الشريك التجارى الأول.. الصين تدق طبول الحرب فكيف يتأثر الاقتصاد المصري؟
بينما لا يزال العالم يقبع تحت وطأة أزمة اقتصادية طاحنة أحدثتها المواجهات العسكرية فى أوكرانيا، بدأت الحرب تقرع طبولها مجددًا فى بقعة جديدة من العالم بمنطقة جنوب شرق آسيا حيث تقع جزيرة تايوان والتى تصاعد بسببها حدة التوترات السياسية والعكسرية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
التوترات الأخيرة عززتها زيارة سريعة أجرتها رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيولسى إلى تايوان التى تعتبرها الصين جزءا من أراضيها، في خطوة حذرت منها بكين مسبقًا وحشدت قواتها قرب الجزيرة في رسالة تهديد واضحة لواشنطن.
وإزاء تلك التهديدات لم تأبه المسئولة الأمريكية بتحذيرات بكين، وأجرت بالفعل زيارة إلى تايوان استغرقت يومين، حرصت خلالها تأكيد التزام بلادها بدعم الديموقراطية فى تايوان وتعزيز المصالح المشتركة بين البلدين، بما في ذلك تطوير منطقة المحيطين الهندي والهادئ المفتوحة والحرة".
توترات عسكرية متسارعة
وسرعان ما جاء الرد الجانب الصينى بإجراء أكبر مناورات عسكرية على الإطلاق فى محيط جزيرة تايوان، وتعد هذه هي المرة الأولى التي يطلق فيها ذخيرة حية ونيران مدفعية بعيدة المدى فوق مضيق تايوان، وفور بدء المناورات، أكد الجيش التايواني أنه "يستعد للحرب من دون السعي إليها".
وعلى وقع تلك التوترات العسكرية المتسارعة يحبس العالم أنفاسه خوفًا من تزايد حدة الأزمة الاقتصادية التى لازالت تؤثر بشدة على سلاسل الإمداد والإنتاج وحركة التجارة عالميًا وما ترتب عليها من موجة تضخمية غير مسبوقة ضربت عدد كبير من الاقتصاديات العالمية وبخاصة فى أسعار النفط والغذاء.
تعد الصين واحدة من أهم منابع سلاسل التوريد حول العالم، بعدما نجحت في التربع على عرش صادرات العالم عام 2009، حين انتزعت الصدارة من ألمانيا في خضم الأزمة المالية العالمية، وتمكنت من التوسع في إمبراطورية الصادرات من خلال أذرع عديدة مثل أجهزة المحمول والإلكترونيات والسيارات والملابس.
بالفعل دفع تصاعد التوتر بين بكين وتايوان العقود الآجلة للنفط للارتفاع لأكثر من دولارين للبرميل ؛ إذ تم تداول برميل برنت عند 100.32 دولار أمريكي لعقود شهر أكتوبر القادم، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.26% في عقود شهر سبتمبر، ليصل إلى 94.13 دولار أمريكي للبرميل، وسط مخاوف تعطيل الإمدادات.
الصين أكبر شريك تجارى لمصر
أما على الصعيد المحلى، تعد الصين أكبر شريك تجارى لمصر، إذ يبلغ التبادل التجارى بين البلدين 19 مليار دولار خلال العام الماضى 2021 بزيادة 37.3% عن العام السابق عليه، كما قدر حجم الاستثمارات الصينية في العام الماضى حوالى 223 مليون دولار، بزيادة الضعف تقريبا عن العام السابق، وشملت هذه الاستثمارات العمل في مشاريع في العاصمة الإدارية ومدينة العاشر من رمضان وقناة السويس.
من جانبه، أكد الدكتور صلاح فهمى أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن أى مواجهات محتملة بين الصين وأمريكا بسبب تايوان سيترتب عليها آثار سلبية على الاقتصاد العالمى ككل والاقتصاد المصرى على وجه التحديد، نظرًا لأن مصر تحتفظ بعلاقات اقتصادية وثيقة مع الجانب الصينى، حيث تعد الأخيرة الشريك التجارى الأول لمصر والتى تعتمد عليها فى تغطية احتياجاتها من واردات مختلف السلع الاستهلاكية المعمرة وغير المعمرة والاستثمارية والمواد الخام الداخلة فى الإنتاج والتصنيع.
وأضاف الخبير الاقتصادى، فى تصريحات خاصة، أنه من المبكر التنبؤ بتداعيات تلك التوترات التى تشهدها جزيرة تايوان، والتى لازالت لا تتعدى التهديدات والتلويح باستخدام القوة العسكرية، مشيرًا إلى أن الأسابيع القليلة القادمة ستكشف بصورة أوضح لطبيعة الصدام بين الصين وأمريكا وتايوان، وما إذا كانت سيتحول إلى مواجهات عسكرية مباشرة أم ستكون حرب اقتصادية باردة يدريها الطرفين من خلال عقوبات اقتصادية، وفى الحالتين سيكون هناك تبعات على حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد، وبالتالى من المتوقع أن تشهد أسعار مختلف السلع ارتفاعات نسبية وبخاصة مع تأثر واردات قطع الغيار والسلع الوسيطة.
حصار اقتصادى صينى على تايوان
أما شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، فجاءت توقعاتهم أكثر هدوءًا مستبعدين إمكانية حدوث مواجهات عسكرية على غرار ما حدث بين روسيا وأوكرانيا، لكن أسوأ السيناريوهات تتوقع حصار اقتصادى صينى على تايوان، وفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات اقتصادية ضد الصين، لهذا من المتوقع تعطل وصول السلع الصناعية وإمدادات المواد الخام للمصانع وارتفاع أسعارها.
أما عن أهم المنتجات التي تستوردها مصر من تايوان، أوضحت الشعبة أن السلع تشمل أجهزة آلية وصناعية ولدائن والمنسوجات والأجهزة التكنولوجية، بخلاف قطع الغيار السيارات.
وتشير بيانات الإحصاء، إلى أن الصين تأتى فى المرتبة الأولى بين أكبر الدول التى تعتمد عليها مصر فى الاستيراد بنحو 5.028 مليار دولار خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الحالى 2022 مقابل 4.3 مليار دولار خلال الأشهر المناظرة من العام السابق عليه، بزيادة نسبتها 14.6%، وتمثل أبرزها فى آلات وأجهزة كهربائية، أجهزة آلية، وسيارات وجرارات ودراجات وأجزاؤها.
كما تبلغ صادرات مصر للصين 1.1 مليار دولار خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الحالى 2022 مقابل 475.4 مليون دولار خلال الأشهر المناظرة من العام السابق عليه، بزيادة بلغت نسبتها 136.2%، وتمثلت أهم الصادرات المصرية إليها فى وقود وزيوت معدنية، قطن، فواكه وأثمار صالحة للأكل وجلود.