الشرق الأوسط طوق النجاة.. زلات السياسة الخارجية أفسدت مصداقية الولايات المتحدة
إبراز القوة والنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط تحول إلى مهمة محفوفة بالمخاطر وثبت أنه مكلف على مستوى الدم ورأس المال السياسي، فمنذ بداية القرن التاسع عشر، حافظت أمريكا على رؤية تشوبها العيوب بالنسبة للشرق الأوسط، مسترشدة بسياسة خارجية متقلبة وغالبًا ما تكون ضعيفة.
ووفقًا لصحيفة "سمول وورز جورنال" الأمريكية، أصبحت الولايات المتحدة على خلاف مع العديد من دول الشرق الأوسط، فعلاوة على المسافة الجغرافية الشاسعة بينهما، أصبح التباعد نفسيًا كذلك، واشتعلت خلافات أمريكا على عدة جبهات بما في ذلك خلافات أمريكية مع الفلسطينيين و خلافات أمريكية مع الإسرائيليين، و خلافات أمريكية مع المملكة العربية السعودية و خلافات أمريكية مع إيران، و خلافات أمريكية مع سوريا و خلافات أمريكية مع الأكراد، و خلافات أمريكية مع تركيا؛ فبعد أن كانت المنطقة محورًا رئيسيًا للسياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت بداية الثورة الصناعية والاستثمارات النفطية والاضطرابات وعلاقة عام 1948 الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل الأسباب الرئيسية لاستمرار التدخل الأمريكي في المنطقة.
ومنذ أن أعلن الرئيس الأمريكي روزفلت في عام 1943 أن أمن المملكة العربية السعودية "مصلحة حيوية" للولايات المتحدة، سعت إلى الحفاظ على أمنها، وإلى حد أكبر، أمن منطقة الشرق الأوسط الأوسع، وأصبحت إيران وسوريا والعراق واليمن نقاط مخاطر سياسية لعدم اليقين، وتؤثر بشكل كبير على استقرار المنطقة ولا تؤدي القضية الإسرائيلية الفلسطينية إلا إلى تفاقم التوترات المتصاعدة حيث تسعى الولايات المتحدة إلى فرص إيجابية للتوسط في تحقيق نتائج أمنية إقليمية دائمة.
ولفتت الصحيفة إلى الموقف الإقليمي المتعثر في اليمن، والصعود الملحوظ للنفوذ الإيراني، والتدخلات الغربية الفاشلة المتكررة، وظهور روسيا مرة أخرى كعملاق للطاقة والعديد من العوامل المساعد في تدهور النفوذ الأمريكي وعلى الرغم من هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن المنظمات المتطرفة العنيفة الأخرى تستعد لملء هذا الفراغ.
ولسوء الحظ، أفسدت العثرات الأخيرة في السياسة الخارجية مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة وثمة تراجع كبير لنفوذ الولايات المتحدة في المجالات المرتبطة بالتجارة والعمل الإنساني، والجهود المبذولة لإبعاد دور الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية ليصبح، إلى حد بعيد، شيء من الماضي وهو ما تعتبره الصحيفة يرقى إلى مستوى التهديد الوجودي.
وعلى مدار سنوات، تلقى الدولار الأمريكي معاملة تفضيلية في السوق العالمية ولم يتم التهديد إلا مؤخرًا حيث تسعى عدة دول مثل روسيا وإيران وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية إلى الابتعاد عن مخطط النفط مقابل الدولار ويستمر هذا الاتجاه في وضع صانعي السياسة الغربيين على خلاف مع سعيهم لإقناع دول مثل الهند والصين وروسيا من استخدام عملاتهم لخيارات تجارة النفط وهذا يسلط الضوء على أهمية بقاء الولايات المتحدة تحت رحمة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء أوبك.
وأبرزت الصحيفة عثرة ليبيا كأخطر أخطاء الولايات المتحدة بالمنطق العربية، بعد أن أصرت الإدارة الأمريكية وبعد ذلك تورطت في تغيير النظام دون إرادة الشعب في الداخل والخارج وتمت الإطاحة بمعمر القذافي، دون تهيئة التربة لأي نظام بعده، فأحدث موته فوضى متعددة الأوجه وتاريخيًا، نادرًا ما اتبعت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والعراق والمملكة العربية السعودية واليمن وتركيا وإيران مسارًا سلسًا يمكن التنبؤ به وهو الأمر الذي يستمر في تعقيد جهود الوساطة الأمريكية في التوصل إلى تسوية ممكنة لمشكلة ليبيا على سبيل المثال لا الحصر.