"الإمارات - السعودية".. قطار التطبيع الخليجي الإسرائيلي يسير بوتيرة متفاوتة
صرح وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، هذا الأسبوع، بأن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية سيكون "عملية طويلة وحذرة".
وتقوم دول الخليج العربي ودول أخرى في المنطقة الأوسع بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في خطوات مختلفة تعكس حساباتها لما يمكن أن تستفيده من العلاقة الناشئة وإلى أي مدى ترغب الدولة اليهودية في الرد بالمثل فيما يتعلق بتسوية عادلة القضية الفلسطينية، وفقًا لصحيفة جلوبال نيوز الكندية،
ووقعت إسرائيل الثلاثاء، اتفاقية تجارة حرة مع الإمارات العربية المتحدة، هي الأولى بين الدولة اليهودية ودولة عربية ووصفت إسرائيل صفقة إلغاء الرسوم الجمركية على "96 بالمائة من المنتجات" المتبادلة بين الجانبين بأنها "تاريخية"، وقبيل التوقيع قالت وزارة الاقتصاد الإسرائيلية إن الاتفاقية ستلغي الرسوم الجمركية على الأغذية والزراعة ومستحضرات التجميل والمعدات الطبية والأدوية.
وذكرت وزيرة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية أورنا باربفاي: "معًا سنزيل الحواجز ونعزز التجارة الشاملة والتقنيات الجديدة، والتي ستشكل أساسًا متينًا لمسارنا المشترك، وستساهم في رفاهية المواطنين وتسهيل القيام بالأعمال التجارية"، وكانت اتفاقية التطبيع لعام 2020 التي تم التوصل إليها بين البلدين واحدة من سلسلة من الاتفاقيات التي توسطت فيها الولايات المتحدة والمعروفة باسم اتفاقيات أبراهام، وبحسب معطيات إسرائيلية بلغ إجمالي التجارة البينية العام الماضي نحو 900 مليون دولار.
كانت الإمارات العربية المتحدة أول دولة خليجية تطبيع العلاقات مع إسرائيل وثالث دولة عربية تقوم بذلك بعد مصر والأردن، وبدأت المحادثات بشأن اتفاقية التجارة الحرة في نوفمبر واختتمت بعد أربع جولات من المفاوضات، وعقدت آخر جولة من المباحثات في مارس بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أصبح رئيسًا جديدًا للإمارات هذا الشهر بعد وفاة أخيه الرئيس الراحل الشيخ خليفة.
واستضافت إسرائيل في مارس قمة لكبار الدبلوماسيين من الولايات المتحدة وثلاث دول عربية هي الإمارات والبحرين والمغرب، والتي قامت بتطبيع العلاقات معها منذ عام 2020، كما وافق السودان أيضًا على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم أنه لم يبرم اتفاقًا بعد وفي فبراير، وقعت إسرائيل اتفاقية تجارية مع الرباط لتحديد مناطق صناعية خاصة في المغرب.
المنظور السعودي
يسير مسار التطبيع مع المملكة العربية السعودية بوتيرة أبطأ ولا يُتوقع أن يتسارع في أي وقت قريب.
ولا تزال الرياض متمسكة بشرطها المسبق وهو أن تسوية القضية الفلسطينية يجب أن تسبق العلاقات الطبيعية مع الدولة اليهودية وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية سيكون "عملية طويلة وحذرة".
وقالت إسرائيل إنها تأمل في البناء على اتفاقيات 2020 التي توسطت فيها الولايات المتحدة مع أربع دول عربية وإقامة علاقات دبلوماسية مع الرياض.
اشترطت المملكة العربية السعودية، أرض الحرمين، أي تطبيع نهائي مع إسرائيل على معالجة سعي الفلسطينيين لإقامة دولة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
وقال لابيد، متحدثَا لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إنه في حالة التوصل إلى اتفاق، فلن يأتي في إعلان مفاجئ كما حدث مع الصفقات السابقة، والتي تشمل اتفاقيات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
وأضاف لابيد: "لن نستيقظ ذات صباح على مفاجأة، بل ستكون عملية طويلة وحذرة من الجانبين وهناك مصالح أمنية لكلا البلدين، ستكون عملية بطيئة بها الكثير من التفاصيل الصغيرة" لكنه يعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق، وأكد لابيد "نعمل على هذا الأمر مع الأمريكيين وبعض أصدقائنا في دول الخليج وعلى مستويات مختلفة ومصر بالطبع لاعب مهم".
