلات فاشلة وتم صرف مئات الألوف من الجنيهات للترويج لها ودعمها بلجان إلكترونية وصفحات وهمية، في حين أن أعمالا أخرى جيدة يتم إهالة التراب عليها وتشويهها بصورة مبالغ فيها، ولذلك كما قلت لم يعد هناك نقد موضوعي في مصر، ولم اقابل نقد موضوعي عن مسلسل "الضاحك الباكي" حتى الآن.

  • متى بدأت العمل على مشروع نجيب الريحاني؟

سجلته في الملكية الفكرية عام 2010، واستمريت في البحث لما يقرب من ثلاث سنوات متواصلة، وكنت أسافر إلى الإسكندرية لمراجعة المذكرات الحقيقية لنجيب الريحاني، وهذه المذكرات أعيد طبعها في جريدتي القاهرة وأخبار اليوم، والمشروع أسعى لتنفيذه منذ 7 سنوات تقريبا، ولكن لم يحدث نصيب بسبب الانتاج، والحمدلله تحمست له الشركة المتحدة قمنا بتنفيذه بعد سنوات من السعي.

  • عمر بطيشة قال "الضاحك الباكي" لقب ملتصق بـ"فكري أباظة".. ما ردك؟

أولا كلمة “الضاحك الباكي” هو لقب أطلقه طه حسين على الفنان الراحل نجيب الريحاني، وكانت هناك مجلة ساخرة بنفس الاسم ولكنها لم تستمر طويلا، وفكري أباظة نفسه قد أخذ الاسم من مقال نقدي كتبه الراحل طه حسين عن نجيب الريحاني، وعندما قرأت مقالات طه حسين وهو الوحيد الذي كان منصفا في الكتابة عن الريحاني، فوجدت أنه لقبه بهذا اللقب واستعنت به، خاصة أن روز اليوسف آنذاك كانت تهاجم الريحاني بشدة لصالح بديعة مصابني، ومن أبرز توصيفات طه حسين عن الريحاني أنه "صاحب الثورة في المسرح" و"المجدد"، وأخذت كلمة الضاحك الباكي من مقالات طه حسين عن الريحاني.

  • لماذا يستهدف البعض مسلسل "الضاحك الباكي"؟

هؤلاء لا يستهدفوا المسلسل بشكل خاص، ولكنهم يستهدفوا هذه النوعية من الدراما "دراما السيرة الذاتية والدراما التاريخية"، لأن هذه النوعية لم تقدم منذ سنوات طويلة على الشاشات، ومسلسل "الضاحك الباكي" هو أول مسلسل من سنوات طويلة تجتمع حوله الأسرة المصرية بأكملها، ولا يوجد مسلسل واحد منذ 10 سنوات تقريبا حقق هذا المردود ولا نسب المشاهدة، ولذلك أزعج المسلسل أصحاب السبوبة وبعض الشركات التي غارت من هذا النجاح، وهناك أخرون كان لديهم رغبة في إنتاج العمل ولم يحدث، فقرروا مهاجمته.

كما أن هناك آخرون لا يرغبوا في عودة جيل محمد فاضل للساحة، واكتشفت أن أغلب من يهاجموا المسلسل اما كتاب سيناريو أو مساعدين إخراج وفشلوا في العمل مع محمد فاضل، ولا أخفيك سرا هناك حملة ممنهجة دعت البعض على السوشيال ميديا للهجوم على المسلسل مقابل دفع أموال لهم، وشاهدت ذلك بعيني، وحقيقة لم ولن تجد عملا تعرض لهذا الهجوم بعد عرض 5 حلقات فقط منه.

  • هل حالة الجدل الدائرة حول المسلسل أضرت به أم خدمته؟

بالطبع حالة الجدل الغير مسبوقة على المسلسل حتى الأن لم تضره، بالعكس أفادته وأكدت أن نسبة مشاهدته كبيرة جدا، وهذا انجاز لم يتحقق لعمل أخر، ويثبت أن العمل يتم مشاهدته في كل بيت مصري، وهذا الجدل الدائر أحدث زخم ثقافي لم يكن موجود منذ سنوات طويلة، برغم تقديم مئات المسلسلات خلال هذه السنوات، وكنت أتوقع أن يثير العمل جدلا، ولكن ما لم أتوقعه هو هجوم التربصين بهذه الطريقة عبر مستنقع السوشيال ميديا المليء بالجهلة والحمقى، وحقيقة أتعجب من القنوات التي تتناقل هذه الآراء الوضيعة.

