باحث اقتصادي يكشف حقيقة تعامل مصر بالروبل لاستيراد القمح الروسي
تحدث الباحث الاقتصادي المصري أحمد أبو علي عن أزمات قد تواجه المؤسسات المالية التي تتعامل مع روسيا بعد إزالة موسكو من نظام SWIFT العالمي لتحويل الأموال.
وأوضح الباحث المصري في تصريحات لـRT، أن إزالة روسيا من هذا النظام من الممكن أن يجعل من المستحيل تقريبا على المؤسسات المالية إرسال الأموال داخل أو خارج روسيا، وخاصة مشتري صادرات النفط والغاز المقومة بالدولار الأمريكي.
وأضاف أبو علي: "روسيا لم تقف مكتوفه الأيدي في مواجهه ذلك القرار، حيث اتخذت خطوات في السنوات الأخيرة لتخفيف الصدمة إذا تم إزالتها من نظام SWIFT، وهو ما كان دافعا نحو إنشاء موسكو نظام الدفع الخاص بها SPFS، بعد أن تعرضت للعقوبات الغربية في عام 2014 بعد ضمها لشبه جزيرة القرم".
ووفقا للباحث الاقتصادي يحتوي نظام SPFS الآن على حوالي 400 مستخدم، وفقا للبنك المركزي الروسي، ويتم حاليا 20% من التحويلات المحلية من خلال SPFS، إلا أنه حتي الآن يواجه SPFS تحديا قويا وهو أن حجم الرسائل محدود والعمليات محدودة بساعات أيام الأسبوع، وهناك نحو 11 ألف عضو في نظام سويفت، بما في ذلك قرابة 300 بنك روسي، فإذا تم فصل البنوك الروسية بقرار من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة عن رسائل سويفت فسيتعين عليها تنفيذ معاملاتها مع شركائها الأجانب بالطريقة القديمة، أي عن طريق الفاكس، وهو أمر يستغرق وقتا طويلا للغاية، كما يمكن أن يتم ذلك عبر تبادل رسائل بريد إلكتروني أو رسائل من نوع "تليغرام" (Telegram)، لكنها تتطلب تدخلا بشريا ولا تقدم نفس ضمانات الأمان، وستكون تلك المعاملات أيضا "مملة وخطيرة، وسوف تنطوي على مخاطر قانونية، لذلك سيكون هناك تأثير على الاقتصاد الحقيقي.
وتابع: "فيما يتعلق بقرار امتناع الشركات العالمية عن تأمين السفن الروسية فلاشك أن ذلك يعتبر سلاح إنهاك اقتصادي جديد، ويعول الغرب بشدة على هذا السلاح في حرب المواجهة بينه وبين وروسيا، وهي الحرب التي يهدف الغرب من ورائها تعميق أثر العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من جانبه على موسكو، وهو ما قد يمثل ضربة جديدة لصادرات النفط الروسية وكذلك صادراتها من القمح، مما قد تضطر روسيا في المقابل إلى الاعتماد على شركات تأمين من مستويات أقل تغطي خدماتها مناطق وأسواق في العالم "أقل وزنا" وأقل من حيث التأثير عن ذلك الذي تمتلكه مؤسسة "اللويدز" البريطانية على عمليات تأمين حركة نقل التجارة العالمية.
ونوه بأنه فيما يتعلق بتأثر مصر بتداعيات العقوبات الغربية على روسيا وخاصة فيما يتعلق بتأمين السفن التي تنقل القمح الروسي الي مصر، أشار الباحث المصري إلى أن روسيا من الممكن أن تلجأ بحيلة أو بأخرى إلى نقل القمح عبر السكك الحديدية إلى الدول المجاورة، ومنها رومانيا والمجر، وسلوفاكيا، وبولندا.
وتابع: "تتسلم مصر خلال الأيام المقبلة شحنات قمح من روسيا وأوكرانيا ورومانيا، وكانت تلك الشحنات البالغة نحو 189 ألف طن عالقة خلال الفترة السابقة، حيث يأتي ذلك على الرغم من استمرار الحرب في أوكرانيا والتي عطلت حركة الشحن التجاري في البحر الأسود، وتسبب الصراع في اضطراب خطير في الصادرات من البلدين، اللذين يوفران ما يقرب من ثلث إمدادات العالم من القمح ونحو 80% من إجمالي واردات مصر من المحصول، وفي الوقت نفسه لم يتم الكشف عن أسماء الموانئ التي غادرت منها الشحنات".
وأشار أبو علي إلى أنه بسبب امتناع الشركات العالمية عن تأمين سفن الشحن الروسية وخاصة السفن الناقلة للقمح والنفط، دفع ذلك روسيا لتخفيف القيود على الحركة التجارية في البحر الأسود، إذ سمحت في الأيام الأخيرة لثلاثين سفينة تحمل شحنات قمح بمغادرة الموانئ الروسية.
وفيما يتعلق بإمكانية التعامل المصري مع روسيا باستخدام الروبل كعمله للتعامل، لاشك أنها خطوه غير مستبعده إطلاقا في ظل التحديات الأخيرة التي تشهدها روسيا، حيث جاء التوسع الروسي في السعي لاعتماد الروبل الروسي وسيلة سهلة لتمكين الروس عقب قرارات الاتحاد الأوروبي وواشنطن بإيقاف عمل البطاقة الإئتمانية "ماستر كارد وفيزا" وغيرها في إطار العقوبات المفروضة على موسكو، وبالفعل أقدمت الحكومة المصرية كخطوه مبدأيه للتوجه نحو اعتماد الروبل الروسي في التعامل في قطاع السياحة، حيث أن الحكومة المصرية تعمل على ضمان قدرة الروس على الدفع خلال قضائهم الإجازة في مصر بواسطة البطاقة المصرفية الروسية "مير"، وهو بلاشك ما قد يفتح الباب أمام التوجه المصري إلى التسريع في اعتماد استخدام الروبل الروسي كآلية للدفع في كافة المعاملات التجارية والاستثمارية بين البلدين.
وقال الباحث الاقتصادي المصري إن الحكومة المصرية تتطلع إلى زيادة إنتاجها من القمح المحلي، وكذلك محاولة تنويع مصادر إمدادات القمح بعيدا عن منطقة البحر الأسود التي تشتعل بها الحرب، حيث تمتلك مصر احتياطي استراتيجي من القمح يكفي لمدة 4.5 شهر، ومن المتوقع أن يساعد محصول القمح المحلي على تغطية احتياجات البلاد لمدة 4 أشهر أخرى، وكذلك اتجهت الحكومة المصرية لشراء القمح المحلي بأسعار تتراوح من 800-820 جنيه للأردب خلال موسم التوريد لهذا العام، نظرا لارتفاع أسعار القمح لأعلى مستوياتها خلال عشر سنوات في الأسواق العالمية.