الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

مجدي الجلاد في حواره لـ"لرئيس نيوز": هناك ضرورة قصوى لدعم صناعة الإعلام في مصر ونحتاج لقناة إقليمية دولية (2-2)

الرئيس نيوز


 

- لا توجد كوادر سياسية ولا أحزاب حقيقية في مصر سواءً مؤيدة أو معارضة

-      لسنا خصومًا لفرض شروط مسبقة قبل إجراء الحوار الوطني  

-      تركيز السلطة في السنوات الماضية كان منصبا على استعادة قوة الدولة على حساب العمل السياسي .

-      لا توجد دولة قوية دون معارضة قوية

-      هناك ضرورة قصوى لدعم صناعة الإعلام في مصر ونحتاج لقناة إقليمية دولية

- في الجلسات المغلقة بعض الإعلاميين يقولون عكس ما يقولوه للمشاهدين عبر الشاشات

 

 

هناك عوامل رئيسية دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي لإجراء حوار وطني في هذا التوقيت، منها الأوضاع الاقتصادية، بالإضافة إلى التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجه مصر داخليًا  والإقليمي، وأهمها حالة شبه الانسداد السياسي في مصر.

مجدي الجلاد رئيس تحرير جريدة المصري اليوم، ومؤسس ورئيس تحرير جريدة الوطن، سابقًا، ورئيس تحريا مؤسسة أونا الصحفية في الجزء الثاني من حواره للرئيس نيوز.

 

بداية.. ما دلالة توقيت دعوة الرئيس السيسي لإجراء حوار وطني؟

أعتقد أن الفترة التي نعيشها حاليًا هي فترة مأزومة على كافة المستويات، وهذا ينطبق على الوضع العالمي بالكامل، وينعكس على الوضع المحلي، وبالفعل مصر تواجه تحديات كثيرة وصعبة، أهمها التحدي الاجتماعي الناتج عن الأحوال الاقتصادية الصعبة، فهناك حالة إحباط عام لدى المواطن المصري، وهذا بسبب انعكاس الأزمات الاقتصادية على حياته اليومية بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع الاقتصاد والاستثمار، وهذا التراجع مدفوع بعوامل كثيرة كان أخرها الحرب الروسية الأوكرانية، وحقيقة هذا لا يعني أن الاقتصاد المصري كان جيدا قبل هذه الحرب- بالعكس- كان لدينا أزمة هيكلية منذ سنوات في هذا الصد، وأظن أن الأزمات الاقتصادية هي أول عامل ضاغط على القيادة السياسية لإجراء هذا الحوار الوطني، خصوصا أن المؤشرات تؤكد بأن الأزمة لن تنتهي قريبا.

 

أما السبب الثاني لدعوة الرئيس لهذا الحوار من وجهة نظري هو التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجه مصر داخليا وأيضا على المستوى الإقليمي، وأهمها حالة شبه الانسداد السياسي في مصر، بمعنى أن القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات وغيرها، قد وصلت إلى حالة من الركود التام، وأسبابها كثيرة، لكن أهمها تركيز الدولة خلال السنوات الماضية كان منصبا بشكل أكبر على استعادة قوة الدولة وتنظيمها، وبالتالي لم يكن هناك أولويات للعمل السياسي والحريات العامة ، فهذه الأمور لم تكن في المقدمة أمام تحديات أساسية أخرى اشتغلت عليها الدولة، كما قلت منها استعادة قوتها والتركيز على بناء علاقات متوازنة قوية مع أطراف إقليمية ودولية بعد يناير 2011 وما تلاها، وأعتقد أن القيادة السياسية استشعرت أنه جاء الوقت الآن لتعظيم دور مؤسسات الدولة وهنا لا أقصد الحكومة، ولكن الدولة بكافة قطاعاتها (أحزابها وقواها السياسية وفئات المجتمع بالكامل والإعلام والنقابات ومنظمات المجتمع المدني) وكل هذا جزء من الدولة المصرية.

