الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

بالتفاصيل.. روسيا تعلن البدء في إنشاء محطة الضبعة النووية خلال يوليو المقبل

توقيع عقود محطة الضبعة
توقيع عقود محطة الضبعة

لم تمنع الحرب الروسية الأوكرانية، شركة "روساتوم" الروسية من الشروع في تصنيع معدات أول محطة للطاقة النووية في مصر.

إنتاج المعدات

أعلنت شركة الطاقة الذرية الروسية روساتوم، عن بدء إنتاج المعدات لمحطة الطاقة النووية في الضبعة، وفقًا لصحيفة إزفيستيا الروسية، وجاء الإعلان الروسي متزامنًا مع زيارة وفد مصري رفيع المستوى لموسكو برئاسة رئيس هيئة المحطات النووية المصرية أمجد الوكيل، في الأول من يونيو، زار خلالها محطة لينينجراد للطاقة النووية، ومنشآت ومصانع أخرى في مدينة كولبينو، وهي الزيارة التي حملت عدة أبعاد سياسية وفنية في نفس الوقت، وعلى رأسها أنها تأتي ردًا على الجدل حول مصير محطة الضبعة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية .

يأتي ذلك بعد ما يقرب من سبع سنوات من توقيع الحكومة المصرية اتفاقية مع روسيا في نوفمبر 2015 لإنشاء أول محطة للطاقة النووية في مصر في الضبعة، والتي تهدف إلى توليد إجمالي 4800 ميجاوات من خلال أربعة مفاعلات.

وفد مصري يزور روسيا

وتفقد الوفد المصري في روسيا وحدتين جديدتين للطاقة مع مفاعلات الجيل الثالث VVER-1200 المطورة في محطة لينينجراد للطاقة النووية، والتي تم تشغيلها في 2018 و2021 على الترتيب، كما قام الوفد بجولة في غرفة التحكم ومبنى التوربينات لكل وحدة بالمحطة، بالإضافة إلى مركز التعليم والتدريب بالمحطة.

وكانت تلك الزيارة تأكيدًا على أن مشروع الضبعة النووي يسير دون انقطاع أو عقبات وتجدر الإشارة إلى أن محطة الضبعة النووية لن تجلب لمصر أحدث تقنيات الإنتاج فحسب، بل ستساهم أيضًا في زيادة رفاهية وازدهار الشعب المصري خلال العقود القادمة.

الالتزام بالجدول الزمني

وفي غضون ذلك، قال ألكسندر لوكشين النائب الأول للمدير العام للطاقة النووية في روساتوم: "يجري تنفيذ المشروع وفقًا للجدول الزمني ونؤكد دائمًا أن مثل هذه المشاريع المعقدة والضخمة وطويلة الأجل لا يمكن تنفيذها إلا من خلال التفاهم الكامل بين العميل والمقاول"، في إشارة إلى مصر وروسيا.

وكان الإعلان الروسي عن بدء تصنيع المعدات وزيارة الوفد المصري لموسكو دليل على أن المشروع النووي المصري لن يتأثر بالحرب ويسير وفق الجدول الزمني للمشروع، ومن الناحية الفنية، يجب أن تبدأ أعمال صب الخرسانة لقاعدة احتواء مفاعلات الوحدة الأولى في غضون أسابيع قليلة، بعد الحصول على إذن لبدء البناء من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية، وبعد التأكد من معايير السلامة، يتم استيفاء متطلبات الجودة والرقابة، وبعد ذلك يمكن أن تستمر عملية بناء المحطة النووية على الأرض.

موعد انطلاق عمليات البناء

وتطرق النائب الأول للمدير العام للطاقة النووية في روساتوم إلى ذلك أيضًا حيث قال للصحفيين إن البدء الرسمي للبناء مقرر في النصف الأول من شهر يوليو، وفقًا لوكالة الأنباء الروسية تاس، فقال: "التاريخ الرسمي هو 11 يوليو وربما قبل ذلك بيوم أو بعده بيوم".

