الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

ماذا فعلت المخابرات المصرية حينما أخفى الإسرائيليون والفلسطينيون ‏تفاصيل مباحثات أوسلو؟

الرئيس نيوز

حكى عميد الدبلوماسية المصرية، الأمين العام للجامعة العربية، ورئيس ‏لجنة الخمسين لكتابة الدستور، المخضرم، عمرو موسى، تفاصيل ‏مفاوضات أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، موضحًا أن الطرفين ‏كانا يريدان الانفراد بتلك المباحثات منفردين. ‏

أشار موسى في مذكراته التي تحمل اسم "كتابيه" إلى أنه كان يرفض هذا ‏الأسلوب الفلسطيني لأن فارق الخبرة والمناورة تصب في صالح ‏إسرائيل، ولا يمكن للمفاوض الفلسطيني أن يجاري نظيره الإسرائيلي في ‏تلك المباحثات. ‏
أوضح موسى أنه لما أبلغ الرئيس مبارك بذلك فما كان من الرئيس إلا أن ‏قال له "سيبهم براحتهم طالما هما عاوزين كدا ومبسطين بكدا"، لكن ‏موسى لم يكن مطمئنًا لهذه السياسة، خاصة أنه لما استطلع الموقف مع ‏نظيره الأمريكي، قال له إن الجانب الإسرائيلي لا يضعه في كامل ‏الصورة. ‏

يقول وزير الخارجية الأسبق، إنه تحدث مع رئيس جهاز المخابرات ‏العامة الوزير عمر سليمان، وحكى له شواغله، فما كان من سليمان إلا ‏أن قدم لموسى هدية ثمينة، تمثلت في صورة من محضر الاجتماعات ‏الرسمي لمباحثات أوسلو، وقد حصل عليها سليمان من مصادره الخاصة ‏وكانت مفاجئة بالنسبة لموسى، إذ عكست مدى نفوذ جهاز المخابرات ‏المصري، وقدرته على اختراق أي مباحثات حتى ولو كانت سرية.‏

يوضح موسى أن ما أثار فخره كذلك أنه لما عرض الملف على نظيره ‏الأميركي وقتذاك وارين كوريستوفر، فوجئ به إلى درجة كبيرة، وأبدى ‏دهشته من وصول مصر إلى مثل هذا المحضر وهو جزء من مباحثات ‏سرية. وأوضح موسى أنه قرر عرض الملف على الوزير الأمريكي لأه ‏كان واثقًا من انه لن يستطيع فهمه خلال وقت قصير خاصة أنه كتب ‏بصيغ وجمل ومدخلات كثيرة. ‏

لفت موسى إلى أن فريق من وزارة الخارجية عكف على فك طلاسم هذا ‏المحضر وبالفعل نجح في ذلك إلى حد كبير وقام بتلخيص العديد منه مما ‏يعكس مدى خبرة فريق الدبلوماسية المصري.‏

يقول موسى في كتابه: "أستطیع أن أقول إنه لم كن لنا إسهام في ‏مفاوضات أوسلو؛ لأن الإسرائیلیین أرادوا أن یكونوا وحدهم مع ‏الفلسطینیین، ولم یكن الفلسطینیون یمانعون في ذلك خصوصا بعدما وافق ‏عرفات على تفویض عدد من المفاوضین الفلسطینیین بالجلوس في ‏مفاوضات أوسلو والعمل على الوصول إلى اتفاق. وصل الأمر- كما ‏علمنا - إلى أن الخارجیة الأمریكیة نفسها لم تكن في كامل الصورة یوميًا ‏بالنسبة إلى كثیر من تفصیلات هذه المفاوضات التي جرت في العاصمة ‏النرویجیة؛ ربما لأن إسرائیل لم تكن تطلعهم على تفاصیل التفاوض ‏بطریقة منتظمة. من جانبنا كان أبو عمار یضعنا في بعض الصورة، بعد ‏وصول التقاریر إلیه من محمود عباس (أبو مازن) وأحمد قریع (أبو ‏علاء) الذي كان یترأس وفد المفاوضین الفلسطینیین". ‏

يضيف موسى: "لم یكن مبارك مهتمًا بتفاصیل ما یجري في هذه ‏المفاوضات. من وجهة نظره مادام الفلسطینیون سعداء وراضین عن هذا ‏المسار التفاوضي فلا داعي لأن نكون ملكیین أكثر من الملك. لكن من ‏جانبي بوصفي وزیًرا للخارجیة حاولت بكل ما أستطیع معرفة تفاصیل ما ‏یجري في أوسلو بشأن هذه المفاوضات، برغم اتفاقي مع وجهة نظر ‏الرئیس، أي أنه مادام الفلسطینیون یتفاوضون بأنفسهم ومقبلین على هذا ‏المسار فلا داعي لأن نفرض أنفسنا، إلا أنني كنت قلقًا لانعدام التوازن ‏بین الطرفین المتفاوضین من حیث القوة والجاهزیة، كما لم أكن مقتنًعا ‏بأن الأمریكان لیسوا في كامل الصورة مما یجري؛ وبالتالي قد تكون ‏مصر فقط هي التي لیست في كامل الصورة". 

يتابع: " هنا جاء دور اللواء عمر سلیمان، رئیس جهاز المخابرات العامة. ‏تحدثت مع الرجل بشأن شواغلي مما یجري في المفاوضات الفلسطینیة – ‏الإسرائیلیة، والتي لا نعرف حقیقة ما یدور فیها على وجه الیقین. بعد ‏أیام قدم سلیمان لي هدیة لم أكن أحلم بها في هذا الخصوص. قدم لي ‏نسخة من محاضر اجتماعات هذه المفاوضات، كان قد حصل علیها ‏بصورة أو بأخرى، وكنا مازلنا في مرحلة مبكرة من تلك المفاوضات. ‏كانت سعادتي بالغة بهذه المحاضر، التي وضعت الدولة المصریة في ‏الصورة مما یجري حتى تاریخه، وهو ما من شأنه مساعدتنا عند اتخاذ ‏قراراتنا ومواقفنا على إلى أرضیة معلوماتیة خصبة".‏