 

استكمل حديثة قائلا: "أعتقد أن هناك نقطة جوهرية وأساسية في هذا الجزء، وهي أن هذا الحوار الوطني غير كاف وإجراء الحوار ليس هدفا في حد ذاته، ولكن لا بد من أن  نتخذه وسيلة لإطلاق العمل السياسي وزيادة مساحة حرية الرأي والتعبير والحقوق الأساسية والحريات العامة للمواطن والقوى السياسية"، بالفعل جميعها في حاجة لدعم من الدولة بمعنى أنه لا توجد دولة قوية دون معارضة قوية.

 

بعض أحزاب المعارضة وضعت شروطًا لقبول المشاركة في الحوار... ما رأيك؟

 

أرى أن فكرة الشروط فكرة غير مجدية، لأننا لسنا خصوما، ودائما الشروط توضع قبل مفاوضات بين طرفي مصالحهم مختلفة، أما نحن جميعا طرف واحد وهدفنا واحد، والحوار في الأساس هدفه طرح اقتراحات وحلول ومطالب وخطة للمستقبل ومنهج نسير عليه في السياسة والاقتصاد، وبالتالي فلا يجب وضع شروط للحوار، وإذا نجح الحوار نقول وإذا فشل نعترف، وإذا طلبت المعارضة أشياء معينة وتم رفضها من النظام فهذا أمر طبيعي، ووضع شروط لحوار لا جدوى منها لأنها ليست مفاوضات، وإذا حققت المعارضة 50 % فقط من مطالبها فهذا مكسب كبير عليها أن تبني عليه.

هل ترى أن الحوار يجب أن يكون حوارًا سياسيًا أم حوارًا مجتمعيا شاملا؟

حقيقة منذ إطلاق المبادرة أراه حوارًا وطنيًا وليس حوارًا سياسيًا، لأن مصر بحاجة إلى حوار وطني يكون مشارك به كل فئات الشعب المصري (ممثلين) ولابد أن يخرج هذا  الحوار بعقد اجتماعي جديد، وهنا لا أقصد تعديل الدستور، لأنه دستور جيد جدا، ولكن المشكلة في تنفيذ وتطبيق الدستور (عقد اجتماعي جديد نتفق عليه جميعا طالما النوايا حسنة) والعقد الاجتماعي بالاتفاق عليه سنضع خطوطا عامة وطرقا نسير عليها جميعا نظام ومعارضة وكل فئات المجتمع، فلا يمكن أن تسير الحكومة في طريق والناس في طريق آخر، ويجب ألا يكون هناك وصاية من أي طرف في هذا الحوار الوطني، وعلي المشاركين جميعا سواء مؤيدون أو معارضون أن يتعاملوا بمبدأ مرن ويثقون أن ليس كل ما يقولونه صوابا، ولكنه طرح للنقاش وربما يطرح غيري ما هو أفضل من طرحي ولا يجب أن أفرض رؤيتي على الجميع (فهذا حوار ونقاش للوصول لأفضل صيغة مجتمعية وليس خناقة بين طرفين مختلفين).

هل تُعبر كثرة الأحزاب الموجودة عن التعددية؟

حقيقة لا توجد أحزاب حقيقية في مصر، لا مؤيدة ولا معارضة، ولا أرى حزبا حقيقيا في مصر لأن الأحزاب قائمة على ثلاثة أشياء، برنامج ومنهج تطبيق (ولا توجد برامج حقيقية في الأحزاب الموجودة جميعها، وهنا يجب التأكيد أنه ليس من العيب أو الخيانة أن يقدم حزب نفسه وبرنامجه للمواطنين، فهذا أساس وجوده، واعتبار ذلك شيء غير وطني هو نوع من العبث، فهذا هو قمة الوطنية.