  • ماذا عن انطباعات الجمهور العادي على المسلسل؟

شاهدت بعيني وجاء لي صور ورسائل من الإسكندرية ومن الأقاليم، لجمهور عادي يشاهد المسلسل على المقاهي، وأعتقد أن مسلسل "الضاحك الباكي" أعاد الجمهور مرة أخرى للاهتمام بمتابعة الدراما، وأبرز تعليق أسعدني كان لطبيبة كبيرة تخطت سن السبعين، قالت لي حرفيا (أنا بخف من أمراضي لما بقعد أشوف حلقة المسلسل)، وأعتبر هذا قيمة ومكافأة كبيرة وشهادة لكل صناع العمل.

  • ما ردك على انتقاد البعض للديكورات والملابس؟

من يقول ذلك أقول له “روح العب بعيد يا شاطر!”، لأن الديكورات والملابس والاكسسوارات تم العمل على تجهيزها لمدة سنة كاملة قبل بدء التصوير، والدكتورة سامية عبدالعزيز أقدم أستاذ في معهد السينما، وخبرة 40 سنة في مجال الملابس والاكسسوارات والديكورات، هي المشرف التاريخي للعمل وزمعها كتيبة من المساعدين الباحثين والمتخصصين، ولك أن تتخيل أن شخص تافه لم يقرأ كتابا يقوم بكتابة بوست عبر السوشيال ميديا للتعديل على شغلها، وهؤلاء يمكن وصفهم بـ"المهرتلون".

  • ماذا عن الانتقادات الموجهة لأداء الفنان عمرو عبدالجليل في شخصية نجيب الريحاني؟

بداية كان هناك 6 نجوم تم ترشيحهم لبطولة العمل، ومن أبرزهم أشرف عبدالباقي ومحمد سعد، وآخرون، وبشكل شخصي كنت متحمس جدا لعمرو عبدالجليل، لأنه فنان موهوب وقدم الشخصية من منطقة نجيب الريحاني، وهو يشبهه في المطلق، لأنه يميل لمدرسة الإضحاك من خلال الموقف.

ما يزعج البعض أن عمرو عبدالجليل لا يقلد نجيب الريحاني، وهذه ميزة، فهو يقدم روح الشخصية ولا يقلدها، ولا تنسى أن المخرج محمد فاضل كان له تجربة مهمة جدا عندما جعل الفنان أحمد زكي يقدم شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، برغم عدم وجود أي تشابه في الشكل بينهما، وقد نجح فاضل في ذلك وحقق أحمد زكي نجاح كبير في شخصية ناصر، وهنا يجب أن نوضح أمر هام، هو أن الفنان نجيب الريحاني الجمهور عرفه في سن الخمسين، ولم يشاهدوه لا في طفولته ولا شبابه.

وكل من ينتقد عمرو عبدالجليل لم يشاهد نجيب الريحاني إلا بعد سن الخمسين، والمسلسل يحتوي على كافة المراحل العمرية لنجيب الريحاني، بداية من طفولته ومرورا بشبابه، وحتى وفاته، ولا أخفيك سرا كان هناك مونولوجيست موهوب يقدم شخصية نجيب الريحاني بشكل مميز جدا، ولكن في النهاية المونولوجيست غير قادر على تمثيل الدراما والمناطق الساخنة البعيدة عن الكوميديا في حياة نجيب الريحاني.

عمرو عبدالجليل
  • هل تقبل تقديم عمل موازي عن قصة حياة نجيب الريحاني بفريق عمل مختلف؟

بالطبع هذا حق للجميع، ولا يوجد مشكلة في تقديم عمل واثنين وثلاثة عن نجيب الريحاني أو عن غيره.

  • البعض يشير أنك لم تحصل على موافقة أسرة نجيب الريحاني قبل تقديم العمل.. ما تعقيبك ؟

لا يوجد ورثة من أسرة نجيب الريحاني للحصول على موافقتهم، وأنا بشكل شخصي ضد فكرة حقوق الورثة في الموافقة على تقديم عمل عن أي شخصية عامة، وهناك واقعة شهيرة حدثت عندما قام زكي مراد بالتقدم للمحكمة لمشاهدة سيناريو مسلسل عن ليلى مراد، والمحكمة حكمت آنداك للمنتج إسماعيل كتكت بتنفيذ العمل، لأنها شخصية عامة ومر على رحيلها أكثر من 25 عاما، لأن الشخصية ملك الجمهور وليست ملك الأسرة.

