الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

رومانيا وبلغاريا واستراليا..بلدان مرشحة لتصدير القمح فى ظل أزمة الغذاء

الرئيس نيوز

أوقفت القاهرة مناقصات توريد القمح في أعقاب الارتفاع الحاد في أسعار السلع الرئيسية بعد اندلاع الحرب في أوروبا الشرقية، ولكن القاهرة منذ يونيو 2022، حجزت كميات كبيرة جديدة من الحبوب تعكس أيضًا المصادر التي لجأت إليها من أجل ملء الفجوة التي خلفها تأخر أو تعذر استلام القمح من أوكرانيا، وسلط موقع دويتش فيله الألماني الضوء على فرض مصر قيودًا على أسعار الخبز المباع تجاريًا كرد فعل حاسم  على ارتفاع أسعار القمح إذ تستورد البلاد 80٪ من إمداداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، اللتين تعطل إنتاجهما وتصديرهما بسبب الحرب.

ويعتقد مارك اسبانيول، الصحفي الأسباني المقيم في القاهرة، أنه بينما تحاول مصر التغلب على تأثير الحرب في أوكرانيا على التجارة الزراعية العالمية، تخلت وزارة التموين عن الحذر الذي أبدته خلال الأشهر الأولى من اندلاع الصراع في أوكرانيا وسرعان ما عادت أجهزة الوزارة إلى الأسواق الدولية في يونيو من أجل تعويض انخفاض مخزونات القمح في البلاد ودعم جزء رئيسي من أمنها الغذائي، وإجمالاً، قامت الهيئة العامة للسلع التموينية، المسؤولة عن مشتريات الحبوب لبرنامج دعم الخبز في مصر، بحجز ما يقرب من 2,500,000 طن من القمح منذ أوائل يونيو، بدعم جزئي من قرض من البنك الدولي وتضمنت المشتريات، التي سيتم شحنها خلال الأشهر الأربعة المقبلة، أكبر مناقصة فردية خلال 10 سنوات، وتكشف الصفقة عن الموردين الذين تلجأ إليهم القاهرة من أجل سد الفجوة التي خلفتها أوكرانيا، والتي تمثل 22٪ من وارداتها من القمح.

ونتيجة لسلسلة المشتريات الأخيرة، والتي تأتي أيضًا في الوقت الذي تكافح فيه مصر لتأمين كمية القمح التي كانت تخطط للحصول عليها في البداية من الزارعة محليًا، يغطي مخزون القمح الاستراتيجي في البلاد الآن، ولأول مرة، ما يصل إلى سبعة أشهر، وفقا للبيانات الحكومية، وتشتري الهيئة العامة للسلع التموينية دائمًا ما يكفي للأمن الغذائي لمصر، وفي الواقع، كانت متأخرة قليلاً عن وتيرة الاستيراد مقارنة بالعام الماضي ولذلك كان من المحتم الاضطرار لشراء حجم كبير جدًا بسبب التأخير عن الجدول الزمني الموضوع لتغطية مستوى الكميات الآمنة، وهو ما لا يقل عن ستة أشهر من العرض، كما يعتقد سويثون ستيل، مستشار بورصة السلع الرقمية وسوق تداول السلع والحبوب، وتابع ستيل: " يرتفع السوق، وينخفض السوق، وتتمثل مهمة الهيئة العامة للسلع التموينية في تأمين الإمدادات والأمن الغذائي لمصر، وكان عليهم أن يتعاقدوا على كميات ضخمة لإثبات أنهم يقومون بعملهم على أكمل وجه".

وقبل بدء الحرب، كانت روسيا وأوكرانيا تمثلان حوالي 30٪ من صادرات القمح في العالم، لذا أدت الاضطرابات القاسية الناجمة عن الصراع، لا سيما في أوكرانيا، إلى دفع الأسعار إلى مستوى شبه قياسي، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة. كما ساهمت عوامل أخرى في الارتفاع، مثل حظر الهند على تصدير القمح، وهي مورد رئيسي آخر، كما ساهمت الإشارات الأخيرة على احتمال سقوط الاقتصادي العالمي في براثن الركود في انخفاض الأسعار في وقت لاحق.

