الإثنين 29 أبريل 2024 الموافق 20 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

احتجاجًا على الفصل العنصري.. الشباب يواصلون رفض الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال

شباب رافضون الخدمة
شباب رافضون الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال

وصل أربعة شبان إسرائيليين إلى مركز التجنيد التابع للجيش الإسرائيلي في تل هشومير بوسط إسرائيل للإعلان عن رفضهم التجنيد في الجيش احتجاجًا على الاحتلال والفصل العنصري.

وأصبح هذا التصرف ظاهرة وعمل جماعي من قبل المعترضين على الخدمة العسكرية بدافع الضمير، وهو أمر كان نادر الحدوث على مدى العقد الماضي.

أحد هؤلاء الأربعة، شاهار شوارتز، أمضى بالفعل 10 أيام في السجن العسكري، وبعد ذلك أطلق سراحه والثلاثة الباقون هم: ايفياتار موشيه روبين 19 عاما، من القدس، واينات جيرليتس، 19 عاما، من تل أبيب، ونافيه شبتاي ليفين، 18 عامًا، ومن المرجح أن يتم الحكم عليهما بسبب رفضهما التجنيد.

التجنيد إلزامي

ويعتبر التجنيد العسكري إلزاميًا بالنسبة لمعظم اليهود الإسرائيليين، رجالًا ونساءً، ويُعد رفض التجنيد أو التهرب منه دون موافقة الجيش جريمة يعاقب عليها القانون وعادة ما يُحاكم المعترضون على الخدمة العسكرية بدافع الضمير، المعروفين باسم "الرافضين"، في مركز التوظيف ويحكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 10 و21 يومًا وعند إطلاق سراحهم، يتم استدعاؤهم لتقديم تقرير إلى مركز التجنيد حيث عادة ما يعلنون مرة أخرى أنهم ما زالوا يرفضون التجنيد وبالتالي، يمكن أن يقضي الرافضون في كثير من الأحيان شهورًا في السجن على مدى عدة فترات متتالية، حتى يقرر الجيش تسريحهم.

من بين الأربعة، ظهر إينات فقط أمام لجنة المستنكفين ضميريًا التابعة للجيش الإسرائيلي، التي رفضت إعفاءه من الخدمة وهذا ليس مفاجئًا، حيث لا يوجد سوى ممثل مدني واحد في اللجنة، والمعترضون الذين تحركهم آراءهم المناهضة للاحتلال صراحة يعتبرون "رافضين سياسيًا"، وبالتالي لا يحصلون على إعفاءات وقطع شاحار وإيتامار ونافح الاتصال بالجيش بعد استلام الأمر التعريفي، ولم يكلفوا أنفسهم عناء المثول أمام اللجنة.

وأوضح شاحار: "مشكلتي الرئيسية هي مع ما يفعله الجيش في الضفة الغربية المحتلة وغزة، لكن عندما تقول أشياء من هذا القبيل في اللجنة، فإنهم يسمونها" الرفض الانتقائي "ولا يمنحونك إعفاء وشعرت أنني إذا لم أقل ذلك، فسأقوم بظلم نفسي" ويتم دعم المراهقين الأربعة من قبل ميسارفوت وهي شبكة شعبية تجمع الأفراد والجماعات الذين يرفضون التجنيد في الجيش الإسرائيلي احتجاجًا على الاحتلال.

وأجرى موقع +972 الإخباري مقابلة مع أربعة من المعترضين على الخدمة العسكرية بدافع الضمير في الأسابيع التي سبقت سجنهم للتحدث عن قرارهم بالرفض، وردود فعل عائلاتهم، وإثارة الجدل حول الاحتلال بين اليهود الإسرائيليين، ومخاوفهم بشأن الحياة خلف القضبان.

وبشأن قرار رفض الخدمة العسكرية؟ يقول إينات: "الاستنكاف الضميري ظاهرة صامتة نوعا ما استغرق الأمر مني بعض الوقت لاكتشاف ذلك وكنت ناشط في احتجاجات الشباب على تغير المناخ وتواصلت كثيرًا مع الفتيات الفلسطينيات اللائي شاركن في الاحتجاجات، وعرفت منهن الرواية الفلسطينية، بما يتجاوز السرد الصهيوني الذي نشأت وسطه مما جعلني أنظر إلى الأشياء بطريقة مختلفة وأطرح الأسئلة وأدركت في نهاية المطاف أنه لا توجد طريقة للخدمة في جيش مسؤول منذ عقود عن نظام عنيف وقاتل".

