عاجل| «يعزز مكانتها الجيوسياسية».. «دويتش فيله»: مصر تقترب من إعلان استراتيجية طموحة لطاقة الهيدروجين
تعتزم مصر طرح رؤية جديدة لطاقة الهيدروجين الأخضر في مؤتمر المناخ المقبل المقرر انعقاده في شرم الشيخ نوفمبر المقبل، ويتوقع موقع دويتش فيله الألماني أن هذا النهج المرتكز على الرغبة في تنويع مصادر الطاقة سوف يعزز مكانة مصر الجيوسياسية وأن يشهد نجاحًا تجاريًا.
وتبحث البلدان في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد عن مصادر موثوقة للطاقة المتجددة كما تعمل روسيا على قطع أو إعادة توجيه مسار النفط والغاز بعيدًا عن أوروبا في سياق الصراع الدائر حول أوكرانيا، أما الفحم التقليدي فهو مصدر غير صديق للبيئة ما يشجع المزيد من المرافق على التركيز على مصادر الطاقة المتجددة لتلبية احتياجاتها، ومن المتوقع أن يمر الانتقال إلى عصر الطاقة النظيفة عبر تجربة أشياء مختلفة مثل الهيدروجين الأخضر.
وقال الموقع الألماني في تقريره إن مصر تمتلك العديد من المكونات اللازمة لتصبح مركزًا للطاقة المتجددة، فإنها تمتلك سوق داخلي كبير، ووفرة من الشمس والكثير من الرياح في خليج السويس وما كان ينقص، في الماضي، هو الدعم الحكومي، ولكن حتى هذا الدعم ازداد بشكل مضطرد خلال الأشهر الماضية.
ونقل الموقع الألماني عن هايكه هارمجارت، العضو المنتدب لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط في أوروبا لدى بنك التعمير والتنمية قوله: "إن المضي قدمًا في جهود صندوق الثروة السيادي المصري، وإعطاء الأولوية لتحلية المياه للحصول على المياه من أجل إنتاج الهيدروجين الأخضر وتعزيز المناطق الاقتصادية الخاصة، كلها خطوات مهمة"، ويتوقع الخبراء ما لا يقل عن اثنتي عشرة مذكرة تفاهم تم توقيعها بالفعل مع شركات دولية للمضي قدمًا في الاتفاقات الإطارية خلال (كوب 27) - مؤتمر المناخ المقبل المقرر عقده في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر في منطقة المنتجعات المصرية بشرم الشيخ.
وقال هارمجارت إن هذا أيضًا هو الوقت الذي ستطلق فيه الحكومة المصرية استراتيجيتها للهيدروجين الأخضر، ويؤكد الخبراء آن مصر لديها ما يكفي من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتصبح مركزًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
تزايد الاهتمام الأجنبي
من ناحيته، أكد البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير- بنك استثماري تنموي مقره لندن يقدم الدعم التنظيمي والمالي لمثل هذه المشاريع- اهتمام الشركات الأوروبية بتعزيز استثماراتها في هذا القطاع كما أكد مستثمرون من الهند اهتمامهم بذات الاستثمارات.
وقال سومانت سينها، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة رينيو باور، إحدى أكبر شركات الطاقة المتجددة في الهند: "نحن نعمل مع السلطات المصرية للاتفاق على اتفاقية إطار مع مراعاة تنفيذ الاتفاقية خلال قمة كوب 27"، وتابع سينها القول إنه بالنظر إلى مشاركة العديد من الجهات المعنية، تتوقع شركته أن تكتمل الدراسات التفصيلية للمشروع خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة.
توقعات باستثمار 7 مليارات دولار في مشاريع الهيدروجين بمصر
وأكد أن الشركة تتوقع قرارات بشأن الاستثمار بحلول منتصف عام 2023. وبحسب ما ورد تخطط الشركة لاستثمار أكثر من 7 مليارات دولار (7.11 مليار يورو) في مشاريع الهيدروجين في مصر.
ويؤكد علي حبيب، مستشار الطاقة المقيم في القاهرة، على خطط الحكومة للطاقة الخضراء، وقال حبيب لدويتش فيله: "خصصنا أراضٍ شاسعة على طول نهر النيل، أكبر من سنغافورة، لطاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية وستكون هناك خطوط طاقة مخصصة لنقل هذه الكهرباء الخضراء إلى مشروع الهيدروجين في ميناء العين السخنة".
وذكر التقرير أن سكاتيك هي شركة أخرى ترددت الأقاويل عن استعدادها لتوقيع صفقات في نوفمبر وتعمل الشركة النرويجية للطاقة المتجددة حاليًا على تطوير مشروع هيدروجين أخضر بقدرة 100 ميجاوات بالتعاون مع شركة فرتي جلوب، وهي شركة منتجة للأسمدة النيتروجينية مقرها الإمارات العربية المتحدة، جنبًا إلى جنب مع شركة البناء المصرية أوراسكوم والصندوق السيادي المصري.
