بوتين يرتدي بدلة الحرب النوويّة خلال اجتماع طارئ.. ما الحقيقة؟
أثارت صور متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وهو يرتدي زيا مخصصًا للحرب النوويّة، ضجة واسعة خلال الساعات الماضية، على الساحة العالمية.
وفي التفاصيل، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي منشورًا يضمّ صورتين يبدو في الأولى بوتين بزيّ أصفر وقناع وقفازات، وفي الثانية يبدو الرئيس الروسي جالسًا في اجتماع مرتديًا الزيّ نفسه.
وزعم المروجون لهذا المنشور أن الصورة ملتقطة حديثًا ويبدو فيها «بوتين خلال اجتماع طارئ وهو بلباس الحرب النووية».
التهديد بالنووي
وجاء انتشار الصورتين بعد أن أثار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إمكان استخدام الأسلحة النوويّة إذا تعرضت «وحدة أراضي» روسيا أو وجودها للتهديد.
وأكد الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، أن موسكو ستدافع عن الأراضي التي تنوي ضمّها لا سيّما من خلال «الأسلحة النووية الاستراتيجية».
وفي منشور على -تلجرام- قال حليف بوتن المقرّب القائد الشيشاني رمضان قديروف الذي يصف نفسه بأنه «جندي بوتين المخلص»: إن على روسيا أن تدرس استخدام أسلحة نووية محدودة التأثير.
وقال قديروف: «في رأيي الشخصي، ينبغي اتخاذ مزيد من الإجراءات الصارمة حتى إعلان الأحكام العرفية في المناطق الحدودية واستخدام أسلحة نووية محدودة التأثير».
وتزامنت التهديدات النووية التي يتّخذها الغرب على محمل الجدّ، مع انتهاء الاستفتاءات التي نظّمتها موسكو في منطقتي دونيتسك ولوجانسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا ومنطقتي خيرسون وزابوريجيا في الشرق الخاضعتين للاحتلال الروسي.
ونددت أوكرانيا وحلفاؤها من الغرب بهذه الاستفتاءات باعتبارها «مهزلة» وخطوة غير شرعية.
منشور مزيف
واتضح أنّ صورتي المنشور متلاعب بهما، فالصورة الأولى التي يبدو فيها بوتين وهو يدخل من باب مركّبة من صورتين ترجع إلى شهر مارس 2020.
وفي تلك الصورة يظهر الرئيس الروسي مرتديًا زيًا واقيًا خلال زيارة لمستشفى في العاصمة موسكو يعالج مصابين بفيروس كورونا.
واجتزأ بوتين من الصورة ليُركّب على صورة أخرى ملتقطة في العام 2017 ومنشورة على موقع الكرملين ليبدو وكأنّه يدخل من الباب الذي يفتحه الجنديان.
وفي وقت سابق، أعادت السلطات الروسية آلاف الروس الذين حُشدوا للخدمة العسكرية في أوكرانيا إلى بيوتهم، وأقيل المفوض العسكري في منطقة خاباروفسك الروسية في أحدث نكسة للتعبئة الإلزامية الفوضوية التي أمر بها الرئيس فلاديمير بوتين لعدد 300 ألف جندي.
انتكاسة لاذعة
وفي ساحة المعركة، عانى بوتين من انتكاسة لاذعة، مع إعلان القوات الأوكرانية سيطرتها الكاملة على ليمان، مركز الإمداد لشرق روسيا، وهو أكبر مكسب لكييف منذ أسابيع.
وأدت أول تعبئة لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية، بعدما عانت قواتها من هزائم كبيرة في ساحة المعركة في أوكرانيا، إلى استياء واسع النطاق وأجبرت آلاف الرجال على الفرار إلى الخارج.
وكانت ليمان قد سقطت في مايو في يد القوات الروسية التي استخدمتها كمركز للوجستيات والنقل لعملياتها في شمال منطقة دونيتسك.
وتمثل خسارتها أكبر هزيمة لروسيا في ساحة المعركة منذ الهجوم المضاد الخاطف الذي شنته أوكرانيا في منطقة خاركيف بالشمال الشرقي الشهر الماضي.
ويمهد استيلاء القوات الأوكرانية على ليمان الطريق لمزيد من التقدم بهدف خفض خطوط الإمداد للقوات الروسية المتضررة إلى طريق واحد.
وترجع أهمية ليمان للعمليات إلى سيطرتها على طريق رئيسي يعبر نهر سيفرسكي دونيتس، والذي تحاول روسيا من خلفه تعزيز دفاعاتها.
على الرغم من تأكيد الكرملين اليوم الثلاثاء، أنه لن ينجر إلى مبالغات الغرب بشأن استخدام السلاح النووي، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، ضرورة أخذ التهديد الروسي على محمل الجد، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن المجتمع الدولي أوضح أن مثل هذا التهديد لن يخيفه.
وقالت خلال زيارة إلى العاصمة البولندية وارسو الثلاثاء: «هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مثل هذه التهديدات».
كما أكدت أن «تلك التصريحات غير مسؤولة لكن يجب أخذها في الوقت عينه على محمل الجد»، واستدركت قائلة: «لكنها أيضا محاولة لابتزازنا، كما تعلمنا من أكثر من مئتي يوم من هذه الحرب العدوانية الوحشية».
أتت تلك التصريحات، بعد ساعات على تأكيد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف أنه لا يريد المشاركة في الأحاديث النووية التي يطلقها الغرب.
وقال بيسكوف -في مؤتمر صحفي- إن «وسائل الإعلام الغربية والساسة الغربيين ورؤساء الدول منخرطون في الكثير من الحديث النووي في الوقت الحالي، لكننا لا نريد المشاركة فيه حاليا».
يشار إلى أن حلف شمال الأطلسي كان حذر أعضاءه من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيجري تجربة نووية على حدود أوكرانيا، وأن موسكو نقلت قطارا يعتقد أنه مرتبط بوحدة في وزارة الدفاع مسؤولة عن ذخائر نووية.
وكان بوتين أعلن في 21 سبتمبر أول تعبئة لجنود الاحتياط في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية لنشر المزيد من القوات في ساحات المعارك في أوكرانيا، محذرا الغرب من أنه لم يكن يخادع عندما ألمح إلى أنه جاهز لاستخدام أسلحة نووية للدفاع عن أمن الأراضي الروسية، ما أشعل في حينه موجة تحذيرات لا تزال مستمرة.
وتعد روسيا أكبر قوة نووية في العالم استنادا إلى عدد الرؤوس الحربية النووية التي تملكها، إذ إن لديها 5977 رأسا حربيا، بينما تمتلك الولايات المتحدة 5428 وفقا لاتحاد العلماء الأمريكيين.