الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

مجدي الجلاد في حوار لـ"الرئيس نيوز": نظام مبارك كان أكثر ليونه مع الإعلام..والانسداد السياسي أثر بالسلب على المهنة (1 - 2)

الرئيس نيوز


 

- "المصري اليوم" كانت في منطقة وسط بين صحافه حكومية تؤيد تأييد أعمى وصحافة حزبية تسعى لشيطنة النظام
- "المصري اليوم" تدفع فاتورة أخطاء إدارتها بعد رحيلي عقب 25 يناير
- الهيئات والمجالس لم يتم إنشائها لحماية الحكومة من الإعلام ولكن الأصل حماية المواطن
-صفوت الشريف قال "إحنا غلطنا لما سمحنا بوجود "المصري اليوم وقناة دريم"
- حالة الانسداد السياسي أثرت بالسلب على الإعلام ولا يوجد معارضين يتحدثون إلا في حدود ضيقة
- ردي على إبراهيم عيسى كان للحفاظ على "النخبة المصرية" من التورط في دعم أفكار تهدف لضرب ثوابت الدين 
- تأسيس جريدة "الوطن" مع محمد الأمين منفردا خطأ لن أكرره 

- الإعلاميون ليسوا أبرياء والإعلام ضحية
 

 

تتفق أو تختلف معه كصاحب رأي.. ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر عليه أنه صاحب التجارب اليومية الأبرز فى الصحف الخاصة فى مصر، وقد لا يستميلك أسلوبه ككاتب، ولكن لا أحد يجادل أيضاً فى أنه "صنايعي المكنة"، قادر على توظيف العناصر الصحفية فى مكانها الصحيح على " سير" الجريدة .. هو مجدي الجلاد، رئيس تحرير جريدة المصري اليوم، ومؤسس ورئيس تحرير جريدة الوطن، سابقًا، ورئيس تحرير مؤسسة أونا للصحافة والإعلام حالياً.

لماذا سعينا إلى حوار مع الجلاد؟، لأنه صانع تجربتين صحفيتين فى نظامين مختلفين، الأولى فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والثانية فى فترة زمنية وسيطة بين الانتقال من نظام مبارك إلى 30 يونيو، وهى فترات شهدت تحولات سياسية واجتماعية فى مصر، انعكست بالطبع على صناعة الإعلام، التى كان الجلاد يضع يده فى بداخل أمعاءها ( بالمعنى الدارج).

فإذا أردنا أن ندرس تعامل النظام بمراحله المختلفة والمتعاقبة مع المنظومة الإعلامية فسيكون "الجلاد" هو شخصنا المنشود.

 

فى البداية.. ما الفرق بين علاقة الإعلام الخاص بالنظام في عهد مبارك وعهد السيسي ؟

حقيقة نظام مبارك كان أكثر ليونه مع الإعلام الخاص، والنظام الحالي أكثر شدة وحدة، وهذا يرجع لنظرة الدولة للصحافة والإعلام ودورهم فى الفترتين

هل تحدثنا عن كواليس خروج المصري اليوم باعتبارها أول جريدة خاصة يومية فى مصر في ظل نظام الرئيس الراحل مبارك ؟

كان هناك توجه من الدولة يسمح بصدور صحف خاصة، في نهاية التسعينات وهناك عدة صحف حزبية خرجت للنور وكذلك صحف أسبوعية، والمصري اليوم هي أول صحيفة يومية خاصة تصدر في مصر سنة 2004، بالطبع واجهنا مشاكل كثيرة جدا قبل الصدور وأثناءه وحتى بعد الصدور بسنوات، فخاضت المصري اليوم معارك وأزمات لمدة تزيد عن 8 سنوات متواصلة، ولكن الدولة كانت ترى أنه سياسيًا يجب يحدث انفتاح في الصحافة إلى حد ما، وكان هناك نظرة احترام للصحفيين (نختلف ونتفق ونتخانق ونتصالح)، وحقيقة تجربة المصري اليوم تجربة مفصلية في حياتي، ورشحنا لها الأستاذ إبراهيم نافع، وبدأنا التجربة وكنا شباب أنا وأنور الهواري وعادل القاضي الله يرحمه، وكان عندنا تحدي هو أن نقدم محتوى مهني لم نتمكن من تنفيذه في الأهرام والصحف الحكومية، واعتقد أن السر في نجاح المصري اليوم وهو نجاح تاريخي، فتح مجال لصحف خاصة خرجت للنور بعد نجاحنا، والصحف الحكومية كانت على ضفة سحيقة بعيدة جدًا في الولاء الأعمى للنظام، وصحف المعارضة والأحزاب كانت على الضفة الأخرى تماما وتسعى لشيطنة النظام، فكان هناك تطرف في التأييد وتطرف في المعارضة، فوجدنا أن المساحة في المنتصف فارغة تماما، والصحافة المهنية هي التي تقف دائما على مسافة واحدة من الجميع (لا بتاع حكومة ولا بتاع معارضة).

