أمريكا تبحث 4 إجراءات عاقبية للسعودية بعد قرار خفض إنتاج النفط والمملكة تبرر
لا تزال تداعيات قرار منظمة "أوبك+" بخفض إنتاجها اليومي من البترول مليوني برميل يوميًا يثير جدلًا وإحباطًا في العديد من الدوائر الإقليمية والدولية من جهة؛ لكونه سيرفع سعر برميل النفط إلى 120 دولًا، ومن جهة أخرى، يسود الترقب، انتظارًا للرد الأمريكي على قرار أوبك، خاصة في ظل حديث متواتر بشأن ضغوط أمريكية كبيرة على السعودية لإقناعها بعدم اتخاذ قرار الخفض، لكن دون جدوى.
وخلال الفترة الأخيرة تحمل الرئيس الأمريكي جو بايدين كلفة سياسية، باتخاذه قرار الذهاب إلى السعودية، بعدما كان يتعهد بأنه سيجعل المملكة دولة منبوذة؛ على خلفية سجلها الحقوقي، وكذلك قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، واتهامات صريحة ومباشرة لولي العهد محمد بن سلمان بالضلوع في العملية.
كان بايدين يأمل خلال زيارته السعودية، أن تزيد السعودية من إنتاجها النفطي اليومي بمعدل 750 ألف برميل يوميا، وأن تقوم الإمارات بزيادة إنتاجها 500 ألف برميل إضافية في اليوم، مما كان سيؤدي لانخفاض سريع في أسعار الغاز والنفط، لكن جاء قرار "أوبك+" الأخير، محبطًا ومخيبًا للأمال.
ويخشى بايدين أن يكون لقرار "أوبك" تأثيرات داخلية أمريكية؛ فإذا ارتفعت أسعار النفط كثيرا في السوق الأمريكية، ستكون عاملا في التصويت ضد الحزب الديمقراطي الحاكم خلال الانتخابات النصفية المقبلة للكونجرس، فيما اعتبرت تقارير صحفية أن قرار الخفض تأكيد على أن القيادة السعودية قادرة، ليس فقط على الانحياز إلى مصالحها، بغض النظر عن مصالح الحليف التاريخي الأمريكي، بل إنها لا تمانع في الظهور فيما يشبه تحالفا موضوعيا مع روسيا.
وصف البيت الأبيض قرار "أوبك" بأنه اصطفافا مع موسكو، وتحديا لقرارات الولايات المتحدة وحلفائها بعزل روسيا. لكن هناك أنباء أن بايدن يرغب في اللجوء للكونجرس لإصدار تشريع يستهدف منظمة أوبك وروسيا، وإذا نجحت دعوات بعض أعضاء الحزب في الرد على الرياض، فإن أوبك ستكون عرضة للعقوبات، كما أن مستوى التصعيد بين البلدين سيتصاعد في وقت عالمي حرج تزداد فيه المخاطر على كافة الصعد.
وقال بايدن للصحفيين إنه يشعر بـ"خيبة أمل. إننا نبحث البدائل التي قد تتوفر لنا لمواجهة الزيادات المتوقعة في الأسعار"، مضيفا أن هناك "الكثير من البدائل".
البدائل الأمريكية المقترحة
ويمكن أن تشمل إجراءات الإدارة الأمريكية سحب كميات إضافية من الاحتياطي الاستراتيجي التي تمتلكه، وزيادة التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة، وفرض المزيد من الإجراءات الصارمة من بينها وضع قيود على الصادرات.
ردود أمريكية متوقعة
وبحسب تقارير صحفية، فقد صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بأن الولايات المتحدة "تدرس عددا من خيارات الرد" بخصوص علاقاتها مع السعودية بعد اتفاق الرياض مع بقية الدول الأعضاء في مجموعة "أوبك +" على تخفيض إنتاج النفط.
وأضاف بلينكن في مؤتمر صحفي في ليما مع نظيره البيروفي أنه "فيما يتعلق بمستقبل العلاقات مع الرياض ندرس عددا من خيارات الرد. نتشاور عن كثب بهذا الشأن مع الكونجرس".
