بايدين في إسرائيل والسعودية وبوتين إلى إيران.. هل نحن أمام اصطفاف إقليمي جديد؟
حالة من الترقب تسود الأوساط الإقليمية والدولية، وسط حديث عن تشكل نظام عالمي جديد، فبينما بدأ الرئيس الأمريكي جوبايدين زيارة شرق أوسطية، بدأت بالاحتلال الإسرائيلي، ثم يغادر منها مباشرة إلى السعودية، وتحديدًا إلى جدة، إذ من المقرر أن يلتقي الملك سلمان، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ثم في وقت لاحق، من المقرر أن يعقد قمة جماعية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، ورئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمي، وبحسب ما هو منشور، فإن الرئيس الأمريكي سيناقش قضايا المنطقة فضلًا عن مناقشة أمن الطاقة والغذاء، إلى جانب تحديات المنطقة.
على الجانب الآخر يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، زيارة إلى طهران، إلى جانب الرئيس التركي رجب أردوغان، وبحسب مراقبين فإن هناك تقارير تشير إلى أن إيران باعت مسيرات لروسيا لاستخدامها في حرب أوكرانيا، كما أوفدت عناصر لتدريب الجيش الروسي عليها، مما يعتبر اصطفاف إقليمي جديد، وسط أجواء ملبدة ومضطربة.
وتتخذ مصر موقعًا محايدًا من الأزمة الروسية الأوكرانية، وتدعو إلى حل مشاغل الدولتين سلميًا ووقف أعمال القتال تمهيدًا للحلول الدبلوماسية، وعرضت القاهرة وساطة لحل الأزمة، كما أعربت مصر أكثر من مرة عن رفضها الانخراط في أي تحالفات عسكرية في المنطقة موجهة ضد أحد، في إشارة إلى التقارير التي تحدثت عن مساعي أمريكية إسرائيلية، تشكيل حلف عسكري موجه ضد إيران.
حقيقة المسيرات الإيرانية
وخلال وقت سابق، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إنّ لدى بلاده معلومات تفيد بأنّ إيران تستعد لتزويد روسيا بمئات الطائرات المسيّرة، وتدرب جنود روس على استخدامها في الحرب الأوكرانية، زاعماً أنّ إيران ستبدأ ذلك في الشهر الجاري.
وكشفت تقارير صحفية عن معاناة روسيا من استخدام أوكرانيا مسيرات تركية في الحرب، مما كبدها العديد من الخسائر، وقد هددت موسكو بردود فعل عنيفة إذا لم تتوقف أنقرة عن بيع تلك المسيرات إلى أوكرانيا، وربما تريد روسيا من شراء المسيرات الإيرانية تعديل ميزان القوة في ذلك القطاع من الأسلحة، خاصة أن المسيرات الإيرانية لها تجارب ناجحة في ساحات المعارك؛ إذ تم استخدامها في الحرب الأهلية السورية وفي العراق، وفي اليمن ضد السعودية.
أما المسيرات التركية فقد أثبتت نجاحات كبيرة خلال الفترة الأخيرة، حيث رجحت كفة القتال لصالح مستخدميها، فقد تم استخدامها في حرب كره باخ، ضد أرمينيا، وفي ليبيا ضد الجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر، وضد قوات المعارضة التيجراي في إثيوبيا، وحاليًا تستخدم ضد روسيا في حرب أوكراينا.
وفي اول تعليق رسمي إيراني عن أنباء بيع طهران مسيرات لروسيا، أكّد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أمس الأربعاء، أنّ بلاده ترفض ادعاءات أميركا بخصوص بيع إيران مئات الطائرات المسيرة لروسيا.
وخلال مقابلة له مع صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، أضاف أمير عبد اللهيان: "لدينا مختلف أنواع التعاون مع روسيا ومنها التعاون الدفاعي، لكنّنا لا نقدم الدعم لكلا الطرفين المتنازعين؛ لأننا نؤكد ضرورة توقف الحرب، ونعمل على ذلك".
شدد وزير الخارجية الإيراني على أنّ طهـران تبذل جهوداً لوقف الحرب الأوكرانية، مشيراً إلى أنّ المشكلة تكمن في مكان آخر، فبعض الدول الغربية، ولاسيما أميركا، تصنّع الأسلحة وتحاول بيعها.
وأمس الأول الثلاثاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إنّ سجل التعاون بين إيران وجمهورية روسيا الاتحادية، في مجال التقنيات الحديثة، يعود إلى فترة ما قبل الحرب الأوكرانية، مبيّناً أنّه لم يحدث أي تطور لافت في هذا الخصوص، خلال الآونة الأخيرة.
لفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إلى أنّ مزاعم المسؤولين الأميركيين هذه، جاءت في الوقت الذي حوّلت أميركا وأوروبا الدول المحتلة والمعتدية، بما في ذلك داخل منطقة غربي آسيا، إلى مخازن لأنواع السلاح القاتل.
بدورها، علّقت وزارة الخارجية الروسية على الأمر، مؤكدةً أنّ صفقة المسيرات الإيرانية لروسيا تضليل إعلامي أميركي يرافق جولة الرئيس جو بايدن في الشرق الأوسط.
وجاء في تصريح لمصدرٍ في وزارة الخارجية أنّ هذا النوع من التضليل من قبل واشنطن أصبح مألوفاً، وهو بيان آخر محير ومثير للسخرية أدلى به ممثل أميركي رفيع المستوى، لكننا نتركه على ذمة جيك سوليفان (مستشار الأمن القومي الأميركي).
تضليل أمريكي
ووفقاً للمصدر، فإنّه تم توقيت هذا البيان على ما يبدو ليتزامن مع جولة بايدن في الشرق الأوسط المقرر إجراؤها في الفترة من 13 إلى 16 يوليو”.
وأشار إلى أنّ هذا التضليل يهدف إلى زيادة تسخين المشاعر المعادية لإيران في الدول العربية، من خلال النشر المتعمّد للمعلومات المضللة حول التعاون بين الاتحاد الروسي وجمهورية إيران الإسلامية في المجال العسكري التقني الحساس.
وأضاف المصدر أنّه وعلى الرغم من أنّ الممثل الرسمي لوزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني دحض بالفعل هذا التضليل، لابد من الإشارة إلى أنّ المناسبة الإعلامية نفسها تم اختيارها دون جدوى، وأنّ منطق جيك سوليفان غير مقنع، وخالٍ تماماً من المنطق.
تابع: "وعلاوة على ذلك، فإنّ نقل عدد كبير من الطائرات المسيرة عالية الكفاءة الإيرانية الصنع إلى مسرح العمليات الأوكراني البعيد عن الشرق الأوسط، من شأنه أن يقلل بشكل كبير من مخاطر استخدامها مباشرة في المنطقة، ولا يمكن أن يثير مخاوف الدول العربية".