وبالنسبة لمصر، أكبر مستورد للقمح في العالم - جاء معظم وارداتها من روسيا (60٪) وأوكرانيا (22٪) في السنوات الأخيرة - ويشكل ارتفاع الأسعار تهديدًا لأمنها الغذائي، لذلك، ومن أجل مواجهة هذا التحدي، تبنت الحكومة خلال الأشهر الأخيرة عدة إجراءات، بما في ذلك تخفيف القيود على المحتوى الرطوبي المسموح به للقمح المستورد، والبحث عن بدائل جزئية لإنتاج الخبز المدعوم مذل الحديث عن البطاطا الحلوة كأحد المكونات، وحظر تصدير القمح والمنتجات التي تستخدم القمح كما سعت القاهرة أيضًا إلى إيجاد أسواق جديدة يمكنها سد الفجوة التي خلفتها أوكرانيا.

وفي موازاة ذلك، تحاول مصر أيضًا زيادة إنتاجها المحلي من القمح لتصبح أقل اعتمادًا على الواردات، حيث تستهدف 6 ملايين طن بحلول أغسطس ولتحقيق هذا الهدف، لجأت الحكومة إلى الحوافز، مثل زيادة أسعار الشراء من المزارعين، وفرض الالتزامات والغرامات على المخالفين، بما في ذلك اشتراط أن يقوم المزارعون المحليون بتزويد الدولة بحوالي 60 ٪ من محاصيلهم، وتوقيع غرامات وعقوبات بالسجن على من يخالف الإجراءات الجديدة، وحتى الآن، تم حصاد وتخزين ما يزيد قليلاً عن 4 ملايين طن، مقارنة بنحو 3.5 مليون طن فقط في العام الماضي.

وفقًا لتقرير الخدمة الزراعية الخارجية الأمريكية، فإن الظروف المناخية المناسبة، والتوسع في توزيع التقاوي والبذور المعتمدة على المزارعين، وتحري الوقت المثالي لبدء زراعة القمح، والاعتماد بشكل أكبر على التقنيات الجديدة والزيادة في مساحة القمح قد سمحت بزيادة إنتاجية القمح لكل وحدة فدان، وفي منتصف أبريل، وبعد أن اضطرت إلى إلغاء مناقصتين بسبب ارتفاع الأسعار بشكل رئيسي، عادت الهيئة العامة للسلع التموينية إلى الأسواق الدولية لمرة واحدة بمناقصة تقتصر بشكل غير عادي على القمح المستورد من أوروبا، وقامت الهيئة بشراء 350 ألف طن من فرنسا وروسيا وبلغاريا، بمتوسط سعر بلغ حوالي 490 دولارًا للطن وتسارعت عمليات الشراء منذ بداية الشهر الماضي على نحو ملحوظ، ففي الأول من يونيو، اشترت الهيئة العامة للسلع التموينية 465 ألف طن من القمح، من بينها 240 ألف طن من رومانيا، و 175 ألف طن من روسيا، و 50 ألف طن من بلغاريا وكان متوسط سعر الشراء حوالي 480 دولارًا للطن.

بعد ذلك، في 29 يونيو، أعلنت الوكالة عن نتائج مناقصة كبرى اشترت فيها 815 ألف طن من القمح، وهي الكمية الأكبر في غضون 10 سنوات، وفقًا لبيانات بلومبرج وكانت فرنسا تمثل 350.000 طن، ورومانيا 240.000، وروسيا 175.000، وبلغاريا 50.000 طن، بمتوسط سعر 435 دولار، وفي 4 يوليو، اشترت الهيئة ما مجموعه 444 ألف طن من القمح هذه المرة مباشرة من المتداوين وسيأتي 214 ألف طن من روسيا و170 ألفًا من فرنسا و60 ألفًا من رومانيا وبلغ متوسط السعر في هذه المناسبة حوالي 416 دولارًا للطن، وتمت آخر عمليات الشراء قبل أسبوع في يومي 20-21 يوليو الجاري، عندما اشترت الهيئة ، مرة أخرى من العروض المباشرة، 760 ألف طن من القمح، بحسب تصريحات أحد المتداولين لموقع المونيتور الأمريكي، طلب عدم الكشف عن هويته ومن هذه الكمية 390 ألف طن من فرنسا، 310 ألف طن من روسيا، 30 طنًا من ليتوانيا، 30 طنًا من ألمانيا، وتراوح السعر من 402 دولارًا إلى 405 دولارًا.