 

ثاني الأشياء عدم وجود كوادر سياسية حقيقية، لا توجد أحزاب تقوم بالتدريب والتأهيل لخلق كوادر جديدة، أما ثالث النواقص التي تجعلني لا أرى أحزابا في مصر، هو عدم تواجد أي أحزاب في الشارع المصري، (لما يكون في انتخابات برلمان بغرفتي ومحليات ولا حتى نقابات ولا حتى رئاسة الجمهورية، الأحزاب الموجودة دي تدخل أزلي وهما مش موجودين أصلا في الشارع)، وبالتالي فلا أرى أحزابا حقيقية في مصر، والدولة تعلم ذلك جيدا.

 

ما التصور الذي يجب أن يضعه الإعلام في اعتباره خلال تغطية الحوار الوطني؟

قضية الإعلام شديدة الأهمية لأنه لا توجد أجندات وطنية على مستوى السياسة والاقتصاد وحتى اجتماعيا قادرة على أن تضع مصر في منطقة قوة حقيقية سياسية واقتصادية وإقليمية، إلا في حال أن يكون الإعلام وعاء حقيقيا مهنيا لهذا الحوار الوطني، والإعلام ليس أحكاما ولا وصاية، والبعض يظن أن دور الإعلام هو فرض الوصاية على المتلقي، الإعلام بكل فئاته صحافة وتليفزيون ومواقع وغيرها، ينبغي أن يكون وعاء يطرح الأمور بحرية مطلقة وأمان (اللي يقول رأيه يبقى في أمان ومش خليف )، فعندما نتحدث حول الإفراج عن سجناء الرأي، هذا مطلب أساسي وعادل وهم مئات، ولكننا لا ننظر للأخطر فهناك آلاف وملايين سجين الصمت (الصمت الطوعي- الصمت الاختياري) ، وهؤلاء أكثر خطورة من سجناء الرأي اللي جوه السجون ،اترك الناس تقل آراؤها بحرية طالما كانت للصالح العام، نتفق أو نختلف لكن لا يجب أن تخونني، فجميعنا نسعى لمصلحة الوطن.

 

البعض يروج أن الحوار الوطني مجرد شو إعلامي... ما تعقيبك؟

بصفة شخصية أحضر الكثير من الجلسات المغلقة مع بعض الإعلاميين، وأجد أنهم يقولون عكس ما يقولوه للمشاهدين عبر الشاشات، واتعجب كثيرا منهم (كيف تكون شخص غير متسق مع نفسك لهذه الدرجة!)، وأزيدك من البيت شعرا (من يفعل ذلك هو شخص منافق ومدعي)، فأنا أصدق نية الدولة في إقامة حوار وطني حقيقي وليس للشو فقط، والبعض يحاول إحباط الناس لأغراضه الخاصة، وهنا يجب أن أعقب على حديث البعض حول فكرة أن الإعلام يعتمد على أهل الثقة وليس أهل الكفاءة، فهذا غير حقيقي إطلاقاً، فالإعلام أصبح لا يعتمد على أهل الثقة ولا أهل الكفاءة، فأهل الثقة يجب أن يخرجوا برؤى وأطروحات مهنية ومقنعة للمواطن، لينعكس ذلك بالإيجاب على الدولة نفسها، بينما الموجودين حاليا للأسف يلحقوا الضرر بالدولة وينعكسوا على المجتمع والمواطن بالسلب، وبذلك فهم ليسوا أهل ثقة بل هم أهل نفاق، وهنا يجب أن نفرق بين المؤيدين بمهنية وبين المنافقين، وسأضرب لك عدة أمثلة بأسماء من شيوخ وأساتذة المهنة (هل يمكن أن يقول أحد إن موسى صبري أو هيكل أو أحمد بهاء الدين أو إبراهيم نافع أو التابعي أو إبراهيم سعدة أو محرم محمد أحمد، وغيرهم كثير... هل هؤلاء كانوا ضد الدولة؟) بالعكس كانوا جميعا مع الدولة والنظام ولكنهم كانوا أساتذة مهنة وصنايعية وأهل ثقة للدولة بمهنيتهم وانعكاسهم على المجتمع وتجاربهم الصحفية كانت إيجابية جدا، وللأسف في أحيان كثيرة أصبح الاعتماد مؤخرا على أهل نفاق وخايبين مهنيا.

