جنون الدولار يضرب السوق.. ارتفاعات في أسعار السلع ومواد البناء والذهب
تخيم حالة من الترقب الحذر بين أوساط الصناع على خلفية ارتفاع سعر الدولار لأكثر من 19 جنيه فى البنوك المحلية منذ بداية شهر أغسطس الجارى، وسط توقعات بتحرك مماثل لأسعار مستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة، نظرا لصعوبة توفير العملة الصعبة وتأخر فتح الاعتمادات المستندية.
تأتى تلك القفزة فى سعر بيع الدولار بالتزامن مع تفاقم أزمة التضخم العالمى وسط اضطرابات الأوضاع السياسية وحركة التجارة الدولية بسبب أزمة الحرب فى أوكرانيا والتوترات السياسية والعسكرية فى نطاق جزيرة تايوان بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة وأن ارتفاعات أو انخفاضات عملة الدولار الأمريكى تعد محدد أساسى لمستويات الأسعار فى مصر نظرًا لاعتمادها بشكل كبير على الاستيراد فى سد احتياجات السوق المحلى.
وأرجع خبراء ومتخصصون فى الشأن الاقتصادى الزيادة الأخيرة فى سعر الدولار إلى عدة أسباب، أهمها نشاط السوق السوداء لتجارة العملة نتيجة تزايد الطلب على شراء الدولار باعتباره ملاذ آمن للاستثمار، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة واردات مصر من مختلف دول العالم بسبب موجة التضخم العالمية، وكذلك اتجاه فئة كبيرة من المصريين العاملين بالخارج لشراء الدولار بعد طرح اراضي الخاصة ببيت الوطن التابعة للعاملين بالخارج التي يتم تسديد اقساطها بالدولار، وجميعها أسباب أدت إلى صعود الدولار لأعلى مستوياته منذ ديسمبر 2016، حينما كان سعر الدولار مقابل الجنية قد سجل 19.56 جنيه.
التقديرات الدولية أيضًا تشير إلى ارتفاع جديد قد يطرأ على سعر الدولار مقابل الجنية ليكسر حاجز الـ 20 جنيه بنهاية العام الحالى 2022، بسبب محاولة الدولة المصرية تحقيق منح مرونة في سعر الصرف لتتماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي للموافقة على منحها قرض جديد.
وجاء قطاع البناء والتشييد فى مقدمة القطاعات التى تأثرت بارتفاعات سعر الدولار مقابل الجنية، إذ شهدت أسعار مواد البناء وعلى رأسها حديد التسليح زيادة جديدة فى غضون الساعات القليلة الماضية بقيمة قاربت من 500 جنيه فى الطن الواحد، لتتراوح الأسعار ما بين 17.9 ألف جنيه لـ 18.4 ألف جنيه صباح اليوم الإثنين.
كما ارتفع سعر الذهب اليوم الاثنين في مصر ، بمقدار جنيهين لكل جرام، مع صعود المعدن عالميا، ليسجل سعر الذهب عيار 14 نحو 717 جنيها للجرام، عيار 18 بـ 921 جنيها للجرام، عيار 21 بـ 1075 جنيها للجرام، والذهب عيار 24 بـ 1229 جنيها للجرام.
ومن جانبه، أرجع أحمد الزينى رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، ارتفاع أسعار مواد البناء فى السوق المحلى رغم تراجعها عالميًا إلى تعطل الطاقة الإنتاجية لبعض المصانع بسبب نقص مستلزمات الإنتاج الناتج عن صعوبة توفير العملة الصعبة وتأخر فتح الاعتمادات المستندية، ما أدى لنقص المعروض من مواد البناء وارتفاع أسعارها.
وأضاف الزينى أن الدولة قدمت امتيازات عديدة للصناع من خلال دعم سعر الطاقة وإتاحتها بأسعار أقل مقارنة بنظيرتها فى الأسواق العالمية حتى لا تتأثر بموجة التضخم العالمية وتحافظ على استقرار الأسعار محليًا، وبالتالى من غير المنطقى أن يقابل ذلك توقعات حدوث زيادة جديدة فى أسعار مواد البناء محليًا.
بينما رأى علاء عز أمين اتحاد الغرف التجارية، أن هناك العديد من الأزمات العالمية التى أثرت على أسعار السلع وإتاحتها فى السوق المحلى بداية من أزمة كورونا بموجاتها المتوالية ثم الحرب الروسية الأوكرانية واضطراب سلاسل الإمداد، ولكن مصر اتخذت إجراءات استباقية متعددة ما بين التوسع فى تنفيذ مشروعات الصوامع والمخازن وزيادة الرصيد الاستراتيجي لـ 7-9 أشهر.
وأشار "عز"، إلى توجيهات القيادة السياسية بالحفاظ على استقرار الأسعار من خلال الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص للعمل على ضمان وصول السلعة من المصنع أو المنتج مباشرة إلى المستهلك دون أى وسيط سواء تاجر جملة أو تجزئة لمنع استغلال الأزمة وزيادة هامش الربح الذى يؤدى فى النهاية إلى زيادة سعر البيع النهائى للمنتج.
وأضاف أن الأسعار العالمية لمستلزمات الإنتاج للعام الحالى تضاعف سعر سلة الغذاء العالمية بنسبة وصلت بنسبة 100% وهى زيادات لم يراها العالم من قبل، ومصر تستورد 60% من غذاءها و60% من مستلزمات الصناعات الغذائية، مضيفًا أن الزيادة التى حدثت فى الأسعار محليًا أقل كثيرًا من المعدلات المناظرة من الأسواق العالمية.