من حلمي بكر إلى عمرو مصطفى..ملحنون يرفعون شعار "هجوم بلا حدود"
نصف قرن تقريبا يفصل بين عمر الملحنين حلمي بكر وعمرو مصطفى، إذ ولد عمرو مصطفى عام 1978، في حين أن الموسيقار حلمي بكر من مواليد 1937، أي أن عمرو مصطفى ولد بعد حلمي بكر بـ 41 عاما تحديدا، وبرغم هذا الفارق الكبير في السن، إلا أن التجربتان متشابهتان تماما في كافة التفاصيل سواء الفنيه أو الإنسانية، إذ يظهر الاثنان مثالا واضحا وتأكيدا للمقولة الشهيرة بأن (التاريخ يعيد نفسه).
أوجه التشابه بين
حلمي بكر وعمرو مصطفى متعددة، إذ بدأ تعلقهم بالموسيقى منذ الطفولة حتى وصلا إلى
الشهرة وأصبحا أسماء لامعة في عالم الموسيقى، كلا منهم في زمنه ووسط أبناء جيله من
المطربين.
ومن ضمن أوجه
التشابه بين حلمي بكر وعمرو مصطفى، الجوائز والتكريمات الكثيرة التي حصلا عليها
خلال مسيرتهم الموسيقية، إذ حصل حلمي بكر على عدة جوائز وتكريمات كان أبرزها، أحسن ملحن
عربى من رئيس الوزراء الأسبق فؤاد محى الدين سنه 1975، وجائزه التفوق
من وزير الإعلام السابق صفوت الشريف، ويتشابه معه في ذلك عمرو مصطفى الذي حصل على
عدة جوائز وتكريمات كان أبرزها، أفضل ملحن من إذاعة الشرق الأوسط لعام 2016، كمت حصل على من تكريم
الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مجمل أعماله الوطنية 2016، وتتماشى هذه الجوائز مع
الأعمال الموسيقية الوطنية التي قدمها الاثنان.
ستجد أن حلمي بكر قدم موسيقاه في عدد كبير من المسلسلات والأفلام خلال
مسيرته، وهو نفس ما فعله عمرو مصطفى ايضا، إذ قدم موسيقاه وأغانيه ضمن عدة أفلام
سينمائية ومسلسلات درامية.
الغريب أن التشابه بين حلمي بكر وعمرو مصطفى قد يصل إلى حد التطابق، ليس في
الفن فقط، بل يصل إلى السمات الشخصية لكلا منهما، إذ يتلاقى الاثنان بشكل كبير قد
يثير الدهشة في مواقفهم، فبالمتابعة لحياة الاثنان بعيدا عن المسيرة الفنية، ستجد
أن وجه التشابه الأكبر بينهما في الشخصية والطباع وحتى الأسلوب.
إذ يهتم الاثنان بالسعي خلف اثارة الجدل وركوب
التريند، بنفس السبل والوسائل التي من أبرزها، انتقاد أبناء مهنتهم من الموسيقيين،
والهجوم الدائم على زملائهم الفنانين، حتى الذين تعاونوا معهم في أعمالا ناجحة
خلال مسيرتهم، لم يسلموا من الهجوم عليهم ومحاولات التقليل من شأنهم.
لم يسلم أحد من
العاملين في الوسط الموسيقي من النقد اللاذع لحلمي بكر، حتى أنه ينتقدهم في أمور
ليست فنية ولا تمت للموسيقى بصلة، بل يتبع أسلوب التنمر والسخرية من أمور شخصية في
حياتهم الخاصة دون التطرق إلى أعمالهم الموسيقية، وهو ما فعله مع الكثير من الفنانين،
كما أنه يربط خلافاته الشخصية برأيه الفني في صورة فجة تتجاوز المنطق، وهو نفس ما
يفعله عمرو مصطفى عند اشتباكه مع أحد من المطربين، إذ يترك النقد الموسيقى
ويهاجمهم في أمور شخصية، والأمثلة على ذلك كثيرة.
يتشابه أيضا حلمي
بكر وعمرو مصطفى في ردود الفعل المتسرعة، وعدم التأني في الرد على أي شخص يوجه لهم
نقدا ولو بسيط، إذ يرفض الاثنان أي نقد موجه لهما وكأنهما ألهة الموسيقى كلا في عصره،
ويصر الاثنان على أنهما الوحيدين أصحاب الرأي الصحيح في الموسيقى والأكثر خبرة
وفهم ووعي، حتى أن الاثنان لديهم اعتقاد ذاتي داخلي، بأن كلا منهم هو من صنع
المطربين الذين عملوا معهم، ولولاهم ما حقق هؤلاء المطربين أي نجاح، متجاهلين
تماما أن هؤلاء المطربين حققوا نجاحات كبيرة خلال مسيرتهم بأعمالا مميزة مع ملحنين
أخرين.
بالطبع لا يمكن
انكار تاريخ حلمي بكر المليئ بالأعمال الموسيقية الجيدة، ولا يمكن انكار موهبة
عمرو مصطفى ونجاحه في تقديم ألحان مميزة لاقت رواجا كبيرا، ولكن هل هذا يمنحهما
الحق في اعتبار أنفسهم "ألهة الموسيقى" !.
الغريب أن حلمي
بكر وعمرو مصطفى دائما ينتقدوا المطربين الذين عملوا معهم وحققوا نجاحات كبيرة،
دون مراعاة للنجاح المشترك والعلاقات الانسانية، بل أنهم متشابهين حتى في ردود
أفعالهم عندما يشعرون بالخطأ، أو عندما يرغبوا في تحقيق أمر ما مع فنان ما، فتجدهم
يتحولوا تماما ويقدموا اعتذارات ومحاولات لتصحيح الأمور واصلاح العلاقات، ومن
بعدها يعودوا لاتباع نفس النهج ونفس الأسلوب في التعامل مع زملائهم في عالم
الموسيقى.
ما يثير الدهشة هو
الاصرار العجيب من الاثنان على أنهما الأفضل وحديثهم بطريقة "الأنا"، إذ
تجد حلمي بكر دائما يتحدث عن نفسه وهو نفس ما يفعله عمرو مصطفى، كما يهتموا دائما
بالظهور في البرامج للحصول على أموال في مقابل اثارة الجدل عن طريق السباب والشتيمة
في الجميع، والأغرب أنك لن تجد أحدهم في أي برنامج يشيد بأي مطرب أو فنان أو
موسيقي، فدائما يأخذوا موقع الهجوم بدون سند أو مبرر.
هنا لم نرصد وقائع
بعينها لأن الجميع يتابع ويعرف جيدا، فالمجرد كتابة اسم حلمي بكر أو عمرو مصطفى
على موقع جوجل، ستجل بعد اسم أيا منهما كلمات ثابته (ينتقد – يهاجم – يشتم – يرد) والغريب
أنك لن تجد حلمي بكر أو عمرو مصطفى متصدرا للتريند أو محركات البحث عن أعمالا فنية
قيمة، بل ستجدها دائما يتصدروا التريند بسبب تصريحات مثيرة للجدل وانتقادات
لزملائهم وهجوم عليهم.
ما بين حلمي بكر
وعمرو مصطفى الكثير من القوام المشتركة، والتي تثبت بالدليل القاطع أن (التاريخ
يعيد نفسه) حتى في صورة الأشخاص التي تتصدر المشهد في عالم الفن، فبعد مرور 50
عاما من ميلاد حلمي بكر، ولد عمرو مصطفى ليستمر على نفس نهجه ويتبع نفس أسلوبه،