الجمعة 20 سبتمبر 2024 الموافق 17 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

رجال الدين وحقائب النقود يشعلان "فتنة طائفية جديدة" في لبنان

الرئيس نيوز

أعادت صحيفة كروكس ناو الإلكترونية الون الكنيسة الكاثوليكية نشر صورة للمصوّرة اللبنانية الرسمية دالاتي نهرا، ظهر فيها استقبال الرئيس اللبناني ميشال عون لرئيس أساقفة لبنان الماروني موسى الحاج، في القصر الرئاسي في بعبدا شرقي بيروت، والتقطت الصورة قبل بضعة أيام، وكان رئيس الأساقفة، موسى الحاج، بطلاً لقضية أثارت الرأي العام في لبنان بعد أن تم القبض عليه ومعه أكثر من 450 ألف دولار نقدًا أثناء عبوره من إسرائيل إلى لبنان إلى زيادة التوترات الطائفية في وطنه المنكوب بالأزمات، وقالت الصحيفة إن المثير هو رصد هذا المبلغ في قلب المواجهة الطائفية الأخيرة في لبنان المنكوبة بالأزمات، ويمكن أن تمتد القضية إلى السياسة الرئاسية وزاد الوضع من حدة الخلاف بين معسكرين سياسيين قويين: حزب الله اللبناني الشيعي والكنيسة المارونية.
واحتجز موسى الحاج لفترة وجيزة الشهر الماضي من قبل ضباط الحدود اللبنانية وصادروا 20 حقيبة مليئة بالنقود والأدوية، باعتبار تصرفه مخالفة لقوانين لبنان الصارمة ضد التطبيع مع إسرائيل ويقول معارضو حزب الله إن الجماعة المدعومة من إيران لها نفوذها على المؤسسات والأجهزة الأمنية اللبنانية، واستخدمتها لاستهداف الكنيسة المارونية أما رئيس الأساقفة، موسى الحاج، فهو عضو بارز في الكنيسة المارونية، التي أصبح بطريركها ينتقد بشكل متزايد حزب الله المدعوم من إيران ونفوذه المتزايد في لبنان ويرى الكثيرون من المجتمع المسيحي أن توقيف رئيس الأساقفة واستجوابه هجومًا على الكنيسة.
وندد البطريرك الماروني بشارة الراعي، في خطبة ألقاه أواخر الشهر الماضي، بالإجراءات القانونية ضد موسى الحاج ووصفها بأنها ملفقة، بحجة أن الأموال كانت موجهة للأعمال الخيرية وطالب بإسقاط التهم واستقالة القاضي العسكري الذي يرأس القضية وقوبل هذا الرأي بحفاوة بالغة وتجمع المتظاهرون في الأسبوع التالي في مقر إقامته الصيفي للتجمع دعما للكنيسة.
ويكمن وراء الخلاف عقود من العلاقات العدائية بين إسرائيل ولبنان وكانت الدولتان في حالة حرب رسميًا منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، ولدى لبنان قوانين صارمة لمكافحة التطبيع ولا تزال الحدود مغلقة، على الرغم من أن العديد من كبار المسؤولين المسيحيين اللبنانيين لديهم الإذن بالعبور في بعض الأحيان لزيارة أقاربهم وذويهم في إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن.
في 20 يوليو، احتجز عناصر حرس الحدود اللبنانية الحاج لمدة ثماني ساعات بعد عودته من إسرائيل ومعه 20 حقيبة من الأدوية والنقود أما الحاج، فقد أصر في أقواله على أنه كان ينقل أموالاً ومساعدات من المسيحيين اللبنانيين في شمال إسرائيل إلى أقاربهم في البلد الذي يعاني من ضائقة مالية وصادرت السلطات تلك الأموال والأدوية وهاتف الحاج وجواز سفره واعتبر مسؤولو حزب الله تصرف الحاج بمثابة تطبيع مع إسرائيل واتهموه بتسليم أموال من لبنانيين مرتبطين بميليشيا قاتلت ذات يوم إلى جانب إسرائيل.