ولم يشر بلينكن على وجه التحديد إلى الخطوات التي تدرسها واشنطن مؤكدا أن بلاده لن تفعل شيئا يضر بمصالحها، موضحا: "هذا أول وأهم ما سيوجهنا، وسنبقي تلك المصالح في أذهاننا ونتشاور عن كثب مع كافة الأطراف المعنية بينما نتخذ قرارا بخصوص أي خطوات للمضي قدما".
وعلى الرغم من أن بيلينكن لم يوضح طبيعة التشاور مع الكونجرس بشأن الرد عن قرار السعودية و"أوبك"، إلا أن السيناتور الجمهوري الأمريكي تشاك جراسلي، قال إنه سيحاول إضافة مشروع قانون يضغط على "أوبك+" إلى مشروع قانون للسياسة الدفاعية يصوت عليه الكونجرس سنويا.
واجتاز مشروع قانون "منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط" المعروف اختصارا باسم "نوبك" والذي يرعاه جراسلي، لجنة في مجلس الشيوخ بسهولة هذا العام بدعم من أعضاء ديمقراطيين في المجلس.
ويهدف قانون "نوبك" إلى اسقاط الحصانة السيادية في دعاوى مكافحة الاحتكار، وهو أمر قد يتيح للحكومة الأمريكية مقاضاة أعضاء تحالف "أوبك+".
وقال زعيم الأغلبية بمجلس النواب الأمريكي تشاك شومر في تغريدة على صفحته الرسمية بموقع "تويتر" إن "ما فعلته السعودية لمساعدة بوتين على الاستمرار في شن حربه الدنيئة والشرسة ضد أوكرانيا سيتذكره الأمريكيون لفترة طويلة".
وأضاف: "نبحث في جميع الأدوات التشريعية للتعامل بشكل أفضل مع هذا الإجراء المروع للغاية، بما في ذلك مشروع قانون نوبك".
مطالبات بخفض مبيعات السلاح
كما طالب الديمقراطيون في الكونجرس، بخفض المبيعات العسكرية إلى السعودية. وشكك بعض أعضاء مجلس النواب في علاقات واشنطن الأمنية بالرياض، في ظل الغضب الذي يساورهم بسبب وفاة مدنيين في حرب اليمن فضلا عن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان.
من جانبه، رفض كبير المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض براين ديس استبعاد فكرة إقرار الكونجرس لإقرار قانون "نوبك".
كما شدد ديس على أن قرار التحالف النفطي "غير مبرر" في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من ضعف شديد وأن "نقص المعروض لا يزال يمثل تحدياًَ كبيرًا" للمستهلكين.
تبرير سعودي
بدوره، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، إن المملكة العربية السعودية لا تستخدم النفط وتحالف أوبك+ كسلاح ضد الولايات المتحدة، نافيًا أن تكون السعودية قد خفضت إنتاج النفط لإلحاق الضرر بالولايات المتحدة.
وأضاف الجبير في مقابلة مع شبكة "FOX News" الأميركية الجمعة الماضية: "النفط في نظرنا سلعة مهمة للاقتصاد العالمي، الذي نمتلك فيه مصلحة كبيرة لكننا لا نقوم بتسييس النفط ولا القرارات المتعلقة به".
حول أسعار الوقود في أميركا لفت الجبير، إلى أن سبب ارتفاع الأسعار الوقود في الولايات المتحدة هو نقص إنتاج المصافي الأميركية وليس المملكة العربية السعودية.
ولفت الجبير إلى أن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية استراتيجية وتقوم على الشراكة والتحالف، مشيرًا إلى ضعف الصناعة النفطية الأميركية، وقال "مع كامل احترامي ارتفاع أسعار الوقود لديكم سببه النقص في مصافي النفط منذ 20 عامًا"، بحسب الجبير.
وأكد الجبير التزام المملكة بضمان الاستقرار في أسواق النفط، وقال "ملتزمون بضمان الاستقرار في أسواق النفط ونحن نتصرف بطريقة استباقية لضمان عدم حدوث انهيار في أسواق الطاقة".