وعلق الموقع الأمريكي على استراتيجية المصرية في الشراء قائلاً: "يعرف المتداولون هذه التكتيكات المصرية باسم تكتيكات "الشريحة والنرد"، وتهدف إلى خفض متوسط سعر الشراء عن طريق الشراء مرارًا وتكرارًا أثناء سوق الخريف، ويعلق سفين مارتن، مالك شركة آمي آند مولر"، وهي شركة سمسرة للمنتجات الزراعية مقرها برلين، في تصريحاته قائلاً: "إن وقت الحصاد عادة ما يكون أقل قليلاً، فأولاً وقبل كل شيء، تحاول مصر تهدئة مخاوف الشعب من نقص الخبز، ومن الصحيح أيضًا أننا شهدنا أسعارًا أضعف، بمعنى أن تكتيكات الشراء تنجح بالفعل".

ودعت الهيئة العامة للسلع التموينية إلى طرح مناقصة جديدة لاستلام عطاءات القمح من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والأرجنتين والبرازيل فقط، وعلى الرغم من إلغاء المناقصة أخيرًا بسبب ارتفاع الأسعار، وذكر أندريه سيزوف، العضو المنتدب لشركة سوفيكون، وهي شركة رائدة تركز على أبحاث الأسواق الزراعية في البحر الأسود، أن إلغاء الصفقة قد يكون رسالة إلى الموردين في أوروبا وروسيا مفادها أن الأسعار مرتفعة وغير مقبولة من قبل القاهرة.

وكشف تقرير الخدمة الزراعية الخارجية الأمريكية أنه في السنوات الأخيرة، كان المورد الرئيسي للقمح لمصر هو روسيا في المقام الأول، تليها أوكرانيا ثم الاتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا ورومانيا وقد جاءت واردات أخرى أقل أهمية من دول مثل أستراليا والولايات المتحدة ومع ذلك، في أعقاب اضطرابات الإمدادات التي سببتها الحرب، لا سيما في أوكرانيا، اضطرت مصر إلى تنويع مصدري القمح إليها وعلى الرغم من أن الدولة وافقت حتى الآن على مشاركة 17 دولة في مناقصات الهيئة العامة للسلع التموينية وكانت هناك تقارير حول إدراج دول أخرى مثل المكسيك وباكستان، إلا أن فرنسا وروسيا ورومانيا هي التي تملأ الفجوة الأوكرانية بشكل أساسي.

وفقًا لحسابات موقع المونيتور المستندة إلى المشتريات التي قامت بها الهيئة العامة للسلع التموينية في الأشهر الأخيرة، كانت فرنسا المصدر الرئيسي للقمح إلى مصر منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا (40.5٪)، تليها روسيا (32.6٪) ورومانيا (19.05٪). ) وبعدها بلغاريا (5.65٪) وليتوانيا وألمانيا (1٪ لكل منهما)، وفي المستقبل القريب، اتفق الخبراء الذين استشارهم الموقع الأمريكي على أن روسيا هي الأفضل لسد الفجوة التي خلفتها أوكرانيا، في حين أن فرنسا، على الرغم من أنها زادت بشكل كبير من صادراتها إلى مصر، لن تتمكن من الحفاظ على الوتيرة الحالية لتوريد القمح طوال الوقت.
وتشمل البلدان الأخرى التي يمكن أن تساهم أيضًا، وإن كان بدرجة أقل، رومانيا وبلغاريا واستراليا إذا كان لديها محصول جيد، وربما الأرجنتين والولايات المتحدة أيضًا، وسيتعين على المراقبين الانتظار ليروا ما هو القمح المتاح بالفعل في العالم ومع ذلك، ليس هناك شك في أن فرنسا ستزيد حصتها مقارنة بالسنوات السابقة، وستستغل روسيا الفرصة وتواصل تقديم نفسها كمصدر مهم للقمح ويرى الخبراء أن القاهرة ستحاول شراء المزيد من القمح من روسيا من خلال المناقصات المباشرة، حيث من المتوقع أن تمتلك روسيا محصولًا ضخمًا هذا الموسم ولكنها تخضع حاليًا لقيود كبيرة وعقوبات من شأنها أن تحد من قدرتها على التصدير بحرية، كما اعتبر المحللون أن الارتفاعات والانخفاضات الطفيفة في أسعار القمح أقل أهمية في حسابات الهيئة المصرية من أهمية تأمين الإمدادات والأمن الغذائي لمصر.