تعمل على تصفية تلوث المياه.. مصر تعيد زراعة أشجار "المانجروف" لمكافحة آثار تغير المناخ
على ساحل البحر الأحمر في مصر، تسبح الأسماك بين الآلاف من أشجار المانجروف المزروعة حديثًا، تحت مظلة برنامج بيئي طموح لتعزيز التنوع البيولوجي وحماية السواحل ومكافحة تغير المناخ وآثاره، وبعد مرور عشرات السنين من إزالة الأشجار، كان كل ما تبقى عبارة عن مساحات مجزأة يبلغ مجموعها حوالي 1200 فدان.
تنمو في المياه المالحة
ووصف موقع فرانس 24 جهود إعادة زراعة المانجروف الفريدة بأنها "كنز" بسبب قدرتها على النمو في المياه المالحة حيث لا تواجه أي مشاكل من الجفاف، وتعتبر نظام بيئي كامل، فالأشجار دائمًا في وسط المياه التي ترتفع حتى حوالي متر، وبالتالي عندما تزرع أشجار المانجروف، تتدفق الحياة البحرية والقشريات والطيور كلها.
وبين الجذور الشبيهة باللوامس للشتلات التي يبلغ عمرها أشهرًا، تندفع الأسماك الصغيرة ويرقات الجمبري الصغيرة عبر المياه الضحلة مما يجعل الأشجار بمثابة مشاتل وحاضنات أساسية للحياة البحرية، كما تتميز أشجار المانجروف بقدرتها على امتصاص الكربون خمسة أضعاف ما تمتصه الغابات المعروفة على الأرض، ولأنها تعيش في المياه المالحة، فلا توجد مشكلة تتعلق بالري.
ويقوم فريق من المهتمين بالبيئة بزراعة عشرات الآلاف من الشتلات في مشتل يتم استخدامه بعد ذلك لإعادة تأهيل ست مناطق رئيسية على البحر الأحمر وساحل سيناء، بهدف إعادة زراعة حوالي 210 هكتارات، ولكن فريق العمل يحلم بتوسيع غابات المانجروف قدر الإمكان، إلى ما وراء مراسى اليخوت على بعد ستة كيلومترات إلى الجنوب.
تم إطلاق البرنامج المدعوم من الحكومة والذي تبلغ تكلفته حوالي 50 ألف دولار سنويًا قبل خمس سنوات انطلاقًا من إدراك رسمي للتأثير القوي لأشجار المانجروف في مكافحة تغير المناخ وتوفر غابات المانجروف المأوى لمجموعة من الأنواع البيولوجية الأخرى، فضلًا عن كونها بمثابة حوض كربون قوي يكافح تغير المناخ، ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن الأشجار تتمتع بقدر كبير من المرونة والقدرة على التكيف والتأقلم مع البيئة البحرية والصحراوية.
تصفية تلوث المياه
وتساعد مدرجات الأشجار أيضًا على تصفية تلوث المياه وتعمل كحاجز طبيعي ضد ارتفاع البحار والطقس القاسي، مما يحمي المجتمعات الساحلية من العواصف المدمرة ووفقًا لحسابات برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن حماية غابات المانجروف أرخص ألف مرة من بناء الجدران البحرية على نفس المسافة وعلى الرغم من قيمتها، فقد تم القضاء على أشجار المانجروف في جميع أنحاء العالم بسرعة كبيرة.
ويقدر الباحثون أن أكثر من ثلث أشجار المانجروف على مستوى العالم قد فقدت على مستوى العالم، بخسائر تصل إلى 80 في المائة في بعض السواحل في المحيط الهندي.
وقال نيكو هاواي، خبير المانجروف، من جامعة ريدينج البريطانية، إن العديد من الحكومات في الماضي لم تقدر "أهمية غابات المانجروف"، وتتطلع بدلًا من ذلك إلى "الفرص المربحة لكسب الإيرادات" بما في ذلك من خلال التنمية الساحلية.
وأشاد بمشروع تشجير المانجروف الذي يهدف إلى زيادة تغطية الأشجار على طول ساحل البحر الأحمر وفي حالة مصر، أدت الأنشطة السياحية الجماعية والمنتجعات التي تسبب التلوث، وكذلك نشاط القوارب والتنقيب عن النفط، إلى إحداث دمار في غابات المانجروف، وحذر الخبراء من أن جهود ترميم غابات المنجاروف ستذهب سدى إذا لم تتم معالجة هذه التهديدات.
تأثير السياحة الجماعية
هناك القليل من المعلومات الموثوقة التي تشير إلى حجم الخسائر من إزالة أشجار المانجروف في الماضي، ولكن هناك مناطق دمرت بالكامل، لا سيما حول منتجع الغردقة الرئيسي وتمثل سياحة البحر الأحمر 65٪ من صناعة السياحة الحيوية في مصر.
وكشفت دراسة أجريت عام 2018 أن حجم الضرر والمساحات التي قطعت منها هذه الأشجار ربما يتجاوز بكثير ما يمكن استبداله بأي برنامج إعادة زرع لسنوات قادمة، ولكن دمج إعادة تشجير المانجروف مع مشاريع التنمية الحالية ليس بالأمر المستحيل، ولكنه سيكون صعبًا، لذا يتطلع القائمون على مشروع التشجير إلى إشراك مشغلي المرافق السياحية، بما في ذلك تكليف المنتجعات بإعادة زراعة المناطق بأنفسهم مقابل بعض المزايا الضريبية، فكما حققوا الأرباح، يجب أن يلعبوا أيضًا دورًا في حماية الطبيعة.