كيف تعاملتم عقب صدور الجريدة على المستوى السياسي؟

"مكناش تبع حد"، وكان البعض يتسائل (هما الناس دول طالعين يعملوا إيه وتبع مين.. لا تبع حد ولا طالعين يعملوا حاجة.. طالعين نشتغل عادي) الكلام كان ينتشر حول الجريدة منذ صدورها، شوية يقولوا دول مع اليسار وشوية يقولوا تبع أحمد عز وجمال مبارك والحزب الوطني، حتى أن مجلس الإدارة نفسه كانوا يتسائلون (هو احنا مع مين)، وهذا الجدل أضاف كثيرا للجريدة وانتشارها، واعتبر أن هذه هي الوصفة السحرية التي كانت من اختراعي وحققت نجاح كبير، فطالما أنت مؤثر والناس لا تعرف أين توجهك فهذا هو قمة النجاح، وكان ردي على كل من يدعي أننا نميل لطرف أو نخدم مصالح طرف أو نتبنى وجهة نظر طرف يكون (راجعوا المحتوى وتابعوا المضمون وستجدوا أننا مجردون من أي توجه)، للعلم في مهنتنا تحديدًا كل ما الناس تحتار فيك كل ما تنجح.

 فى فترة ما بعد ثورة 2011 مال المصري اليوم فى اتجاه رياح اليسار الثوري وقتها.. هل كانت الجريدة تأمل فى نصيب من "الحكام الجدد" ؟

ما حدث من استقبال للشباب والنشطاء كان في حدود ضيقة جدا وبأعداد محدودة، ودائما نعمل نظرية أن المهنة معامل تفريخ ومصانع، وكنا نعلم ونعطي خبرات وبالفعل خرج منهم مجموعة مميزين جدا ومهنيين، وأخرون لم ينجحوا ولم يتمكنوا من تطوير أدواتهم، وكنا نعلم معايير وأخلاقيات مهنة ومواثيق، ولا اظن أن هذا أمر اضر بالمهنة.


 

لماذا تتعرض المصري اليوم للعقاب بعد 30 يونيو وحتى الآن؟

المصري اليوم وضع لها سياسات تحريرية مهنية، مع وجود مجلس إدارة قوي وإدارة إعلانات قوية، فكانت الخلطة متكاملة بين مهنة، وتسويق، وفصل الملكية عن الإدارة والتحرير، فكل طرف كان يعرف دوره جيدا، ولذلك حققنا النجاح بهذه الخلطة السحريه، وعندما رحلت اختلت هذه الخلطة ولذلك جرى لها ما جرى.

 هل المصري اليوم تدفع فاتورة سياساتك التحريرية عقب 25 يناير؟

قطعا لأ.. المصري اليوم تدفع فاتورة أخطاء مجلس الإدارة والمساهمين بعد رحيل مجدي الجلاد، إدارة المؤسسة كانوا محافظين لفترة على الخلطة دي بعد رحيلي، ولكن بعد ذلك الأخطاء بدأت بتغييرات متعددة لرؤساء تحرير بشكل عشوائي وبسرعة، واختاروا ناس ليسوا مهنيين، واعتقد أن سياسات مجلس الادارة لم تكن  صح بعد 2012.

البعض يبرر حالة الرقابة المشددة على الإعلام كنتيجة لمرحلة الفوضى الإعلامية بعد 25 يناير  ؟

أنا كنت ضد حالة الفوضى، ولكن يجب أن نعترف هذه الفوضى كانت في ظرفها التاريخي وهي نتاج ثورة، ولا يوجد ثورة لا تنتج فوضى، ومن الطبيعي أن السنوات التي تتلوها كان بها بعض الفوضى والدولة كانت تشكو منها، وأنا أتفق مع الدولة في شكوتها من الفوضى الإعلامية، ولكن عندما تتدخل الدولة لإعادة التنظيم لا يجب أن تأخذ الأمور إلى النقيض تماما، فالتنظيم مطلوب وكنا نطالب به، حتى أنشأت المجالس والهيئات الإعلامية، وهذه المجالس والهيئات دورها في العالم بأكمله التنظيم وليس الإدارة (هم يضعون فقط تشريعات وقوانين تنظيمية ويراقبون تنفيذها، ولكن لم تنشأ هذه الهيئات والمجالس لتحمي الحكومة من الإعلام) ولكن الأصل في إنشائها هو أن تحمي المواطن من الإعلام، والمواطن مصلحته أهم وتحمي الحكومة أيضا من أي تجاوز غير مهني، ولكن الأساس في إنشائها هو حماية المواطن وحقه في المعرفة وضمان الحوار المتكافئ بين كل القوى في المجتمع.

