مع تجاهل المطالبات المصرية..ماذا بعد تشغيل التوربين الثاني لسد النهضة؟
بدأت إثيوبيا في توليد الطاقة من التوربين الثاني في سد النهضة الخميس 11 أغسطس 2022 في تمام الساعة 1:12 ظهرًا، وكانت إثيوبيا قد بدأت توليد الكهرباء لأول مرة من السد في فبراير الماضي على الرغم من استمرار اعتراضات مصر والسودان على المشروع.
وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أن عملية ملء ثالثة لسد النهضة الإثيوبي الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات مستمرة، وهو تطور دفع مصر الشهر الماضي للاحتجاج أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق حتى الآن بين إثيوبيا وجيرانها في المصب مصر والسودان بشأن عمليات سد النهضة. أصر أبي على أن الملء الثالث للسد الذي تبلغ تكلفته 4.2 مليار دولار - المقرر أن يكون أكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا - لا يسبب أي نقص في المياه للبلدين. وصرح آبي: "قلنا مرارا لدول المصب، وخاصة مصر والسودان، أنه من خلال توليد الطاقة فإننا نطور اقتصادنا".
وأشارت صحيفة ليجيت النيجيرية إلى أنه من المتوقع في نهاية المطاف أن ينتج سد النهضة أكثر من 5000 ميجاوات، أي أكثر من ضعف الإنتاج الحالي لإثيوبيا وفي الشهر الماضي، خاطبت مصر مجلس الأمن معربةً عن اعتراضها على خطط إثيوبيا لملء السد للعام الثالث دون اتفاق ثلاثي وتخشى القاهرة والخرطوم أن يهدد ذلك وصولهما إلى مياه النيل الحيوية وطالبتا باتفاق مكتوب بينهما بشأن ملء السد وتشغيله وبدأت عملية ملء الخزان الواسع لسد النهضة، والذي تبلغ طاقته الإجمالية 74 مليار متر مكعب، في عام 2020.
وناقش المبعوث الأمريكي الجديد للقرن الأفريقي مايك هامر المشروع خلال زيارته لكل من إثيوبيا ومصر خلال الشهر الماضي، وقال إن واشنطن "تشارك بنشاط" في دعم الجهود المبذولة لإيجاد حل دبلوماسي للنزاع على السد، الذي يبلغ ارتفاعه 145 مترًا (475 قدمًا) على نهر النيل الأزرق في منطقة بني شنقول-جوموز في غرب إثيوبيا، بالقرب من الحدود مع السودان.
ولكن شبكة التلفزيون الكندية العالمية، جلوبال نيوز، رصدت ضعف دعم القوى الكبرى لمطالب مصر بشأن السد، وسلطت الضوء على إغفال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، خلال جولته الأفريقية الأخيرة قضية الخلاف على مياه النيل وأزمة السد الإثيوبي وبدلاً من ذلك، ركزت تصريحات لافروف على تصوير بلاده كصديق محترم للدول الأفريقية، على عكس الدول الغربية التي لا تزال تتعامل مع القارة بعقلية استعمارية.
على الرغم من أن القاهرة حرصت دائمًا على تضمين قضية سد النهضة في محادثاتها واجتماعاتها الدولية في الماضي، إلا أنه يبدو أن هذه القضية قد تم استبعادها من البيانات الرسمية خلال زيارة لافروف للعاصمة المصرية في 24 يوليو، في أول رحلة له إلى إفريقيا منذ بدأت الحرب الروسية على أوكرانيا في أواخر فبراير.
ولم تشر القراءات الرسمية التي صدرت عقب اجتماعات لافروف مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري إلى أزمة سد النهضة. وبدلاً من ذلك، ركزت هذه التصريحات على مشاريع التعاون الثنائي، وهي مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية والمنطقة الصناعية الروسية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وتزامنت زيارة لافروف لمصر ولاحقًا إلى إثيوبيا مع عملية الملء الثالثة لخزان السد.
في 29 يوليو الماضي، كررت مصر اعتراضها على استمرار إثيوبيا في ملء السد من جانب واحد في رسالة موجهة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تنص على أن "الدولة المصرية لن تقبل أي مساس بحقوقها أو بأمنها المائي، وتحتفظ بكافة حقوقها في اتخاذ ما تراه مناسبًا من إجراءات لحماية حقها المشروع الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة في اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية أمنها القومي، في مواجهة أي مخاطر قد تنجم عن الإجراءات الإثيوبية الأحادية الجانب".
ودعت مصر في الرسالة مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته والتدخل لتنفيذ إعلان المبادئ الذي يلزم الدول الثلاث - مصر والسودان وإثيوبيا - بالتفاوض والتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة في أسرع وقت ممكن.