من جانبه، جدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في المنتدى الاقتصادي العالمي الأسبوع الماضي، موقف المملكة من التطبيع مع إسرائيل قائلاً: "لقد تناولت ذلك عدة مرات في الماضي ولم يتغير شيء في طريقة عرضنا للموضوع"، وقال الأمير فيصل أمام لجنة دافوس: "أعتقد أننا رأينا دائمًا التطبيع على أنه النتيجة النهائية، لكنه نتيجة نهائية لمسار، فقد تصورنا دائمًا أنه سيكون هناك تطبيع كامل مع إسرائيل، وقلت من قبل أن التطبيع الكامل بيننا وبين إسرائيل، بين المنطقة وإسرائيل، سيحقق فوائد هائلة، ولن نتمكن من جني هذه الفوائد ما لم ننتهي من المسار بشكل كامل".
أولويات الولايات المتحدة
في واشنطن، لا يبدو التطبيع السعودي الإسرائيلي أولوية في هذه الأيام في ضوء الاعتبارات الأكثر إلحاحًا الناشئة عن حرب أوكرانيا، كما يقول الخبراء، وعندما زار منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكجورك ومبعوث الطاقة بوزارة الخارجية عاموس هوشستين المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، ورد أن تركيزهما كان على إقناع الرياض بزيادة إنتاجها النفطي للتحضير لعقوبات أمريكية وأوروبية جديدة على روسيا وللمساعدة في خفض أسعار الوقود في الولايات المتحدة قبل انتخابات التجديد النصفي المقبلة.
وقالت مصادر أمريكية لأكسيوس إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يفكر في التوقف في السعودية وكذلك في إسرائيل بعد حضوره قمم مهمة في ألمانيا وإسبانيا في أواخر يونيو.
وبينما تسعى الدول العربية إلى التطبيع، تضع في اعتبارها استمرار التوترات الفلسطينية الإسرائيلية وعدم إحراز تقدم نحو تسوية سلمية، وكلاهما عاملين يمكن أن يؤججا الرأي العام في العالم العربي ويحتمل أن يعوقا عملية التطبيع وعلى الرغم من وعود حملتها الانتخابية والضغوط القادمة من منتقديها اليساريين في الكونجرس، لم تضغط إدارة بايدن على الحكومة الإسرائيلية اليمينية لاتخاذ خطوة سلام جادة من شأنها تهدئة التوترات واستيعاب الفلسطينيين.
وفي دافوس، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: "إن القضية الأساسية التي يجب أن ننظر إليها هنا هي عدم وجود أفق سياسي مطلق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذا يقتل الأمل، ويرسخ اليأس والتطرف من جميع الجوانب وهذا شيء يحتاج إلى معالجة فورية وحكيمة".
وأضاف الصفدي: "السؤال ليس التطبيع أو عدم التطبيع"، والسؤال "هل نستمر في سياسة الوضع الراهن؟" ما يعني استمرار الأزمة في التعمق والمعاناة التي تسببها لا تزال تؤثر على المزيد من الناس، وأكد: "أيدينا ممدودة، نحاول إرسال رسالة مفادها أن الدخول في حقبة جديدة من التعاون في المنطقة يمكن أن يعود بالفائدة علينا جميعًا".
ولا يعتقد المحللون الإقليميون أن المؤسسة السياسية الإسرائيلية مقتنعة حتى الآن بوجود فرصة فريدة للسلام في الشرق الأوسط في حين أن الائتلاف الحاكم بقيادة الجناح اليميني، على الرغم من ارتباطه بفوائد التطبيع، إلا أنه لا ينظر إليها على أنها تبرر نظرة أوسع على آفاق السلام وتقتصر العلاقات مع الفلسطينيين على الحفاظ على الوضع الراهن وكسب الوقت في تهدئة قد تنهار في أي لحظة.