الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

"سيف العدل" و" المغربي"..من يخلف الظواهري فى قيادة تنظيم القاعدة؟

الرئيس نيوز

أشار معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى أن الإرهابي أيمن الظواهري له العديد من الفوائد الرمزية القوية إلّا أنه من غير المرجح أن تؤثر وفاته على العمليات اليومية للتنظيم، والتي تقودها بشكل متزايد فروع خطيرة في إفريقيا.
 
وينذر مقتل الظواهري بحقبة جديدة لتنظيم القاعدة، تتراجع فيها ثقة التنظيم في قيادته العليا وبخلاف سلفه، لم يكن الظواهري معروفاً بخطابه الملهم أو بذكائه الإعلامي، مفضلاً المحاضرات الطويلة المملة والخطب المصورة التي دفعت بالكثيرين إلى اعتباره زعيماً إرهابياً أقل قدرة على استقطاب الشباب من بن لادن. ومع ذلك، كان الظواهري بلا شك مسؤولاً عن جزء كبير من الأساس الفكري للأجندة الدولية لتنظيم القاعدة المتمثلة في القيام بهجمات إرهابية كبيرة الحجم وتعزيز الحكم الجهادي. واليوم، تجد نفسها بعض فروع التنظيم، خاصة في الصومال ومالي، في مواقع قوة لمواصلة هذه المهمة.

مُنظّر عقائدي إرهابي

ولد الظواهري لعائلة مصرية ثرية مرموقة وعمل كطبيب في أولى مراحل حياته، ثم أسس حركة "الجهاد الإسلامي" المصرية في السبعينيات، وهي جماعة إرهابية كان هدفها قلب نظام الحكم وبحلول أواخر الثمانينيات، بدأت جماعته التي كانت تشهد تراجعاً في أعدادها، بالعمل بشكل وثيق مع تنظيم القاعدة، الذي كان ينفذ الجهاد ضد السوفييت في أفغانستان في ذلك الوقت. وبالإضافة إلى ميل الظواهري للهجمات العشوائية التي قتلت المدنيين، تمثلت مساهمته الرئيسية بالتفكير الاستراتيجي الذي يقوم على استهداف العدو البعيد لتسهيل الإطاحة بـالعدو القريب، أي أنه رأى أنه من خلال مهاجمة الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى التي دعمت ما يعتبره أنظمة موالية للغرب، وأنظمة غير إسلامية بما فيه الكفاية في العالمين العربي والإسلامي، تستطيع الحركة في نهاية المطاف أن تطيح بتلك الأنظمة التي أفتى بأنها "كافرة".

صندوق جمع التبرعات يؤول لمن؟

إلى جانب خطبته المحصورة بفئة معينة في بعض الأحيان، وجد الظواهري نفسه في كثير من الأحيان يتعامل مع التفاصيل المزعجة لإدارة منظمة كبيرة بعد وفاة بن لادن، وخاصة جمع التبرعات وعندما بدأ تنظيم القاعدة يواجه مصاعب مالية في السنوات التي أعقبت 11 سبتمبر، عادة ما كان يتم إرسال الظواهري ومعه صندوق جمع التبرعات.

على سبيل المثال، في رسالة وجهها الظواهري في يوليو 2005 إلى أبو مصعب الزرقاوي، الزعيم الجديد للقاعدة في العراق، طلب بتواضع "ما يقرب من مائة ألف دولار" لأن "العديد من مصادر التمويل قد انقطعت". وفي عام 2008، تم تداول رسالة مسجلة عبر الهواتف المحمولة في السعودية طلب فيها الظواهري "تبرعات لمئات من أسر الأسرى والشهداء في باكستان وأفغانستان". ورداً على ذلك، أفادت بعض التقارير أن السلطات السعودية اعتقلت ستة وخمسين شخصاً من أعضاء تنظيم القاعدة المشتبه بهم الذين كانوا يستخدمون التسجيل لجمع الأموال.
الجهاد السوري يأتي بالوعد في المرحلة الأولى
قدمت الحرب الأهلية في سوريا ساحة جديدة يمكن فيها للظواهري أن يظهر أهميته بعد وفاة بن لادن. ففي وقت مبكر من النزاع، بدا أن التدخل في الصراع يؤتي ثماره، حيث أصبحت جبهة النصرة أقوى جماعة تابعة للتنظيم في العالم بعد رفضها لمناشدات تنظيم إرهابي منافس، هو داعش.