وعلق سينا أزودي الباحث الزائر والمحاضر في الشؤون الدولية بمعهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن، في تصريحات لموقع المونيتور الأمريكي قائلا: "إن بدء تنفيذ المشروع يعني أن مصر ستنضم إلى دول الشرق الأوسط الأخرى التي تعمل على تطوير قطاعها النووي، بما في ذلك إيران والإمارات اللتان شرعتا بالفعل في طريق إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة النووية وهذا يعكس أيضًا اهتمام المنطقة المتزايد بالتكنولوجيا النووية بشكل عام".

تأثير العقوبات الاقتصادية

وأوضح أن "روساتوم لديها قدرات كبيرة وخلفية في العمل في الشرق الأوسط، وبالتالي فهي مرشح جيد لتولي تنفيذ مشروع الضبعة"، ولكنه لفت إلى إن العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا قد تؤثر على تنفيذ المشروع، وذكر: "أعتقد أن العقوبات الاقتصادية يمكن أن تؤثر على قدرة روسيا على تمويل مشروع مصر النووي، لأنه بموجب شروط العقد، من المفترض أن تمول روسيا 85٪ من تكلفة المشروع في شكل قرض حكومي".

وكان عزل روسيا عن نظام سويفت المالي العالمي قد أضر بقدرات موسكو على الوفاء ببعض التزاماتها ولا يمكن لمصر أن تدعم المشروع بالكامل مالياً بمفردها، ووفقًا لوكالة تاس، سيتم تنفيذ محطة الضبعة للطاقة النووية بتكلفة 30 مليار دولار، يتم تمويل 85٪ منها بقرض روسي قيمته 25 مليار دولار بفائدة 3٪.

موسكو والقاهرة ما زالا قريبين جدًا

كما علق سيريل ويدرسهوفن محلل الطاقة الدفاعية في الشرق الأوسط ومؤسس شركة فيروتشي الاستشارية المتكاملة للمخاطر، ومقرها هولندا، قائلاً: "إن المضي قدمًا في تنفيذ مشروع الضبعة يؤكد توقعات الجميع للتعاون النووي بين مصر وروسيا، والسبب الرئيسي لذلك هو العقود الجارية - ولكن أيضًا حقيقة أن موسكو والقاهرة ما زالا قريبين جدًا من حيث الطاقة والاستثمار وحتى التعاون العسكري "، ولا يزال التعاون في مجال الطاقة بين مصر وروسيا قوياً للغاية، حيث يتطلع كلاهما لمزيد من الفرص للعمل معًا.

وأضاف أن الدور النووي الروسي للقاهرة واضح ومهم، حيث لا توجد خيارات أخرى كثيرة متاحة في مجال الطاقة، موضحًا أن "إنشاء روسيا لمفاعل نووي في مصر هو تأكيد على أنه على الرغم من انتقادات القاهرة للحرب المستمرة في أوكرانيا، إلا أنها لا تزال تحافظ على علاقات قوية مع موسكو، بالنظر إلى استثمارات الأخيرة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس".

مصر مركزًا مهمًا للطاقة

وذكر: "بالنسبة لروسيا، تعد مصر مركزًا مهمًا في المنطقة، ليس فقط بسبب الموقع الاستراتيجي لقناة السويس، ولكن أيضًا في ضوء مكانة القاهرة القوية في العالم العربي"، وتزامن الإعلان الروسي عن إنشاء محطة الضبعة في هذا الوقت مع مرور ما يزيد عن 100 يوم على اندلاع الحرب الأوكرانية، دليل على وجود إرادة سياسية مشتركة بين البلدين لتنفيذ جميع المشاريع والاتفاقيات الموقعة في كافة المجالات، سواء فيما يتعلق بمحطة الضبعة أو مع المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس، التيمن شأنها دفع عجلة التنمية في مصر.

وستواصل القاهرة وموسكو التعاون في المستقبل، فمصر قادرة على إقامة علاقات متوازنة مع جميع القوى العالمية رغم تعاونها مع روسيا، كما تحافظ على علاقات نوعية واستراتيجية مع الولايات المتحدة وكذلك مع الاتحاد الأوروبي والصين.