وقال أحد ممثلي شركة سكاتيك لدويتش فيله: "نعمل مع شركائنا في مرحلة مبكرة على تطوير منشأة للأمونيا الخضراء في مصر بطاقة إنتاجية تبلغ مليون طن سنويًا وإمكانية التوسع إلى 3 ملايين طن".
جلب الطاقة الشمسية إلى المناطق النائية في مصر وكسب شركاء جدد
الأهم من ذلك، تعتزم الدولة الحفاظ على علاقات جيدة مع دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكذلك الصين وروسيا، بينما تأمل في إبرام صفقات مع الشركات التي لم تكن موجودة بعد في البلاد وقد تشهد هذه الجولة من الاستثمارات تدخل شركات من الهند وأستراليا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن نهج التنويع هذا هو جزء من جهد أوسع إذ تسعى مصر إلى لعب دور جيوسياسي أكثر بروزًا من خلال توفير نموذج تنموي لبقية دول القارة الأفريقية مع بناء روابط جديدة لتقليل الاعتماد على أوروبا.
ومع ذلك، يظل الاتحاد الأوروبي سوق التصدير الأكثر منطقية للهيدروجين المُصدَّر على هيئة أمونيا وقال راجات سيكساريا، الرئيس التنفيذي لمجموعة ACME الهندية: "من المرجح أن تذهب الأمونيا الخضراء من مصر إلى المستهلكين في أوروبا والشرق الأقصى" ويتفق الخبراء والشركات على أن الأسواق الأوروبية هي الأكثر ربحًا، أيضًا لأنها قريبة جدًا.
وقال حبيب، الذي شارك في تأليف ورقة بحثية عن آفاق الهيدروجين في مصر نشرها معهد أكسفورد لدراسات الطاقة: "العقبة الرئيسية أمام الهيدروجين ليست الإنتاج، ولكن التخزين والنقل".
ما زالت هناك عقبات
وفقًا للخبراء، ستفضل المشروعات الخضراء في مصر تطوير طاقة الرياح على المدى المتوسط ولا يزال بعض صانعي توربينات الرياح يواجهون عقبات ومشاكل مؤخرًا وتحاول شركة Fortescue Future Industries من أستراليا، إحدى الشركات التي وقعت اتفاقية الهيدروجين مع مصر، القيام باستثمارات مباشرة في إنتاج المكونات الرئيسية التي تمكن المنشآت المتجددة من إنتاج الأمونيا، وقال معتز قنديل مسؤول عمليات الشركة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "نتطلع إلى عمل كل ما في وسعنا خاصة في أماكن مثل الولايات المتحدة في أعقاب تمرير قانون خفض التضخم ونحن نقوم بنفس العمل بالفعل في أستراليا".
وقد وقعت الشركة بالفعل عدة اتفاقيات للهيدروجين الأخضر، بما في ذلك مع شركة الطاقة الألمانية E.ON وشركة TES البلجيكية وأضاف قنديل: "من أين يأتي الهيدروجين؟ سيكون القرار للعملاء وسيكون لألمانيا رأي في هذا القرار، لأن الشركة تطور مركزًا للطاقة الخضراء في فيلهلمسهافن.
وقال حبيب: "سعر الغاز في مصر أقل بكثير مما هو عليه في أوروبا. بالنسبة للصناعة المحلية، لا يوجد دافع للانتقال إلى الهيدروجين الأخضر"، محذرًا من أن الأمور يمكن أن تتغير عندما ينفذ الاتحاد الأوروبي خططًا لفرض ضرائب على الواردات بكمية كبيرة من الكربون.
ووفقًا للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، يمكن لمصر أيضًا أن تلعب دورًا في استراتيجية الاتحاد الأوروبي للمواد الخام المهمة القادمة.
وقال هايكه هارمغارت المدير التنفيذي للبنك الأوروبي: "من المحتمل أن تصبح مصر أكثر جاذبية مع مرور الوقت لمجموعة واسعة من المستثمرين، لا سيما مع إنشاء مناطق اقتصادية خاصة" إذ تسهل هذه المناطق الاستثمار وتحد من البيروقراطية وتسهل وضع حوافز مخصصة للمستثمرين الأجانب ويمكن أن يتبع ذلك إنتاج الصلب الأخضر محليًا، وتقع بعض أكبر مصانع الصلب بالقرب من قناة السويس، مما يسهل إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر إلى تلك المصانع ويعتبر نقل الهيدروجين عائقًا أمام الدول التي لا تستطيع إنتاجه محليًا، وهذا ليس هو الحال بالنسبة لمصر.