"لن أذهب إلى تركيا".. هل انتهى شهر العسل بين بايدن وأردوغان؟
بينما ينهمك الرئيس التركي في الإعلان عن خطط لغزو آخر لسوريا، يتمادى على جبهة أخرى في رفضه قبول السويد وفنلندا في الناتو، ويخاطر بإغضاب واشنطن.
ووفقًا لصحيفة دوفار التركية، عندما سئل جو بايدن في 18 مايو الجاري كيف سيقنع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالموافقة على انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، قال الرئيس الأمريكي: "لن أذهب إلى تركيا، لكنني أعتقد أننا سنكون على ما يرام".
وصرح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في 27 مايو إن "نهج أمريكا الذي يتلخص في مقولة: "سنقنع تركيا في الوقت المناسب على أي حال، نحن أصدقاء وحلفاء "لن يكون صحيحًا" وأن السويد وفنلندا "بحاجة إلى اتخاذ خطوات ملموسة".
ويرتكز موقف إدارة بايدن على أساس أن "هذه ليست قضية أمريكية"، بمعنى أنه يمكن حلها بين السويد وفنلندا وتركيا، قد يتطلب إعادة التفكير في كافة أبعادها وانتهت المفاوضات المباشرة في أنقرة هذا الأسبوع دون حل، في الوقت نفسه يحرص أردوغان على ضرورة أن تتخذ دولتا الشمال "خطوات ملموسة" لقمع حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وعاد أردوغان إلى تركيا في 23 مايو وقال "لقد أبلغنا هذين البلدين، يقصد السويد وفنلندا، بأنه يتعين عليهما الاختيار بين تقديم الدعم العملي والسياسي للمنظمات الإرهابية وتوقع موافقة تركيا على عضويتهما في الناتو، وعليهما إظهار ذلك بإشارات واضحة، واسمحوا لي أن أؤكد ذلك مرة أخرى هنا.. أولئك الذين يدعمون، ويقدمون كل أنواع الدعم للمنظمات الإرهابية التي تشكل تهديدًا لتركيا، يجب عليهم أولاً أن يتخلوا عن موقفهم غير القانوني وغير الصادق والمتغطرس تجاهنا، وآمل ألا يساور أحد أي شك أيا كان الأمر الذي سنقوم به نحن تركيا بدورنا بمجرد أن نرى ممارسات ملموسة تشير إلى مثل هذا التغيير".
وقد يكون الخط المتشدد الذي يتبناه أردوغان مقدمة للتوصل إلى اتفاق، حيث قد يتساءل البعض في تركيا عن المدة التي يمكنه خلالها مقاومة الضغط الأمريكي الرامي إلى توافق مع إجماع الناتو، وبالنسبة لأردوغان، من المرجح أن تتطلب هذه الصفقة تدخلاً من واشنطن، حيث يبدو أن عروض السويد وفنلندا متوقفة، وقد رفع الرئيس التركي في الوقت نفسه مستوى المخاطر في سوريا.
شطب اليونان
كتب جنكيز كاندار: "المتلقون الواضحون لرسائل أردوغان لا يقتصرون على السويد وفنلندا" كما أنه زاد من حدة حديثه ضد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لدعمهما الجماعة الكردية السورية وحدات حماية الشعب (التي يعتبرها أردوغان فرعًا من حزب العمال الكردستاني)، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية الحليف الرئيسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، ولكن تبقى اليونان هدفًا آخر لغضب أردوغان.
وفي يوم الاثنين 23 مايو، قال أردوغان إنه يأمل في "شطب" رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بسبب الضغط على الكونجرس الأمريكي ضد المبيعات العسكرية لتركيا، وأضاف أردوغان "ميتسوتاكيس لم يعد موجودا بالنسبة لي، ولن أوافق على مقابلته أبدا"، وقال مصدر رسمي لموقع المونيتور الأمريكي إن الرئيس التركي شعر "بالخيانة" وأن أردوغان اعتبر صفقة طائرات إف-16 رمزية في العلاقات الثنائية بين تركيا والولايات المتحدة ولا تزال تركيا تطالب حلفاء الناتو بضرورة رفع الحظر العسكري عن أنقرة.
طبول الحرب السورية مرة أخرى
انتهز أردوغان افتتاح حرب أوكرانيا للإعلان عن خطط لغزو آخر لسوريا "للقضاء على التهديدات من الجماعات الكردية السورية المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني... وستبدأ هذه العمليات بمجرد أن تكمل وحدات تركيا العسكرية والاستخباراتية والأمنية استعداداتها"، وكتبت زميلة مركز ويلسون للعلماء الأمريكي، أمبيرين زمان والكاتب التركي جاريد سوبا: "القنوات الإخبارية التركية الموالية للحكومة تدق طبول الحرب بالفعل، وبثت قناة أحبر التركية لقطات مصورة لمقاتلين من الجيش الوطني السوري مسلحين ومدربين من قبل الجيش التركي وهم ينفذون ما أكدت القناة أنها تدريبات استعداداً للعملية الجديدة.
ومن المقرر قيام الأتراك بانتزاع المزيد من الأراضي السورية من الأكراد لإفساح المجال للملايين غير المرغوب فيهم من اللاجئين السوريين في تركيا، وأزاحة الأكراد في هذه العملية، من المرجح أن تنجح خطة أردوغان عبر الخطوط الأيديولوجية، ويتوقع أن الحرب ضد الأكراد السوريين ستجبر المعارضة على الالتفاف حول العلم والعودة إلى نوع الخطاب المتشدد الذي من المرجح أن ينفر الناخبين الأكراد، وهو فوز آخر لأردوغان، وسط تكهنات متزايدة بإجراء انتخابات مبكرة في نوفمبر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في اليوم التالي لإعلان أردوغان "إننا نتوقع أن تلتزم تركيا بالبيان المشترك الصادر في أكتوبر 2019، بما في ذلك وقف العمليات الهجومية في شمال شرق سوريا، ونحن ندرك المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا على الحدود الجنوبية لتركيا ولكن أي هجوم جديد من شأنه أن يزيد من تقويض الاستقرار الإقليمي وتعريض القوات الأمريكية للخطر في حملة التحالف ضد داعش ".
قد يستجيب أردوغان لرد الفعل الأمريكي، إذا اقتصر على البيانات الدبلوماسية، ويواصل السير كما هو مخطط له، نظرًا لانشغال بايدن بروسيا، والمخاوف بشأن الصين في تايوان.