وخلال السنوات القليلة التالية، تغيرت حظوظ تنظيم القاعدة في سوريا، حيث قتلت الغارات الجوية الأمريكية العديد من قادة الشبكة وقلصت أعداد المحاربين القدامى في تنظيم «القاعدة» الذين كانت خبرتهم تعود إلى أفغانستان في الثمانينيات. واليوم، لا تعمل مجموعة خراسان ولا خليفتها، حراس الدين، بشكل ناشط في سوريا. أما جبهة النصرة، فقد انفصلت عن تنظيم القاعدة في عام 2016، ثم اندمجت مع جماعات أخرى وأعادت تسمية نفسها بـهيئة تحرير الشام في عام 2017. وبعد ذلك، بدأت بقمع منافسين لها مثل تنظيم حراس الدين.

ما الذي ينتظر التنظيم الإرهابي وفروعه؟

على الرغم من أن مساعي الظواهري لم تنجح في سوريا، إلا أن جميع فروع تنظيم «القاعدة» خارج تلك الساحة ظلت موالية له ولقضية «القاعدة» حتى في ظل انتشار تنظيم داعش وبعض هذه الفروع - مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية والقاعدة في شبه القارة الهندية - واجهت تحديات خطيرة. ومع ذلك، فإن الفروع الأخرى، لا سيما في الصومال، "حركة الشباب" ومالي، جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، حققت تقدماً كبيراً حالياً وتواصل تحقيق انتصارات ضد الحكومات المحلية.

وفيما يتعلق بمن سيخلف الظواهري، أشار أحدث تقرير للأمم المتحدة عن تنظيم القاعدة إلى أن قادة "الشباب" وجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" يحتمل أن يخلفوه في حال وفاته ومع ذلك، فإن نقل القيادة العالمية لتنظيم القاعدة من جذورها التاريخية في منطقة "أفغانستان وباكستان" إلى أفريقيا سيكون أمراً غير مسبوق ومن بين المرشحين المحتملين الآخرين عضوان قديمان في تنظيم القاعدة هما: سيف العدل وعبد الرحمن المغربي، صهر الظواهري. ولكن كليهما يقيمان حالياً في إيران، وبالتالي، فإن تعيين أي منهما كأمير قادم لتنظيم القاعدة يمكن أن يخلق مشاكل شرعية داخلية.

ويتمثل احتمال آخر بالترويج لقائد شاب يتمتع بشخصية مؤثرة، ولكنه غير معروف نسبياً، يمكن أن يتواصل معه المجندون المحتملون بطريقة غير معهودة مع الظواهري. وبما أن تنظيم القاعدة يستمر في التنافس مع داعش على جذب الأتباع والمجندين، لذلك فإن إيجاد قائد ديناميكي جديد من المرجح أن يشكل أولوية.

ولكن في نهاية المطاف، من غير المرجح أن يكون لمقتل الظواهري تأثير كبير على القدرات العملياتية لتنظيم القاعدة أو فروعه فهو لم يكن على ما يبدو يدير الشؤون اليومية للتنظيم، بل كان يُعنى فقط بصنع القرارات الاستراتيجية على نطاق واسع. ومن نواحٍ عديدة، لم تؤثر شخصيات تنظيم القاعدة في منطقة أفغانستان و باكستان على التنظيم منذ فترة. وفي العقد الماضي، كانت أهمية التنظيم تستند بجزء كبير منها إلى ثروات فروعها في الخارج، أولاً في اليمن وسوريا، ولاحقاً في الصومال ومالي. وبالتالي، بغض النظر عمن يتم اختياره ليكون الزعيم التالي، سيتقرر مستقبل الحركة بمعارك بعيدة عن شوارع كابول حيث قتل الظواهري. ومن المؤكد أنه ستبرز تساؤلات حول استقرار نواة القاعدة إلى حين تعيين خليفة للظواهري، ولكن في غضون ذلك، ستستمر أقوى أذرع الشبكة في تهديد وزعزعة استقرار مساحات واسعة من أفريقيا.