ترقب لزيارة السعودية.. بايدن يواجه يوما حرجا من المباحثات بالشرق الأوسط
التقى الرئيس جو بايدن، اليوم الجمعة، برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الضفة الغربية قبل أن يتوجه إلى المملكة العربية السعودية في المحطة الأخيرة من جولته الأولى بالشرق الأوسط التي تحظى بمتابعة كبيرة، ويأتي الاجتماع مع عباس في الوقت الذي يواصل فيه بايدن الدعوة لحل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، على الرغم من أنه يقول إنه لا يرى مثل هذا الترتيب يتحقق في "المدى القريب".
بعد ذلك الاجتماع، سوف يطير بايدن مباشرة من إسرائيل إلى المملكة العربية السعودية، حيث من المتوقع أن يعقد اجتماعات ثنائية مؤتقبة مع العاهل السعودي الملك سلمان ومستشاريه، بما في ذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأكد البيت الأبيض، أمس الخميس، بحسب جدول أعمال بايدن، أن العاهل السعودي لن يحضر سوى حوالي 30 دقيقة خلال الاجتماعات الثنائية مساء الجمعة وسيواصل الرئيس وولي العهد لقاءهما بعد مغادرة الملك بسبب دواعٍ صحية.
اتهمت الولايات المتحدة ولي العهد في تقرير رفعت عنه السرية لوكالة المخابرات المركزية بالموافقة على مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018، ونفى ولي العهد تورطه ودافع الرئيس الأمريكي مرارًا وتكرارًا عن قراره السفر إلى المملكة العربية السعودية واللقاء مع الأمير محمد بن سلمان، محافظًا على رغبة إدارته في التواجد والحضور والقيادة في المنطقة وعدم خلق فراغ لروسيا والصين لملئه ولكن الرحلة خضعت لانتقادات شديدة، وقرار لقاء محمد بن سلمان يعد خروجًا، لافتًا عن تعهد بايدن خلال حملته الانتخابية بجعل المملكة العربية السعودية دولة "منبوذة".
واهتمت الصحف الأمريكية بطريقة مصافحة بايدن لقادة الدول التي يزورها لذا ستكون تفاعلات الرئيس الأمريكي مع ولي العهد السعودي تحت المجهر وستخضع لفحص صحفي دقيق، لا سيما كيف يحيي محمد بن سلمان وما إذا كان بايدن سيصافحه وسعى البيت الأبيض إلى التقليل من أهمية أي تحية بين بايدن ومحمد بن سلمان، وذكر قال مسؤول كبير في الادارة للصحفيين "نحن نركز على جوهر الاجتماعات وليس على التحيات."
وكانت مصافحة بايدن – بن سلمان تحت المجهر بعد أن قال البيت الأبيض إن الرئيس كان يتطلع إلى تقليل التلامس بالآخرين وسط انتشار كوفيد، وقد خالف بايدن هذا التوجيه بشكل ملحوظ في مناسبات متعددة خلال اليومين اللذين كان فيهما في إسرائيل، ما أدى إلى التكهنات بأن التوجيهات الصادرة عن البيت الأبيض كانت ذريعة مفصلة لبايدن لتجنب مصافحة ولي العهد السعودي.
بايدن في السعودية
كانت الرحلة إلى جدة شائكة وبشكل خاص بالنسبة للبيت الأبيض منذ أعلن عنها لأول مرة وأثارت الكثير من الجدل بسبب وعد حملة بايدن بأن يجعل السعودية دولة "منبوذة" بسبب قتل خاشقجي وامتنع بايدن يوم الخميس عن التعليق على حادث مقتل خاشقجي مباشرة مع القادة في المملكة العربية السعودية، وقال إنه "دائمًا" يتحدث عن حقوق الإنسان وأن وجهات نظره "واضحة تمامًا وإيجابية".
وقال مسؤولون أمريكيون لشبكة "سي إن إن" قبل الرحلة إنهم يتوقع ألا يقتح بايدن ملف خاشقجي مع محمد بن سلمان.
بين عشية وضحاها، أكدت المملكة العربية السعودية إعلانًا متوقعًا عن فتح مجالها الجوي أمام الخطوط الجوية الإسرائيلية وأشاد بايدن "بالقرار التاريخي" الذي أعقب "شهور من الدبلوماسية الثابتة"، مشيرًا إلى أنه سيصبح أول رئيس أمريكي يطير من إسرائيل إلى السعودية.
وتأتي الرحلة وسط ارتفاع أسعار الوقود والتضخم الواسع النطاق في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، على الرغم من أن الرئيس والمسؤولين الآخرين رفضوا إمدادات النفط الغنية في المملكة العربية السعودية باعتبارها الدافع الرئيسي للرحلة.