ولكن لماذا يدفع الإعلام فاتورة فوضى ما بعد الثورة  حتى وقتنا هذا؟

حالة الفوضى كانت في ظرفها التاريخي كما قلت من قبل، ولا أعتقد أن الفوضى الإعلامية هي السبب، فالإعلام يدفع فاتورة أن البعض يتصور أن دور الصحافة والإعلام في يناير 2011 وبعدها يونيه 2013 كان هو السبب الرئيسي فيما جرى، حتى أن أحد أصدقائي كان محبوسًا مع صفوت الشريف، وقال له حرفيا (احنا غلطنا لما سمحنا بظهور المصري اليوم وقناة دريم للنور)، فهذا اعتقاد بأن الصحافة والإعلام كانوا سببا فيما جرى، والفاتورة التي دفعها الإعلام هي جزء من نظرة الدولة نفسها للصحافة والإعلام، والاعتقاد أن دور الصحافة والإعلام في يناير ويونيو هو السبب.

لو حاولنا تشريح العلاقة بين النظام الحالى وبين الإعلام.. هل نضع الإعلام والإعلاميين فى خانة المتهم؟

الإعلام لا هو برئ ولا متهم، هو ضحية فقط، والإعلاميين ليسوا أبرياء بل متهمين وهم جزء من المشكلة.
 

هل أثرت حالة الجمود السياسي على الإعلام ؟

للأسف توقف الحياة السياسية انعكس على الإعلام بشكل سلبي، خاصة أن السياسيين والحزبيين لا يتحدثون في وسائل الإعلام إلا في حدود ضيقة جدا، ولذلك الإعلام لا يجد ما يناقشه فيتجه إلى البحث عن التريندات.

قطعا حالة الركود أو الجمود التي كانت قائمة، أثرت بالفعل على الإعلام ، لأن السياسة سواء أحزاب أو قوى سياسية أو تنظيمات أهلية أو نقابات أو حتى روابط (أيا كان مسماها هي في الأساس تقدم نفسها للمواطن من خلال تقديم حلول وتفاعل شعبي)، والمعارض أو أي حزب غير حاكم يجب أن يكون مختلف مع الحكومة في سياساتها، فهذا هو الأصل في الأحزاب، التنافس على الفوز بتأييد المواطنين، وحقيقة أتعجب من كم الأحزاب الموجودة اسما فقط بلا تواجد حقيقي، والأغرب من ذلك أن أغلبها تتعامل ممثلة واحدة متفقة مع الحكومة، فالحياة الحزبية يجب أن تكون قائمة على المنافسة السياسية، وهذا ما يحدث في العالم بأكمله، منافسة سياسية طبيعية جدا بين أحزاب لكل منها توجهه ورؤيته وحلوله للأزمات، وبرنامجه الذي يعرضه على المواطن ليكتسب ثقته وتؤيده.

يردد البعض أنك من المبعدين عن الظهور إعلامياً..فما حقيقة ذلك؟

 

 بالطبع لا، فلا مجال للمنع في عصر السوشيال ميديا، وكان هناك حديث عن إقصاء في مرحلة معينة للبعض وحينها فقدنا قوتنا المؤثرة، أما الأن أعتقد أنه لا يوجد منع لأي شخص داخل إطار هذا الوطن ومن على أرضه، والدليل انني أظهر عبر صفحتي على الفيس بوك وأحقق مردود وتفاعل قوي جدا وحقيقة السوشيال ميديا أصبحت الأقوى والأكثر تواجدا وانتشارا من التليفزيون نفسه.

ماذا عن التحولات التي حدثت مؤخرًا في شخصيتك ؟

بتكلم بمعايير وبميزان دهب وأنا صريح جدًا ولا أحب أن أخفي شئ بداخلي.

ولكنك بدأت تشتبك مع بعض زملائك في المهنة وأخرهم كان إبراهيم عيسى.. فما سبب هجومك عليه ؟

إحنا زملاء وأصدقاء وكان بيننا منافسة مهنية في الصحف، وكان الجميع يقول أننا أصحاب أهم تجارب في الصحافة الحديثة، خاصة أننا أسسنا تجارب مختلفة ولكل منا مدرسته الصحفية، وأنا أنتمي لنوع صحافة وهو ينتمي لنوع صحافة آخر، وكلا منا عبر عن مدرسته الصحفية، أنا في المصري اليوم، وهو في الدستور، وأيضا عندما إنتقل كلا منا لتجربة أخرى، بين جريدتي الوطن، التحرير، وبرغم تفوق تجاربنا على تجاربه، إلا أن تجربته كان لها طابع خاص ومختلف، بالطبع نحن أصدقاء وبيننا منافسة صحفية وحتى في التليفزيون، وكنت في زياره لمنزله قبل أن أهاجمه، ولكني لدي مجموعة من الثوابت في شخصيتي، ولك الحق أن تتفق أو تختلف معها ولكني ضد الجري واللهث وراء التريند، والصحافة هي التي يجب أن تصنع التريند ولا تنساق خلفه.