  • ماذا عن دور الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية؟

الشركة تحمست للعمل، وهناك لجنة مكونة من 8 مفكرين ونقاد وخبراء تاريخ قرأوا السيناريوا وراجعوه كاملا قبل بدء التصوير، وبالإجماع وافقوا على تنفيذه من خلال تقريرهم.

أتمنى أن يكون مسلسل "الضاحك الباكي" بداية لسلسلة أعمال سيرة ذاتية ودراما تاريخية في الفترة المقبلة، ولا اخفيك سرا، فجميعنا وافق على تأجيل الحصول على أجره من أجل خروج العمل للنور، ونعتبر ظهوره للنور بعد كل هذه السنوات إنجاز يحسب لنا وللشركة المتحدة ولمنتج العمل.

أعتقد أن هذا العمل سيفتح الباب لتقديم أعمال مماثلة في المستقبل القريب عن رموز مصرية تستحق أن نروي مسيرتهم للأجيال القادمة.

  • البعض ذكر أن السيناريو قريب للعصر الحالي والمصطلحات الحالية.. ما رأيك؟

عليهم أن يشاهدوا أفلام نجيب الريحاني (مفيش كلمة واحدة بره السياق) وهناك ترصد شديد للعمل، وهناك من يحاول إفشال المشروع عن عمد، وأعتبره عمل مهم في دراما السيرة الذاتية تم تنفيذه بتكنيك مختلف تماما يتناسب مع كافة الأجيال.

وأعتبر العمل دراما اجتماعية توثق شكل الحياة بهذه الحقبة التاريخية في مصر، ومثلا ستجد أن بعض الجهلة علقوا على حوار عمرو عبدالجليل عندما قال كلمة (في حوار بنكمله) هما اعتبروها حوار (فخ أو خدعة) بما يتناسب مع المعنى الحالي المنتشر، وهي مقصود بيها "ديالوج بين اتنين"، وهذا المعنى الحقيقي الذي لم يفهمه هؤلاء، وستجد كلمات المرحلة مثل (سعيدة – معلوم) وهي مفردات المرحلة، ومن رقي الحوار البعض قال انها لغة عربية فصحى وهذا ليس حقيقي، فهي اللغة العامية وقتها زي مثلا جملة (احترم كينونتك).

  • هل تسبب المسلسل في ظلم نجيب الريحاني حيا وميتا؟

اختلف مع هذا الرأي لأن كل “المتنطعين” هيخرسوا مع انتهاء المسلسل.

  • ماذا عن الانتقادات التي وجهت بخصوص واقعة بطرس غالي تحديدا؟

راجعوا جريدة الأهرام وقتها وستجدوا أن ما كتبته هو الواقعة الحقيقية، والبعض قال إن عملية الاغتيال تمت وكان برفقته سعد زغلول، وهذا يروجه الجهلة، لأن الرجل قال حرفيا في نص التحقيقات إنه تركه فتحي زغلول (شقيق سعد زغلول) وكان آنذاك وزير الأشغال.

  • هل أعمال السيرة الذاتية تتحمل وضع أحداث غير موثقة؟

بالطبع هذا حق للمؤلف “دي دراما مش تاريخ، وسيرة ذاتية اجتماعية لحقبة تاريخية”، وستجد مثلا في الأعمال التي تم تقديمها عن تشيرشيل، اختلاف كبير بين كل عمل وآخر، منهم مثلا أنه كان يصدر قراراته وهو برفقة عشيقته، وأعمال آخرى تظهره يصدر القرارات وهو برفقة زوجته.

كل ما كتب عن دراما السير الذاتية أكدوا أن هذا حق للمؤلف، من أجل سد الفراغات في الأمور الغائبة، فالوقائع التاريخية الثابتة لا يمكن التلاعب فيها أو تغييرها، ولكن يمكن للمؤلف سد الفراغات بتفاصيل من وحي خياله، وهذا أمر طبيعي جدا.