أما شاحار، فقبل التحاقه بالمدرسة الثانوية، شارك في المخيم الصيفي "بذور السلام" للإسرائيليين والفلسطينيين وسمع من الفلسطينيين كيف يجعل جيش الاحتلال حياتهم بائسة ولكن من المؤثر أكثر أن يسمع من فتاة في مثل عمره كيف أن الجيش يدخل مدرستها من حين لآخر ويدمر روتينهم اليومي، أو من صبي في سنه يروي كيف يريد المغادرة في كل مرة مدينته لزيارة أقاربه، عليه أن يمر بعملية مذلة عند نقطة تفتيش لساعات.

وأكد الشاب: "لم أتخذ قرار رفض الخدمة العسكرية حتى الأشهر القليلة الماضية، لأنني فكرت في تجنب الخدمة في الأراضي المحتلة والقيام بدور أقل توجهًا للقتال، وأقل ارتباطًا بالاحتلال وتوصلت إلى استنتاج مفاده أنه إذا انضممت إلى الجيش الإسرائيلي، بغض النظر عن الدور، فأنا ما زلت جزءًا من منظمة تضطهد الفلسطينيين منذ عشرات السنين".

أما الشاب نافيه، فقد نشأ في أحضان الجيش إلى حد ما وكان والده ضابطا وكان يأخذه معه إلى القاعدة في عطلات نهاية الأسبوع، إذن فقد نشأ في هذا الواقع وكان يحمل أسلحة وينظر إلى المدافع الرشاشة ويجمع فارغ الرصاص من ناحية أخرى، كانت والدته تقول رؤيتها للواقع من زاوية يسارية، وبمقارنة موقف والده من الجيش وموقف والدته من الاحتلال، خلص إلى رؤيته الخاصة حتى بدأ البحث بمفرده وذهب إلى المظاهرات ورأى أن الفصل العنصري واقع، وليس فقط من الناحية النظرية ولم يكن يعرف أن خيار رفض التجنيد أمر ممكن أو موجود واعتقد أنه إذا اضطر لذلك، فسيطلب إعفاء.

وأضاف: "كلما رأيت سلوك الجيش والدولة - أولًا خلال احتجاجات بلفور ضد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو ثم في الشيخ جراح - قررت أنه لا يمكنني الصمت أو المشاركة في القمع والفصل العنصري".

أما الشاب إيفياتار، فعن موقفه الرافض للتجنيد يقول: قررت الرفض لأن الهدف الأساسي للجيش هو التطهير العرقي لغير اليهود، كما يفعلون طوال الوقت وهذا شيء لا يمكنني الالتزام به لا أيديولوجيا ولا أخلاقيا ولهذا السبب اخترت عدم الخدمة، فقد كنت شخصًا منغمسًا جدًا في الكتب والإنترنت، وقد أدى ذلك إلى الانخراط في المواقع اليسارية بقدر ما كانت لدي شكوك، اعتقدت أننا نحن الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وأن الجيش يبذل قصارى جهده لكنني رأيت المزيد والمزيد من عمليات القتل، وسألت نفسي لماذا أتفق مع اليساريين الدوليين حول قضايا الشواذ وكل شيء آخر، وفقط عندما يتعلق الأمر بإسرائيل لا نختلف؟ أدركت أن السبب في ذلك هو أنني نشأت وتعلمت هنا، وأنه إذا كنت أنا في أي مكان آخر في العالم، فسأتفق معهم بشأن إسرائيل أيضًا ".

وأكد الشبان الرافضون للتجنيد في جيش الاحتلال الإسرائيلي أنهم في بيئة لا تتفق مع قرارهم، ولكنها بيئة توفر لهم دعم موقفهم بدون توبيخ ولديهم العديد من المحادثات، بعضها أكثر متعة من البعض الآخر وكل الدهشة تأتي عندما يقول لهم أصدقائهم اليمينيين إنهم "يحترمون حقًا" خيارهم ويدعمونهم من الصعب جدا على العائلة أن تجد ولدها يعارض الدولة والجيش، ولكن الأصدقاء يدعمون قرارهم باتباع ضميرهم وبعض الناس يجدون الأمر أكثر صعوبة، والبعض الآخر يعتقدون أنهم يخالفون القيم الأساسية للدولة، فلا أحد في الأسرة يريد أن يذهب ابنه أو حفيده إلى السجن لكنهم يعرفون أن لكل امرئ حقه في الاختيار وهم يحترمون ذلك.