الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

طي صفحة "خاشقجي".. بدء حقبة جديدة من التعاون الاقتصادي والأمني بين الرياض وأنقرة

الرئيس نيوز

اتفق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، على العمل معًا من أجل توثيق العلاقات في مجالات الاقتصاد والدفاع من أجل طي الصفحة على سنوات من الحقد تسببت في تدهور العلاقات التجارية والدبلوماسية بين البلدين.

وأجرى الرئيس التركي وولي العهد السعودي، محادثات في أجواء سادتها النوايا المخلصة والمشاعر الأخوية تماشيًا مع الرغبة في الاحتفاظ بعلاقات مثالية بين البلدين، كما راقب العالم الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي أردوغان يتعانقان أمام الكاميرات، وأعرب الجانبان عن تصميمهما على العمل على تحسين العلاقات الاقتصادية والعسكرية والأمنية لبدء حقبة جديدة من التعاون في العلاقات الثنائية، كما أعرب الجانبان بشكل خاص عن اهتمامهما بالتعاون في مجال النفط وتكريره.

واتفقت الرياض وأنقرة على تخفيف الحواجز التجارية والعمل على تذليل العقبات، حيث حثت إدارة أردوغان صناديق الاستثمار السعودية على استكشاف الفرص في تركيا ولم يرد ذكر لأي مساعدة سعودية فورية لتركيا أو صفقات عاجلة بينهما، ووفقًا لبلومبرج.

استقبال رسمي

ورحب أردوغان بولي العهد ونظم له استقبالًا رسميًا واستعراض حرس الشرف بمراسم كاملة حيث حمل الحرس الرئاسي بالزي الأزرق على صهوات الخيول أعلام البلدين، وابتسم القائدان وتعانقا وعزفت الموسيقى العسكرية النشيد الوطني للسعودية.

وزيارة الأمير محمد هي الأولى التي يقوم بها لتركيا منذ مقتل جمال خاشقجي كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست عام 2018، الذي انتقد سياسات الأمير، في القنصلية السعودية في إسطنبول، مما أدى إلى توتر شديد في العلاقات بين القوتين الإقليميتين، وفي ذلك الوقت، بدا أن مساعدي أردوغان مبتهجين بنشر تفاصيل دموية حول كيفية قيام عملاء سعوديين بتقطيع أوصال خاشقجي، ووضع وريث العرش تحت ضغط دولي هائل وفي الولايات المتحدة، تعهد جو بايدن خلال حملته الانتخابية بتحويل أكبر مصدر للنفط في العالم إلى دولة منبوذة.

الجغرافيا السياسية الجديدة

تغير الزمن؛ وسيقوم الرئيس الأمريكي بايدن بأول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية الشهر المقبل حيث أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار البنزين في أمريكا، وفي الوقت الذي تعاني فيه تركيا من ضعف الليرة وارتفاع التضخم لما فوق 70٪، كثف أردوغان أيضًا جهوده لإعادة بناء العلاقات مع المملكة وجذب الاستثمار قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام المقبل.

وقال مسؤولان تركيان مشاركان في محادثات مع السعوديين إن أنقرة تسعى لتأمين صفقة تبادل عملات، على غرار العديد من الاتفاقات التي نفذتها تركيا مع دول أخرى في السنوات الأخيرة كأحد الخيارات العديدة التي تتم مناقشتها لتأمين التدفقات الأجنبية من أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، والتي تتدفق عليها السيولة من ارتفاع أسعار النفط ويمكن لاتفاق من هذا النوع أن يخفف الضغط على الليرة التركية المنهارة ويساعد حكومة أردوغان على التعامل مع التكلفة المتزايدة لواردات الطاقة.

مقاطعة غير رسمية للسلع التركية

واشتكت الشركات التركية بشكل منفصل من مقاطعة السعوديين غير الرسمية للسلع التركية بعد تباطؤ الشحنات إلى المملكة العربية السعودية في أواخر عام 2020 وفي العام الماضي، تجاوزت الصادرات التركية 200 مليون دولار بقليل، انخفاضًا من حوالي 3.2 مليار دولار في عام 2019، وفقًا لبيانات تركية رسمية، ويريد أردوغان عودة هذه التجارة وقد أدى التقارب مع الإمارات العربية المتحدة العام الماضي إلى فتح مشاريع وأعمال محتملة بمليارات الدولارات، وهو أمر تأمل تركيا في محاكاته مع المملكة العربية السعودية.

ووقعت الإمارات العربية المتحدة على مبادلة عملات بقيمة 4.9 مليار دولار مع تركيا في يناير، مما يوفر دعمًا تشتد الحاجة إليه لعملة تركيا المحاصرة كما حددت الدولة الخليجية خططًا لإنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاستثمارات في إطار سعيها لمضاعفة التجارة الثنائية على الأقل.

طي صفحة "خاشقجي"

في محاولة لطي الصفحة في فترة مشحونة بشكل خاص في العلاقات الثنائية، أنهت محكمة تركية تحقيقها في مقتل خاشقجي في أبريل، وقررت تحويل القضية لإلى السلطات السعودية، وأعقب ذلك أردوغان بزيارة منخفضة نسبيًا للمملكة، ويتوقع المراقبون أن يكون هذا التقارب خطوة مهمة في إعادة تنظيم أوسع في الشرق الأوسط منذ دخول بايدن البيت الأبيض.

كانت تركيا على خلاف مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر بشأن دعمها لتنظيم الإخوان الذي تعتبره العديد من الحكومات العربية تهديدًا للسلم العام، ويتحمل التنظيم الإرهابي مسؤولية الانقسام في العديد من المجتمعات العربية، وهناك خلاف عربي مع تركيا حول دور الإسلام السياسي في تقويض السياسات الإقليمية على مدى العقود الماضي، وساعد التنظيم في تأجيج الصراعات في ليبيا وسوريا واليمن وغيرهما منذ انتفاضات الربيع العربي عام 2011، وتعد تركيا المحطة الأخيرة في جولة الشرق الأوسط التي استقبلت ولي العهد السعودي إلى مصر والأردن، لتعزيز دوره كوسيط إقليمي قبل زيارة بايدن.