انقسامات شيعية وجدل واسع حول طعن الكاتب سلمان رشدي
تداول مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قديم قال فيه حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني: "لم يكن هناك من يجرؤ على مهاجمة النبي محمد مرة أخرى لو كان سلمان رشدي قد قتل بعد فتوى الخوميني مباشرة"، ومؤخرًا أدى طعن الكاتب سلمان رشدي إلى كشف الانقسامات في المجتمع الشيعي في لبنان، فقد بادر فريق من الشباب الشيعة بشجب العنف، وفي المقابل هناك فريق آخر من الأتباع المتحمسين لحزب الله المدعوم من إيران والذين أشادوا بالهجوم وتلقى أحد المدافعين عن رشدي تهديدات بالقتل.
ووقع الهجوم بالقرب من منزل بين الشيعة في لبنان وكان المهاجم هادي مطر البالغ من العمر، يبلغ من العمر 24 عامًا، يحمل الجنسية اللبنانية الأمريكية، ويعيش والده في قرية في جنوب لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله. وقالت والدة مطر إنها تعتقد أن زيارة ابنها لقرية يارون في 2018 حولته إلى متعصب ديني، وصدرت الفتوى التي حثت المسلمين على قتل رشدي في عام 1989 من قبل الزعيم الإيراني الروحي آنذاك، آية الله روح الله الخميني، الذي اتهم الكاتب بالكفر بسبب تصويره للنبي محمد في رواية "آيات شيطانية" وأشادت إيران الحليف المقرب لحزب الله بهجوم الجمعة ولكنها نفت أي دور مباشر لها والتزم مسؤولو حزب الله الصمت منذ الهجوم على رشدي البالغ من العمر 75 عامًا عندما كان على وشك إلقاء محاضرة في غرب نيويورك ورفض مسؤول في حزب الله التعليق عندما اتصلت به وكالة أسوشيتد برس.
يدعم معظم الشيعة اللبنانيين حزب الله وحركة أمل الأكثر علمانية المتحالفة برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي فازت بجميع المقاعد الـ 27 المخصصة للطائفة خلال الانتخابات البرلمانية هذا العام، فمقاعد مجلس النواب ومجلس الوزراء مقسمة في لبنان حسب الانتماءات الدينية ومع ذلك، هناك أقلية صاخبة من منتقدي حزب الله بين الشيعة وتعرض عدد منهم للهجوم وقتل واحد بالرصاص العام الماضي ومع احتدام الجدل، ظهر مقطع فيديو قديم لزعيم حزب الله حسن نصر الله على وسائل التواصل الاجتماعي. قال نصر الله فيه: "لم يكن أحد ليتجرأ على مهاجمة نبي الإسلام محمد مرة أخرى" لو قتل رشدي فور الفتوى واتهم بعض منتقدي حزب الله الجماعة وأنصارها بتعليم أبنائهم القتل باسم الدين.
وقالت والدة مطر، سيلفانا فردوس، لقناة الجديد المحلية إن ابنها عاش طوال حياته في الولايات المتحدة حتى زار لبنان للمرة الأولى والأخيرة في عام 2018 وتلك الرحلة غيرته إلى الأبد، على حد قولها واضافت: "بعد عودته من لبنان كان إنسانًا مختلفًا... كنت أعلم أنه يعاني من اكتئاب طويل وكنت أتوقع يومًا ما أن أستيقظ وأكتشف أنه انتحر"، مدعية أن ابنها تعرض لسوء المعاملة من قبل أبوه ولدى سؤالها عما إذا كانت قد سألت نفسها عما إذا كانت قد ربت إرهابيًا أم متطرفًا، قالت الأم: "لا.. لقد ربيت ملاكًا " ومنع الصحفيون من دخول يارون ووالد مطر لم يتحدث لوسائل الإعلام على الرغم من الصمت الرسمي لحزب الله، أشاد أنصار الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي بالهجوم وأطلق البعض تهديدات ضد الصحفية البارزة ديما صادق بعد أن نشرت على حسابها على تويتر صورة للخميني والجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الذي قُتل في غارة أمريكية عام 2020، واصفة الاثنين بـ "آيات شيطانية".
منذ ذلك الحين، لم تتوقف التهديدات بالقتل على وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الرسائل على هاتفها المحمول، حيث حذرها رجل في رسالة تقول: "سأغتصبك في الأماكن العامة"، وقال آخر "يجب إراقة دمائها" وتلقت رسالة نصية أخبرها فيها المرسل بمكان إقامتها، وذكرت ديما صادق، وهي من أشد منتقدي حزب الله منذ سنوات، لوكالة أسوشييتد برس: "هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها أنني في خطر" وزعمت أن الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي ضدها من تنظيم جواد نجل نصر الله وقالت إنها تقيد حركتها بسبب تلك التهديدات لأول مرة في حياتها، وحثت لجنة حماية الصحفيين السلطات اللبنانية على فتح تحقيق وحماية ديما صادق، وهناك الصحفي الشيعي محمد بركات، مدير تحرير موقع أساس ميديا الإخباري، الذي تعرض أيضًا للهجوم بعد أن كتب أنه بطعن رشدي، طعن مطر الشيعة الذين يعيشون في أوروبا وأمريكا وفي الجانب الآخر، قال الصحفي اللبناني رضوان عقيل من صحيفة النهار المحلية الشهيرة في تصريحات متناقضة على ما يبدو إنه تغاضى عن وإن تغاضى عن الفتوى ضد رشدي، ولكن ليس بإمكانه التغاضي مع قتل أي شخص، بما في ذلك الكتاب.
وقال عقيل في مقابلة تلفزيونية مع وسائل إعلام لبنانية: "أنا بالطبع مع الحريات السياسية وحرية التعبير... لكنني لست مع انتقاد أعظم رجل في التاريخ النبي محمد، كما أنني أرفض انتقاد السيد المسيح" واصدرت "النهار" بيانا بعنوان "تبني دعوة للقتل مخالف لسياساتنا". وقالت إن آراء عقيل خاصة به وقُتل صحفيان كانا يعملان في الصحيفة وكانا منتقدين صريحين لحزب الله وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد، وهو حليف آخر لإيران، في تفجيرات بسيارات مفخخة في عام 2005 وقد يتلاشى الجدل في النهاية لأن معظم اللبنانيين منشغلون بالانهيار الاقتصادي للبلاد ونقص الخدمات وقال هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، "لديهم الكثير من المخاوف الأخرى" ولم يعلق القادة السياسيون اللبنانيون على هجوم رشدي ولكن وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد مرتضى شجب تصوير رشدي للنبي وغرد مرتضى، الوزير الشيعي المقرب من حلفاء حزب الله، على تويتر: "حرية التعبير يجب أن تكون مهذبة والإهانات أو حمل ضغائن قاتمة لا علاقة له بالأخلاق".