قال أحد كبار المسؤولين في الإدارة إن الاجتماعات مع القيادة السعودية ستركز على تعزيز الهدنة الجارية في اليمن، والتعاون التكنولوجي بما في ذلك الطاقة النظيفة، والبنية التحتية العالمية وحقوق الإنسان بالإضافة إلى مناقشة إمدادات الطاقة العالمية ولكن المسؤول أشار إلى أن الولايات المتحدة والسعودية ومسؤولين آخرين في الشرق الأوسط سيتحدثون عن قضايا أمن الطاقة وأن بايدن سيتواصل مع زعماء العالم لخفض أسعار الوقود من أجل الحفاظ على توازن الأسواق بطريقة تساهم في استمرار النمو الاقتصادي، وأضاف مسؤول أمريكي: "إذن هذا هو تركيزنا المشترك ليس مع السعوديين فقط ولكن مع المنتجين الآخرين"، وأضاف المسؤول: "وبالطبع، قال الرئيس منذ شهور إنه سيفعل كل ما في وسعه لخفض الأسعار ويشمل ذلك إصدار احتياطي البترول الاستراتيجي الخاص بنا ويشمل ذلك الدبلوماسية مع المنتجين الآخرين".
بايدن في الضفة الغربية
ولكن قبل السفر إلى المملكة العربية السعودية للقيام بأكبر جزء من رحلته، كان لبايدن سلسلة من الارتباطات في القدس الشرقية والضفة الغربية والعديد من إعلانات التمويل التي تهدف إلى مساعدة الفلسطينيين وواصل بايدن الإعراب عن دعمه لحل الدولتين لكنه أقر بأن مثل هذا الاتفاق "يبدو بعيد المنال" وأن "الأرضية ليست جاهزة في هذه اللحظة لاستئناف المفاوضات"، ومع ذلك، أشار أيضًا إلى أن العلاقات الأفضل بين إسرائيل والدول العربية قد تؤدي إلى زخم صفقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وقال بايدن "أعتقد أنه في هذه اللحظة التي تعمل فيها إسرائيل على تحسين العلاقات مع جيرانها في جميع أنحاء المنطقة، يمكننا تسخير نفس الزخم لإعادة تنشيط عملية السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي".
وقال بايدن إن مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة، التي قُتلت برصاصة أثناء تغطيتها لعملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية، "خسارة هائلة للعمل الأساسي المتمثل في مشاركة العالم بقصة الشعب الفلسطيني"، وألقى بايدن تصريحات في مستشفى أوجستا فيكتوريا في القدس الشرقية، أعلن فيها أنه يطلب من الكونجرس الموافقة على ما يصل إلى 100 مليون دولار لشبكة مستشفيات القدس الشرقية وقطع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب 25 مليون دولار من التمويل المخطط للشبكة خلال فترة وجوده في منصبه، أما بايدن، فقال "إنه جزء من التزامنا بدعم الصحة والكرامة للشعب الفلسطيني"، وأشار إلى "الخسائر الفادحة" لوباء كوفيد 19 على نظام المستشفيات، وتابع: "بالعمل معًا، أدعو الله أن تساعد الولايات المتحدة في تخفيف عبء ديون المستشفى ودعم ترقيات البنية التحتية المستهدفة، والإصلاحات الرئيسية في رعاية المرضى لضمان الاستقرار المالي على المدى الطويل".
وتأتي الاجتماعات في أعقاب جلسة أمس الخميس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، الذي قال اليوم الجمعة إن زيارة الرئيس الأمريكي تظهر "التزامه بقوة إسرائيل العسكرية والدبلوماسية" و"حركت البلاد بأكملها".
كما أعلن الرئيس الأمريكي صباح الجمعة عن تخصيص 201 مليون دولار إضافية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة لدعم اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والأردن ولبنان وسوريا، بحسب البيت الأبيض وقال بايدن إن إسرائيل ملتزمة بالعمل مع الفلسطينيين لتسريع تنفيذ شبكة 4G في غزة والضفة الغربية، بهدف إطلاق تلك البنية التحتية بحلول نهاية العام المقبل، وقال المسؤول: "كانت من أولويات الرئيس بايدن إعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين التي قطعتها الإدارة السابقة".
وقال المسؤول إن بايدن سيبلغ عباس بأن إسرائيل وافقت على زيادة إمكانية الوصول إلى جسر اللنبي حتى يتمكن الفلسطينيون وغيرهم من الوصول إليه على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بحلول سبتمبر وتسيطر إسرائيل على الجسر وهو نقطة العبور الوحيدة إلى الأردن للفلسطينيين من الضفة الغربية وقال المسؤول "سيعلن أيضا عن خطوات لبناء دعم على مستوى القاعدة للسلام، بما في ذلك من خلال دعم التعاون والتبادلات المهنية بين قطاعي الصحة الفلسطينيين والإسرائيليين بينما يعملان على بناء الثقة المتبادلة"، كما ستقدم الولايات المتحدة 15 مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية للفلسطينيين استجابة لتزايد انعدام الأمن الغذائي الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا وقال المسؤول إنه قبل مغادرته إلى السعودية، قام بايدن أيضا بزيارة كنيسة المهد "للتأكيد على دعم المسيحيين الذين يواجهون تحديات في جميع أنحاء المنطقة".