وانتقل آلاف اللبنانيين إلى إسرائيل بعد أن أنهت 18 عامًا من احتلالها لأجزاء من جنوب لبنان في عام 2000 وكان العديد ممن فروا إلى إسرائيل مرتبطين بالميليشيا الرئيسية الموالية لإسرائيل في المنطقة، وجيش جنوب لبنان، الذي انهار بعد ذلك وانسحبت القوات الإسرائيلية ورجح التقرير أنه من الممكن أن يكون للقضية تداعيات سياسية أوسع، حيث تعاني لبنان منذ شهور من عدم وجود حكومة تعمل بكامل طاقتها ومن المتوقع إجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية أكتوبر.
في ظل نظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان، يجب أن يكون رئيسه مارونيًا على الدوام. الرئيس الحالي ميشال عون هو حليف لحزب الله، لكن انتقاد البطريرك الماروني المتزايد لحزب الله يشير إلى أنه لا يوجد ضمان بأن الرئيس المقبل سيواصل التحالف مع الميليشيا وكان البرلمان اللبناني يتمتع في يوم من الأيام بأغلبية واضحة لحزب الله وحلفائه، لكن منذ الانتخابات التي جرت في مايو، يقف الآن على قدم وساق مع بعض أشد خصومه، وأبرزهم حزب القوات اللبنانية المسيحية واحتشد معظم أعضاء البرلمان المسيحيين من الطوائف الأخرى المعارضين لحزب الله لدعم رئيس الأساقفة والكنيسة المارونية، وصرح النائب إلياس حنكش، وهو مسيحي من حزب الكتائب: "نتفق مع كل ما قالوه، سواء كانت دعواتهم لإقالة القاضي، أو الانتقائية في كيفية معاملة رئيس الأساقفة ويجب ألا يكتفي مسؤولو حزب الله بالتعبير عن غضبهم ضد مسؤول ديني لإرسال رسالتهم إلى البطريرك"، وعلق عماد سلامي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأمريكية في بيروت، قائلاً إن حزب الله وممارساته أصبحت على المحك، وأضاف: "نحن على وشك إجراء انتخابات رئاسية وبعد ذلك يتعين علينا تشكيل حكومة جديدة ووضع سياسة حكومية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لذا أعتقد أن حزب الله يريد إرسال جميع أنواع الرسائل في الوقت الحالي، وهو مصمم على إظهار أنه لا يزال اللاعب الرئيسي بين الجميع".
أما قيادة حزب الله، فلم تعلق ونفى زعيم التنظيم حسن نصر الله في مقابلة أجريت معه مؤخرا نفوذ الجماعة في الأجهزة الأمنية والقضاء، مضيفًا أن في لبنان قوانين وأجهزة أمنية تعمل وفقًا للقوانين، والأجهزة الأمنية تتخذ إجراءات تجاه أي متعاون أو متعاون محتمل وكان رئيس كتلة حزب الله في البرلمان محمد رعد أكثر وضوحًا، حيث قال إن تسليم رئيس الأساقفة للمال والأدوية كان تطبيعًا، والذي وصفه بأنه "خيانة وطنية وجريمة".
قال شخص مقرب من قضية الحاج لوكالة أسوشيتيد برس إن السلطات عرضت على الراعي إعادة جواز سفر المطران وهاتفه المصادرين، مع الاحتفاظ بحقائب النقود والأدوية ولكن الراعي رفض ولن يحضر رئيس الأساقفة جلسات أي محاكمة تتعلق بشأن احتجازه مؤقتًا، في غضون ذلك، يتفاقم الفقر لدى ملايين اللبنانيين، أي حوالي ثلاثة أرباع سكانها ويصيب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الخبز وطوابير شرائه والتضخم الأسر في جميع أنحاء البلاد الفسيفسائية المكونة من 18 طائفة دينية بعد عقود من سوء الإدارة الاقتصادية الشائنة والفساد من قبل الأحزاب الحاكمة في لبنان.
وقال مهند الحاج علي، الزميل الباحث بمركز كارنيجي للشرق الأوسط، إن الناس يطالبون بالمساءلة والإصلاح، لذا فإن التوتر السياسي الخلافي قد يكون بمثابة ستار دخان جيد وقال الحاج علي "الطبقة السياسية تلجأ إلى الأسلوب القديم للاستقطاب الطائفي، لقد كانت وسيلة فعالة، وأعتقد أنها ستظل فعالة."