تقرير: تنظيم القاعدة يعيد بناء نفسه في أفغانستان تحت حكم طالبان
على الرغم من احتفال صحيفة وول ستريت جورنال بانتصار أمريكا على تنظيم داعش الإرهابي قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، في أعقاب الاستيلاء على مدينة الموصل العراقية، ونشر مخاوف عديدة في دول الشرق الأوسط ودفع الولايات المتحدة إلى إعادة تمركز قواتها العسكرية بالعراق، إلا أن الأمم المتحدة تحذر من أن تنظيم القاعدة أصبح يتمتع بملاذ آمن في أفغانستان تحت حكم طالبان، بعد الانسحاب المهين للقوات الأمريكية من أفغانستان، وسلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على تقرير استخباراتي جديد يثير مخاوف من أن تصبح أفغانستان مرة أخرى قاعدة للإرهابيين الدوليين.
وذكر تقرير للأمم المتحدة يستند إلى معلومات استخبارية قدمتها الدول الأعضاء إن القاعدة لديها ملاذ في أفغانستان تحت حكم طالبان و"حرية عمل متزايدة" مع احتمال شن هجمات جديدة بعيدة المدى في السنوات المقبلة ويثير التقرير، الذي أعدته لجنة الأمم المتحدة المكلفة بفرض عقوبات على طالبان وآخرين قد يهددون أمن أفغانستان، مخاوف من أن تصبح البلاد مرة أخرى قاعدة لهجمات إرهابية دولية بعد انسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو العام الماضي ويشير منتقدو الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى وصف التقرير لـ "العلاقة الوثيقة" بين القاعدة وطالبان كدليل على أن قراره بسحب جميع القوات الأمريكية كان خطأ.
ومع ذلك، لم يتحقق التدفق المخيف للمتطرفين الأجانب إلى أفغانستان، حيث تم اكتشاف عدد قليل فقط من الوافدين على الرغم من أن عنف تنظيم داعش الإرهابي قد طغى على القاعدة في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يزال يمثل تهديدًا محتملاً بوجوده في أجزاء من جنوب آسيا والشرق الأوسط ومنطقة الساحل حيث يتمركز عشرات من كبار قادة القاعدة في أفغانستان، وكذلك الجماعات التابعة مثل القاعدة في شبه القارة الهندية.
وقالت طالبان مرارًا وتكرارًا إنها ملتزمة بالاتفاق الذي وقعته مع الولايات المتحدة في عام 2020، قبل تولي السلطة، والتي وعدت فيها بمحاربة الإرهابيين، ونسب التقرير الفضل إلى طالبان في بذل الجهود لكبح جماح القاعدة، لكنه يثير مخاوف من أن هذه الجهود قد لا تدوم، وأفاد فريق إعداد التقرير بأن عددًا غير معلوم من أعضاء القاعدة يعيشون في الحي الدبلوماسي السابق في كابول، حيث قد يتمكنون من حضور اجتماعات في وزارة الخارجية، على الرغم من أنهم يقولون إن هذه المعلومات غير مؤكدة.
كما يقول التقرير إن سلسلة مفاجئة من التصريحات والاتصالات من زعيم القاعدة، أيمن الظواهري، تشير إلى أنه "قد يكون قادراً على القيادة بشكل أكثر فاعلية مما كان ممكناً قبل استيلاء طالبان على أفغانستان"، وذكر تقرير سابق للأمم المتحدة أن الظواهري مريض بشكل خطير، وأشار بعض المسؤولين إلى أن الرجل البالغ من العمر 70 عاما ربما توفي.
وركز المتشدد المخضرم المولود في مصر على توسيع الدعم الشعبي والوجود في العالم الإسلامي منذ توليه تنظيم القاعدة في عام 2011، عندما قُتل أسامة بن لادن في غارة للقوات الأمريكية الخاصة في باكستان، ويقول التقرير إنه من غير المرجح أن تشن الجماعة أو توجه هجمات خارج أفغانستان للعام أو العامين المقبلين، بسبب الافتقار إلى القدرة وضبط النفس من جانب طالبان، ولكن على الرغم من ذلك، فإن هدفها على المدى الطويل لا يزال يتمثل في العودة إلى "الجهاد العالمي".
وأشار التقرير إلى أن التزام طالبان بمنع القاعدة من شن حملة إرهابية دولية "غير مؤكد على المدى المتوسط إلى الطويل" وتلقى هذا الجهد دفعة عندما سيطرت طالبان على كابول، كما تقول، مع قدرة القاعدة على استخدام الانتصار الواضح للميليشيا الإسلامية لجذب مجندين جدد وتمويل وإلهام المنتسبين للخط التكفيري على مستوى العالم.
وفي أبريل، أصدر تنظيم القاعدة شريط فيديو أشاد فيه الظواهري بامرأة هندية مسلمة تحدت في فبراير حظر ارتداء الحجاب التقليدي وكانت اللقطات أول دليل منذ أكثر من عام على أنه على قيد الحياة ولم يشر مقطع فيديو سابق للظواهري، تم تداوله في ذكرى 11 سبتمبر العام الماضي، إلى سيطرة طالبان على أفغانستان منتصف أغسطس، فقد ذكر الهجوم على القوات الروسية بالقرب من مدينة الرقة شمال سوريا بتاريخ 1 يناير 2021، وفي أحدث فيديو له، أشار الظواهري إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، ملقيًا مسؤولية الحرب على "ضعف الولايات المتحدة" وقال "الولايات المتحدة بعد هزيمتها في العراق وأفغانستان، بعد الكوارث الاقتصادية التي سببتها غزوات 11 سبتمبر، وبعد جائحة كورونا، وبعد أن تركت حليفتها أوكرانيا فريسة للروس".
ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى أن معظم كبار قادة القاعدة يتمركزون حاليًا في المنطقة الشرقية من أفغانستان، من مقاطعة زابول شمالًا باتجاه كونار وعلى طول الحدود مع باكستان. المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان تصطف على جانبيها تلال غير مضيافة كانت بمثابة معاقل لعدد من الجماعات المسلحة، وحاولت طالبان تقييد أنشطة بن لادن عندما كانت في السلطة في أفغانستان من عام 1996 إلى عام 2001، لكنها لم تمنع سلسلة من الهجمات على أهداف أمريكية بلغت ذروتها في هجمات 11 سبتمبر؛ ومثل القاعدة، فإن تنظيم داعش يسعى للحصول على موطئ قدم في أفغانستان.