تنظيم الإخوان يلزم الصمت حيال تحسن العلاقات «القطرية - المصرية»
سلطت صحيفة "ذا ألجيماينر جورنال" الأمريكية الضوء على دعم الحكومة القطرية لحركات الإسلام السياسي، وتحديدًا تنظيم الإخوان، ماليًا وسياسيًا منذ اندلاع ثورات الربيع العربي قبل عقد من الزمن ولكن مع هزيمة الإخوان، يبدو أن قطر قررت أن الوقت قد حان لإصلاح العلاقات مع الحكومة المصرية.
وزار الرئيس عبد الفتاح السيسي قطر الشهر الماضي للقاء الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني وجاءت الزيارة في أعقاب زيارة آل ثاني إلى القاهرة في يونيو، والتي أنهت سبع سنوات من العلاقات الدبلوماسية الفاترة تمثل الزيارات المتبادلة استمرارًا لدفء العلاقات بين البلدين.
وتغيرت الأمور العام الماضي عندما أنهت مصر والمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة مقاطعة استمرت ثلاث سنوات لقطر بسبب دعمها للإخوان وغيرهم من الإسلاميين في مصر وخلال ذلك الوقت، انقطع الشحن والسفر الجوي من وإلى قطر.
ولم تكن التطورات الأخيرة للعلاقات بين القاهرة والدوحة نتيجة لتحرك مفاجئ اليوم، لكن مع ظهور الأمير تميم في مصر قبل بضعة أشهر، وتخفيف السعودية والإمارات قبضتهما وإنهاء مقاطعة قطر وإعادة العلاقات، كان لا بد من أن يأتي ذلك اليوم، وانتخب السيسي رئيسا في 2014، بعد عام من إطاحة الثورة الشعبية بالرئيس الإخواني محمد مرسي.
وردت قطر بالقول إنها تؤيد خيارات الشعب المصري لكنها ما زالت تدعم الإخوان المخلوعين سياسيًا وعبر وسائلها الإعلامية مثل قناة الجزيرة.
في السنوات التي تلت ذلك، دفعت قطر مصر إلى المصالحة مع الإخوان، حتى أنها عرضت التوسط ورفض السيسي.
ووصف وزير الخارجية سامح شكري العرض بأنه "تدخل غير مقبول في الشؤون الداخلية المصرية".
وأضاف أنه لا مجال للتفاوض أو قبول وساطة خارجية للحوار مع تنظيم الإخوان الخارج عن القانون.
وحتى إذا شعر تنظيم الإخوان بالخيانة من موقف قطر الجديد تجاه القاهرة والرئيس السيسي، فإن التنظيم لا يقول ذلك وتحدثت وسائل إعلام مصرية وعربية عن صمت الإخوان الذي يعبر عن إصابة التنظيم بما يشبه السكتة الدماغية، لكن ليس هناك ما يضمن أن العلاقات المصرية القطرية ستبقى متينة.
وبعد أن انحازت قطر إلى تنظيم الإخوان لفترة طويلة لدرجة أننا لا نستطيع افتراض تغيير كامل في التفكير، تعرضت قطر لضربة قوية عندما قطعت كل تلك الدول علاقاتها مع قطر ولا عجب أن الدوحة ترغب في العودة إلى الحياة الطبيعية، وأصدر آل ثاني بيانا بعد الاجتماع قال فيه إن قطر لا تربطها أي علاقة بتنظيم الإخوان وقال آل ثاني “هذه العلاقة غير موجودة ولا يوجد أعضاء فاعلون في تنظيم الإخوان أو أي جماعات مرتبطة بها على الأراضي القطرية ونحن دولة منفتحة ويمر عبرها عدد كبير من الأشخاص ذوي الآراء والأفكار المختلفة، لكننا دولة ولسنا حزبًا، ونتعامل مع دول وحكوماتها الشرعية وليس مع منظمات سياسية”.
وتعد رسالة آل ثاني بعيدة كل البعد عن بيانه عام 2013 الداعم للإخوان وقال آل ثاني خلال اجتماع 2013 في الدوحة "دعم الإخوان المسلمين واجب ولسنا بحاجة إلى الشكر عليه" وحضر الاجتماع زعماء الإخوان المسلمين السوريين.
وقد رعت قطر تنظيم الإخوان على مدى عقود، وكانت موطنًا للزعيم الروحي المتطرف للجماعة يوسف القرضاوي، الذي توفي الشهر الماضي في الدوحة وعرف القرضاوي بإصدار فتاوى الموت ضد خصومه.
استخدمت قطر قناة الجزيرة، شبكتها الإخبارية الدعائية، لتعزيز صورة الإسلام السياسي وسحق الحركات المعادية للإسلاميين في الشرق الأوسط وتصدت السلطات المصرية للجزيرة – مصر في عام 2013 وأغلقت مكاتب الشبكة التلفزيونية على الرغم من دعوات مصر، التي تعود إلى عام 2014، لقطر لتسليم عدد من أعضاء تنظيم الإخوان، يعتقد أن مصر لم تضغط على هذه القضية مؤخرًا لدفع المصالحة الأخيرة إلى الأمام.
لا يزال هناك مستوى عالٍ من عدم الثقة بين المصريين والقطريين، لكن العوامل الاقتصادية تظل جزءًا رئيسيًا من المفاوضات وقد أسفرت زيارة السيسي إلى الدوحة عن عدة اتفاقيات اقتصادية، من بينها صفقة الشحن.
يعاني الاقتصاد المصري من آثار الركود الاقتصادي العالمي الذي يلوح في الأفق منذ جائحة كوفيد-19 ثم تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا ويمكن لمصر استخدام جميع الاستثمارات الأجنبية التي يمكنها الحصول عليها وتتوقع تقارير إعلامية مصرية استثمارات قطرية جديدة بقيمة 20 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة وستوجه استثمارات أولية بقيمة 5 مليارات دولار إلى الصناعات الغذائية والقطاعات العقارية وشركات النقل والخدمات اللوجستية.
على الرغم من جهود المصالحة مع قطر، لا يتوقع الكثير من مصر أن تمضي أبعد من ذلك مع تركيا - وهي دولة أخرى دعمت الإخوان ووفرت لهم الملاذ خلال العقد الماضي. ومع ذلك، كانت هناك جهود تقارب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
صمت المعلقين المعروفين في تنظيم الإخوان مؤشر على أن معظم الانتقادات الموجهة ضد الدولة المصرية في العقد الماضي تمت بمباركة النظام الحاكم في قطر، ومع ذلك، يمكن أن تتغير الأولويات والسياسات، ولكن المؤكد هو أن الهدف الرئيسي لقطر في الوقت الحالي لا يتعلق بمصالح الإخوان، ولكن محاولة تقليص خسائر الدوحة التي نجمت عن الدعم السابق للتنظيم، أما الإخوان فيبدو أنهم اختاروا الوقوف دائمًا إلى جانب قطر، وكان صمتهم حيال تحسن العلاقات بين الدوحة والقاهرة دليلا على ذلك، وهم على استعداد لرؤية سياسات قطر على أنها صحيحة، إذن عليهم أن يفترضوا أن زيارة السيسي للدوحة مقبولة وقبلها زيارة تميم إلى القاهرة خطوة حكيمة ومع ذلك، إذا تغيرت الأمور، لأي سبب من الأسباب، فإن الإخوان سيعودون بسرعة إلى طرقهم القديمة.