أصبحت مؤخرا تدلى برأيك فى أمور دينية ووجهت اتهام بأن هناك تعمد لإفساد الدين..ماذا تقصد ؟

حقيقي أنا لدي إيمان وعقيدة بداخلي بأن مسألة الأديان السماوية فيها ثوابت لا يمكن التراجع عنها، بجانب أن هناك نسبة أمية عالية جدًا في مجتمعنا، وهي ليست أمية قراءة وكتابة، ولكن أمية وعي وثقافة ومعرفة (وستجد خريجين جامعات أميين) والمجتمع بهذا الشكل لا يجب أن يتبنى أفكارًا وأطروحات لها أجندة ثابتة، لضرب ثوابت الدين وزعزعة العقيدة لدى الناس، هذا ليس في صالح البلد، ومن الممكن مناقشة هذه الأمور عندما يكون لدي الأغلبية الوعي الكافي في المجتمع، إنما في لحظة واحدة تضرب في الثوابت الدينية وتنكر المعراج، هذا أمر في غاية الخطورة، لأنك بذلك تسعى لضرب الصلاة وبذلك تبقى وصلت للنخاع، وحقيقة شعرت بوجع وغضب شديد من حلقة إبراهيم عيسى التي تحدث خلالها عن المعراج، وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول أن يضرب في ثوابت الدين، ولكن ما أزعجني هذه المرة طريقة حديثة عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام والحديث عنه بصيغة الضمير الغائب، حتى لغة جسده وهو يتحدث كانت مستفزة (بيشوح بايده ويقول هما فهموك إن هو عمل كده) وهذا أسلوب لا يليق في الحديث عن الرسول، فهل تجرؤ على الحديث بهذا الأسلوب عن وزير أو رئيس ؟، فهناك قضايا لا جدل فيها، وكان لزامًا علي أن أرد.

ولكنك ذكرت أن هذا الأمر ممنهج ويقف خلفه مجموعة بعينها ولم تكشف أي تفاصيل ؟

أنا تحدثت بهذا الكلام حفاظًا على صورة النخبة المصرية، وذكرت أنه في حال حدوث أي تجاوزات أخرى سأكشف ما لدي من أدلة تؤكد أن هذا الأمر ممنهج ومتعمد (لو حصل من المجموعة دي أي تجاوزات هطلع اللي عندي وهو قاطع وحاسم لا يصد ولا يرد) ويثبت أنها حملة ممنهجة يقف خلفها أشخاص، وليست الحكومة وليست الدولة لأن البعض يروج أن الدول هي التي تدعم هذا التوجه وأن هؤلاء مدعومين من الدولة وهذا غير حقيقي بالمرة، فالدولة المصرية والقيادة السياسية لا تدعم هدم  ثوابت الدين،  حتى الحديث عن تجديد الخطاب الديني هدفه تصحيح المفاهيم الدينية وليس هدم ثوابت الدين، وما يفعله هذا اللوبي قضية أخرى لا تهدف لتصحيح المفاهيم الدينية، فليس من التجديد انكار المعراج.

 

ما الذي فعله مجدي الجلاد سابقًا ولن يفعله مجددا .. وما الخطأ الذي ندمت عليه ؟

الكثير من الأمور لن أفعلها، مثلا: تأسيس صحيفة جديدة والحديث بحرية مطلقة واستقبال آراء الناس بحسن نيه، هذه أمور لن أفعلها، أما الحديث عن الأخطاء فهناك الكثير من الأخطاء التي يرتكبها البشر، وأنا بشر طبيعي أن أخطئ، ولكن أكبر غلطة في المهنة أننس أسست جريدة الوطن عام 2012 مع رجل الأعمال محمد الأمين كمالك واحد فقط، ومع كامل إحترامي له، ولكني أكتشفت أن مجلس إدارة يضم مجموعة ملاك أفضل كثيرًا للمهنة من شخص واحد يمتلك المؤسسة، لأنك عندما تختلف مع هذا الشخص تسد كل الطرق، ولذلك قررت الرحيل في 2016 وكانت في قمة نجاحها.