فتورًا في العلاقات.. الإمارات تعرقل تعيين دبلوماسيًا جزائريًا كمبعوث أممي في ليبيا
جاءت المعارضة الإماراتية لترشيح دبلوماسي جزائري بارز كمبعوث
للأمم المتحدة في ليبيا مفاجأة للجزائر والدول الأخرى الداعمة لوزير
الخارجية الجزائري الأسبق صبري بوقدوم للمنصب، وعلى رأسها تركيا وبريطانيا.
وقطعت الإمارات الطريق أمام وزير الخارجية الجزائري الأسبق صبري بوقدوم الذي رشحته بلاده ليصبح مبعوث الأمم المتحدة المقبل إلى ليبيا، وجاء فشل بوقدوم على الرغم من ترشيحه للمنصب من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش كتكرار لأحداث عام 2020 عندما تم ترشيح وزير الخارجية الحالي رمضان العمامرة دون جدوى لهذا المنصب.
وجاءت المعارضة الإماراتية مفاجأة للجزائر والدول الأخرى الداعمة لبوقدوم للمنصب وعلى رأسها تركيا وبريطانيا وكانوا يعتمدون على مناخ التهدئة الإقليمية والمصالحة كضمان إضافي لبوقدوم لانتزاع منصب مبعوث الأمم المتحدة ووفقًا لموقع فرانس 24.
ويربط المحللون الاعتراض الإماراتي بالدعم الجزائري للحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، على خلفية تنامي نفوذ الجيش الجزائري منذ الإطاحة بنظام الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، ويضيف المحللون أنه مع هيمنة الجيش على صنع القرار السياسي، أظهرت الدبلوماسية الجزائرية علامات على الارتباك وعدم القدرة على نزع فتيل الأزمات الدبلوماسية في المحيط الإقليمي والدولي للبلاد وواجهت العلاقات مع المغرب وفرنسا طريقًا مسدودًا، في حين توترت العلاقات مع إسبانيا وتحولت العلاقات مع تونس إلى حالة فتور ملحوظ وفي غضون ذلك، لم تدخر الجزائر أي جهد لإعلان دعمها لحكومة عبد الحميد الدبيبة في ليبيا.
ويقول المراقبون، بحسب تقرير فرانس 24، إن النفوذ غير المتكافئ للجيش منذ عام 2020 محسوس في القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية وقد أثر على أداء المؤسسات الوطنية، بما في ذلك الرئاسة والحكومة والبرلمان وحتى الأحزاب والجمعيات السياسية كما تجلى في تحركات أثارت القلق، مثل استخدام النفط والغاز لتصفية حسابات دبلوماسية مع المغرب وإسبانيا.
كما يرى المحللون أن قيادة الجيش تدفع باتجاه توثيق العلاقات مع روسيا وبدرجة أقل مع تركيا والصين، ويقال إن هذا أزعج شركاء الجزائر السابقين، مثل فرنسا ودول الخليج العربي، وفي نهاية المطاف، كلف انحياز الجزائر لفصائل ليبية معينة خسارة منصب مبعوث الأمم المتحدة.
ويوصف الموقف الإماراتي بأنه مثال على اتساع الفجوة بين الجزائر والإمارات منذ عام 2020، نتيجة اعتراضات أبو ظبي على مواقف السياسة الخارجية الجزائرية في ليبيا وينظر إلى هذه الاعتراضات على أنها مشتركة إلى حد كبير من قبل دول الخليج العربي الأخرى، وأصبح مأزق الجزائر أكثر صعوبة بسبب الدعم الخليجي الصريح للنهج المغربي في نزاع الصحراء الغربية.
وشهدت العلاقات الإماراتية الجزائرية فتوراً منذ بداية عام 2020، على الرغم من المصالح المشتركة والاستثمارات الإماراتية في الجزائر، حيث استحوذت موانئ دبي العالمية على ميناء الجزائر وكذلك شركة مدار للتبغ، وبحسب تقارير دبلوماسية غربية، فإن "الإمارات عرقلت اقتراحاً للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي عقدها الاثنين، بتعيين وزير الخارجية الجزائري الأسبق صبري بوقدوم في منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا".
وقالت مصادر دبلوماسية، إن إصرار بعض الدول داخل مجلس الأمن الدولي، مثل غانا وفرنسا، على ضرورة ملء الفراغ الدولي في ليبيا بأسرع وقت ممكن، يتناقض مع اعتراض أبو ظبي على اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بترشيح صبري بوقدوم مبعوثا للأمم المتحدة.
ولم تحدد المصادر ما إذا كان الأمر ناجمًا عن الخلافات بين أبو ظبي والجزائر حول الأزمة الليبية، أم أنه انعكاس للضغط داخل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لاختيار المبعوث من جنوب الصحراء في أفريقيا.
ويرى خبراء دبلوماسيون أن الجزائر هي الخاسر الأكبر في الصراع خاصة من حيث المصداقية والمكانة في بيئتها العربية والأفريقية وبشكل أكثر تحديدًا، فقدت الجزائر فرصة ثمينة لشغل مقعد في الصف الأول بحثًا عن حل في ليبيا.
وذكر مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس، أن "الإمارات فقط، التي تمثل المجموعة العربية حاليا في المجلس، رفضت تعيين الوزير الجزائري السابق"، ويأتي الموقف الإماراتي قبيل استضافة الجزائر القمة العربية المقبلة مطلع نوفمبر المقبل، وسيتعين على هذه القمة أن تتناول قضايا خلافية مثل إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية، وعملية التطبيع العربي الإسرائيلي، كما تخشى الجزائر أن تؤدي هذه القضايا إلى تقويض القمة حتى قبل عقدها.