الإعلام الأمريكي يواصل الانتقادات لمباحثات «بايدن وبن سلمان»
يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن مأزقًا داخليًا بسبب مباحثاته المرتقبة في السعودية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في وقت لاحق من يوليو الجاري، وكان بايدن قد حرص على استرضاء الإعلام النيو ليبرالي وأعضاء الحزب الديمقراطي منذ وصوله إلى البيت الأبيض معلنًا أن مباحثاته مع الجانب السعودي ستقتصر على نظيره، أي الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو الموقف الذي حظي بقبول واسع النطاق في الداخل الأمريكي.
ووفقًا لصحيفة "كاونتر بنش" الأمريكية، يبدو أن الرياح تأتي بما لا يشتهي الليبراليون في أمريكا، وتناوئ رغبتهم في عزل ولي العهد السعودي، استنادًا إلى تصورات غربية تفيد بأن سجل محمد بن سلمان في مجال حقوق الإنسان لا يزال سيئًا، لذا تتعالى الأصوات في أمريكا معلنة رفض مباحثات بايدن – بن سلمان، ولكن يبدو أن بايدن قرر أنه من أجل خفض أسعار الوقود وتقوية التحالف ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، يجب عليه التوقف عن إبقاء ولي العهد بعيدًا.
وحذرت الصحيفة من أن مباحثات بايدن - محمد بن سلمان تنطوي على مخاطرة وقد تأتي بنتائج عكسية، وتضع الصحيفة الغزو الروسي لأوكرانيا في سياق أكبر من مجرد وحدة أراضي دولة ذات سيادة، لتتناول القضية الأوكرانية من منظور الديمقراطية، وبالتالي تستنتج أنه لا يمكن دعم التطلعات الديمقراطية للشعب الأوكراني، عن طريق مغازلة النظام السعودي الذي يعتبره الديمقراطيون والليبراليون في أمريكا نظامًا قمعيًا استبداديًا معاد للديمقراطية.
ومضت الصحيفة بالقول: "هذا يعني أن الصراع في أوكرانيا لا يمثل تحديًا عسكريًا لأوكرانيا فحسب، بل يمثل أيضًا تحديًا سياسيًا للديمقراطية ولكن بينما تواجه روسيا اليوم في أوكرانيا الحدود الجغرافية لقدرتها العسكرية التقليدية، فإن التنافس العالمي بين الاستبداد والديمقراطية قد تحول إلى ظاهرة عالمية، ولهذا السبب كان على بايدن مقاومة الضغوط التي تدفعه لعقد مباحثات مع ولي العهد السعودي".
وحذرت الصحيفة من أنه إذا اختصر بايدن الحرب في أوكرانيا إلى مجرد صراع جيوسياسي، فسيكون لدى الحكام المستبدين في العالم سبب للفرح والاحتفال وسوف يجادلون بأن الديمقراطيات تعلن عن قيمها ثم تبيعها مقابل جالون أرخص من البنزين، وتمتد المشكلة إلى ما هو أبعد من بوتين، الذي لا يكلف نفسه عناء تصوير نظامه القمعي على أنه نموذج للعالم.
وفتحت الصحيفة جبهة أخرى للقتال الديمقراطي، فأضافت: "بدلاً من ذلك، فإن الخصم الأكثر أهمية في الصراع بين الاستبداد والديمقراطية هو الحكومة الصينية، التي تروج لدكتاتوريتها كنموذج يفترض أنه حكم متفوق ويبدو أنها تستمتع بالفرص لتصوير التزام حكومة الولايات المتحدة بالديمقراطية وحقوق الإنسان على أنه انتقائي ومحض نفاق".
ومن ساحة الإعلام إلى ساحة القضاء؛ حيث طلب قاض أمريكي من إدارة بايدن التفكير فيما إذا كان يجب منح محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، حصانة سيادية في قضية مدنية مرفوعة ضده في الولايات المتحدة من قبل خديجة جنكيز، خطيبة جمال خاشقجي الصحفي الذي قتل بالقنصلية السعودية في إسطنبول في العام 2018.
ووفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية، أعطى جون بيتس، قاضي محكمة المقاطعة، الحكومة الأمريكية مهلة حتى 1 أغسطس لإعلان موقفها من القضية المدنية أو إعطاء المحكمة إشعارًا بأنه ليس لديها رأي في هذه المسألة.
قد يكون لقرار الإدارة تأثير عميق على القضية المدنية ويأتي في الوقت الذي يواجه فيه جو بايدن انتقادات لتخليه عن وعد حملته الانتخابية بتحويل المملكة العربية السعودية إلى دولة "منبوذة".
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي ولي العهد السعودي في وقت لاحق من هذا الشهر عندما يقوم بأول رحلة له إلى الرياض منذ دخوله البيت الأبيض.
تزعم الدعوى المدنية ضد الأمير محمد بن سلمان، التي رفعتها خطيبة خاشقجي في المحكمة المحلية الفيدرالية بواشنطن العاصمة في أكتوبر 2020، أنه ومسؤولين سعوديين آخرين تصرفوا في "مؤامرة ومع سبق الإصرار" عندما قام عملاء سعوديون باختطاف وتقييد وتخدير وتعذيب وقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.