مذكرات العنكبوت الأسود تلقي الضوء على ملامح عهد الملك تشارلز الثالث
علق رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون على ما رددته وسائل الإعلام الغربية عن تدخل الملك تشارلز الثالث في شؤون السياسة البريطانية والعالمية خلال الفترة السابقة التي احتفظ طوالها بلقب ولي العهد، وقال كاميرون إن تلك التدخلات كانت "صائبة تمامًا" واستحسن كاميرون أن يكتب تشارلز إلى الوزراء والسياسيين عندما كان وريثًا للعرش، من أجل الضغط والتأكيد على القضايا الرئيسية بما في ذلك ملف السل البقري والأدوية العشبية.
في مقابلة مع برنامج "صنداي مع لورا" الذي تبثه شاشة البي بي سي، قال كاميرون إنه لم يشعر أبدًا بتدخل تشارلز في الحكم، الذي صدر عن "مذكراته العنكبوت الأسود" ولم ينزعج على الإطلاق بسبب رسائل تشارلز للوزراء، وقال كاميرون: "عندما كنت رئيس الوزراء، لم أشعر قط أن تشارلز حاول التأثير عليّ بشكل غير لائق بأي شكل من الأشكال بل وأعتقد أن وريث العرش له الحق الكامل في الاهتمام بقضايا مثل البيئة والحفاظ على الحياة البرية واهتمامه بالمناخ، ربما بدت العديد من الأسباب التي تناولها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي هامشية إلى حد ما، لكن تشارلز في السنوات الأخيرة يختار موضوعه بشكل رائع، بل وأصبح خبيرًا في أشياء مثل تغير المناخ والبيئة قبل السياسيين بفترة طويلة، وله السبق في دراسة تلك القضايا".
أعتقد أنه من الصواب تمامًا أن يتمكن وريث العرش من مناقشة الأمور مع السياسيين، ولم لا؟ لا أعتقد أنه يجب أن يكون هناك أي قلق عام بشأن ذلك ووجهة نظري هي أن الرسائل كان يجب أن تظل سرية"، في مذكرات بين تشارلز وكبار وزراء الحكومة أُرسلت في عامي 2004 و2005 وصدرت في عام 2015، ناقش تشارلز قضايا من بينها تصميم مستشفيات جديدة وتوجيهات الاتحاد الأوروبي التي تحد من استخدام الأدوية العشبية البديلة وكشف كاميرون أن تشارلز عقد مقابلة معه كرئيس للوزراء عندما كان أمير ويلز، من أجل الاستعداد لتولي العرش، ومنذ العام 2005، يشغل تشارلز ذهنه بكيفية إدارة الجماهير البريطانية، وأضاف كاميرون أن الملك تشارلز سيكون بارعا في دوره كملك لأنه بارع في الاستماع، وبارع في طرح الأسئلة، وإعطاء النصائح الحكيمة والمشورة الحكيمة وصاحب أطول فترة تدريب على منصب قبل شغله في التاريخ.
وقال كاميرون أيضا إن بوريس جونسون لقي "الترحيب بصفته أحدث عضو في نادي رؤساء الوزراء السابقين عندما التقى هو وأسلافه في مجلس العرش أمس السبت، وقال كاميرون: "إنه النادي الذي لا يرغب أحد في الانضمام إليه ولا يمكنك مغادرته أبدًا إذا انضممت إليه ذات يوم"، وعن تشارلز قال كاميرون إنه سيسعى لتقليص حجم العائلة الحاكمة، ورأى أن توقفه عند دخوله قصر باكنجهام وتحدثه إلى الناس في الحشد كان إشارة إلى أنه يحب أن يشعر الناس كم هو ودود وقريب منهم.
وتوقعت تيريزا ماي، رئيسة الوزراء السابقة أيضًا أن النظام الملكي سيبدأ في التغيير في عهد تشارلز وقالت: "لقد اتبع تشارلز نهجًا مختلفًا، وطريقة مختلفة للقيام بالأشياء بمرور الوقت، وأنا متأكدة من أن الملك تشارلز سيواصل المضي قدمًا في هذه الخطوات، فبالطبع، هو شخص مختلف وقد يرغب في تغيير الأشياء في بعض النواحي، لكنني أعتقد أن أي تغيير في الطريقة التي تتم بها الأمور سيتم بشكل تدريجي وبعناية شديدة".
ويمتلك الملك تشارلز وجهات نظر خاصة بشأن العديد من الأمور والقضايا، من الزراعة العضوية إلى تغير المناخ والتعليم إلى الهندسة المعمارية الحديثة، ولسنوات رفض الملك الاحتفاظ بآرائه لنفسه كما ينص البروتوكول الملكي بل وتجاهل البروتوكول الذي يتطلب من العائلة المالكة البريطانية البقاء على الحياد، وكان تشارلز قد أطلق عليه سابقاً لقب "الأمير المتدخل" لإعلانه وجهات نظره للمسؤولين المنتخبين في بريطانيا، ولإبداء رأيه في الأحداث العالمية، وفق تقرير نشره موقع "نيويورك بوست".
وأحد تلك المواقف التي أبدى فيها وجهة نظره، كانت في مارس 2022، عندما وصف العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا علناً بأنها "عدوان وحشي"، منتقداً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتسببه في "معاناة مروعة ودمار" وكذلك وفي زيارة ملكية إلى كندا عام 2014، قارن تشارلز، الرئيس الروسي بالزعيم النازي أدولف هتلر بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في مارس من ذات العام إلا أن أبرز تلك المواقف تمثل في عام 2015 عندما كشفت علناً سلسلة من الرسائل التي كتبها تشارلز إلى رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير ومشرعين آخرين بعد معركة قانونية استمرت عقداً من الزمان وتضمنت تلك الرسائل التي أطلق عليها اسم "مذكرات العنكبوت الأسود"، 27 رسالة 10 منها بخط يد تشارلز.
ففي رسالة في الثامن من سبتمبر 2004، وصف تشارلز لبلير الزيارة التي قام بها للجيش في أيرلندا الشمالية، وانتقد استخدام رئيس الوزراء طائرة هليكوبتر من طراز لينكس البريطانية ووصفت تلك الرسائل بـ "العنكبوت الأسود" في إشارة إلى خط العنكبوتي لتشارلز بالحبر الأسود، رغم أن العديد من الرسائل مطبوعة مع بعض الملاحظات الشخصية بيد تشارلز.
وعلى الرغم من آرائه العامة بصفته أمير ويلز، قال تشارلز إنه وعد بالاحتفاظ بآرائه لنفسه بمجرد أن يصبح ملكاً وقال لشبكة "بي بي سي" في 2018 خلال فيلم وثائقي بمناسبة عيد ميلاده السبعين، إنه سيتوقف عن التحدث علنا بمجرد أن يصبح ملكًا إلا أن خبيراً ملكياً واحدًا على الأقل يعتقد أن جميع آرائه حول البيئة والجيش والهندسة المعمارية، من بين أمور أخرى تبين أنها صحيحة ويشار إلى أن تشارلز البالغ من العمر 73 عاماً، نصب رسمياً ملكاً للمملكة المتحدة، خلفاً لوالدته الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت يوم الخميس الماضي.