كإعلامي وصحفي صاحب تاريخ طويل... هل لديك ورقة عمل مقترحة حول الإعلام في الحوار الوطني؟

هناك ضرورة قصوى لدعم صناعة الاعلام في مصر، لأن الصناعة في أزمة والمهنة في أزمة وهنتك فرق بين الصناعة والمهنة، فمن وجهة نظري لا بد من أن  يوضع محور لدعم القدرة التنافسية على المستوى الإقليمي والدولي... قدرة الاعلام المصري على التنافسية مهمة جدا.

 

هذا يعني أنك تتحدث عن الإعلام خارجيا... فماذا عن الإعلام داخليا؟

 هناك محورين، دعم قدرتك التنافسية إعلاميا لأننا بحاجة إلى إيصال وتجسيد مصالح مصر السياسية والإقليمية والدولية في إعلام قوي واصل إقليميًا وواصل خارجيًا، ولا أخفيك سرًا لدي خجل شديد جدا كصحفي وإعلامي مصري، أن يكون المسيطر على فضائيات الوطن العربي، محطات مثل الجزيرة والعربية وسكاي وغيرها، مع كامل احترامي لهم جميعا، لكن في النهاية إحنا فين؟، نحن المصريين رواد هذه المهنة وصنعنا الإعلام في الوطن العربي من عدم، ولا يوجد قناة مصرية تعبر عن مصالح وأهداف مصر على المستوى الإقليمي والدولي، المحور الثاني والمهم على المستوى الداخلي، فالإعلام أصبح يتحدث من اتجاه واحد، ولا يوجد إعلام فاعل أو مؤثر في المجتمع إلا بتعدد الاتجاهات، ويجب إتاحة الفرصة لمناقشة وطرح قضايانا بحريه وبوجهات نظر وأراء متفقة ومختلفة، ولكن في النهاية يجب أن يكون الناتج الحقيقي هو التعبير عن المواطن وحياته ومصالحه، وهنا أتساءل (متى كان انتقاد وزير يثير أزمة أو يخلق مشكلة؟) الأن هذا يحدث بشكل كبير جدا، فاذا خرجت حرية الرأي والتعبير من الباب، الإعلام يخرج من الشباك، لأنه اسمه إعلام، ولا يخلو من انتقادات من أجل المصلحة الوطنية، وإذا اوصلتني إلى مرحلة إني أخاف أقول رأيي يبقى أنت فشلت.

 

معني كلامك أن مصر تحتاج قناة إخبارية إقليمية دولية؟

بالطبع نحتاج لهذه القناة منذ 20 عاما، وبح صوتنا سنوات طويلة للمطالبة بهذا الأمر.

البعض يرى أنه لا يوجد كفاءات وخبرات لمثل هذه القناه... ما رأيك؟

هذا كلام غير صحيح، لدينا القدرة على إطلاق شبكة قنوات مصرية بكافة اللغات تنافس القنوات الإقليمية في المنطقة بالكامل، ولدينا كفاءات إعلامية تفعل أكثر من ذلك ولكن للأسف لا يعتمد عليهم.

هل فقد المواطن ثقته في الإعلام؟

قطعا حدث تآكل للثقة في الإعلام، وذلك بسبب السياسات التي تحدثنا عنها سابقا، ولا أتحدث عن أمور لا تعلمها الدولة، فالدولة تعلم ذلك جيدا وتضررت منه كثيرا، حتى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه انتقد الإعلام في أكثر من مناسبة، وهذا يؤكد أن هناك أزمه، عندما يوجه الرئيس لوم وعتاب على الإعلام فهو يشكو من أداء الإعلام وتأثيره السلبي على المجتمع، ولطالما الثقة تتآكل في الإعلام فاذا نحن بحاجة إلى سياسات إعلامية جديدة.