حكاية الإخواني الذي كاد أن يعصف بالمستقبل الوظيفي لعمرو موسى
حكى الدبلوماسي المصري رفيع المستوى عمرو موسى، الذي تولى مناصب وزير الخارجية، والأمين العام للجامعة العربية، ورئيس لجنة الـ50 لكتابة الدستور، قصة واقعية حدثت له وهو في بدايات عمله الدبلوماسي، وكادت أن تعصف بمستقبله الوظيفي.
يقول المسؤول المصري في مذكراته التي تحمل اسم "كتابيه" الجزء الأول، إن الواقعة حدثت أثناء عمله الدبلوماسي في السفارة المصرية بسويسرا، بعدما تعرف على أحد المصريين المتواجدين في تلك البلد الأوروبية، ليتضح له بعد ذلك أن تلك الشحصية، قيادي في تنظيم "الإخوان"، وأنه على عداء تام بالنظام المصري الذي كان يمثله وقتذاك الرئيس جمال عبد الناصر.
بداية القصة يذكرها الوزير السابق، عمرو موسى، بالقول: "من المواقف التي لا أنساها خلال فترة عملي في سويسرا، أنني سافرت إلى جنيف، في عطلة نهاية الأسبوع، حيث التقيت مصادفة مجموعة من المصرين، ويبدو أن بعضهم كان ينتمي إلى تنظيم الإخوان المسلمين، وتبادلت معهم أرقام التلفونات، وأنا لا أضع في اعتباري أن يكون من بينهم من يقوم بنشاط معاد للحكم في مصر. اعتبرت أنهم مواطنون مصريون، ومن المهم أن اتواصل معهم، ومساعدتهم إذا ما تعرضوا لأي شيء؛ فهم طلاب وعمال وتجار، وفي النهاية مواطنون مصريون اقتربت منهم لقناعتي بأن ذلك جزء من عملي".
اكتشاف الحقيقة
وبينما يوضح الوزير المصري الرفيع، عمرو موسى، حدود تداخله مع تلك الشخصية الإخوانية، إذ باستدعاء مباشر له من السفير المصري في سوسيرا وكان وقتذاك، السفير فتحي الديب.
يقول السيد عمرو موسى: "المفاجأة أنه بعد أيام قليلة، يبدو أن أجهزة الأمن المصرية – وكانت على كفاءة عالية في هذه الفترة في أوروبا – نجحت في الحصول على نوتة تلفونات أحد هؤلاء المصرين، ووجدوا فيها رقم تلفوني، فأبلغوا السفير بذلك، وبدوره استدعاني، وقال لي: أنت على اتصال بفلان، (الذي تم الحصول على نوتة تلفوناته)، قالت: نعم، هذا مصري، ماذا به؟ قال لي: هذا جذر كبير ضد مصر. هذا من الإخوان المسلمين؛ فانتبه واقطع علاقتك به فورًا".
يؤكد الوزير السابق عمرو موسى، أنه لم تكن له أي علاقة بهذا الرجل، وأن السفير فتحي الديب هو من أخرجه من تلك الأزمة؛ بعدما أبلغ الأجهزة الأمنية، أن عمرو موسى اتصل بهذا الرجل بناء على تعليماته الشخصية، وأنه تم إغلاق الموضوع على هذا النحو.
يوضح الأمين العام السابق للجامعة العربية، أن تلك الواقعة تعلم منها دروس عديدة، فيقول: "كل هذا تعليم تلقيته في بداية حياتي المهنية في سويسرا، دروس استفدت منها، وأهمها حتمية أن تكون أمينًا في عملك على كل المستويات، وأن تلتزم الحذر الواجب في التعامل مع الناس، ولكن من دون أن يقيدك ذلك، أو يشل حركتك؛ فليس أي شخص عابر تثق به أو تقيم معه علاقة، ما دمت تعمل في منصب ذو حساسية، خصوصًا إذا كنت تمثل بلادك في الخارج".