الجمعة 20 سبتمبر 2024 الموافق 17 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

عبر بولندا.. اتفاق مصري أوكراني لتوريد أربع شحنات من القمح لتعزيز الأمن الغذائي

القمح
القمح

اتفقت القاهرة وكييف على أربع شحنات قمح ستصل مصر عبر الأراضي البولندية بالسكك الحديدية، وفقًا لمجلة بارونز الاقتصادية، مما يجدد الآمال في تعزيز الأمن الغذائي.

وأشارت المجلة إلى التعاقد على أربع شحنات قمح مع أوكرانيا، في خطوة وصفت بأنها اختراق في مجال توفير المواد الغذائية في مصر.

وسلط موقع دويتش فيله الألماني الضوء على فعاليات افتتاح المعرض الدولي لتكنولوجيا صناعة الحبوب ومعداتها بمدينة نصر، حيث أعلن الجانب الأوكراني اقتراحه بنقل شحنات القمح من أوكرانيا إلى بولندا بالسكك الحديدية ثم إلى مصر، ولكن المصادر المصرية لم تذكر كميات كل شحنة ستستقبلها مصر.

ومع استمرار إغلاق موانئ أوكرانيا بسبب العمليات العسكرية الروسية، تفكر كييف في تصدير مخزون القمح عبر حدودها مع رومانيا وبولندا عن طريق السكك الحديدية - وهي عملية مكلفة نسبيًا في محاولة لتوفير المخزونات وإفساح المجال لإنتاج الحبوب، ووسط الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا التي اندلعت في 24 فبراير بين أكبر مصدرين للقمح في العالم، لا تزال المخاوف من أزمة غذاء عالمية وشيكة تلوح في الأفق.

وخلال اجتماعهم في ألمانيا يوم 14 مايو، حذرت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى من أن الحرب في أوكرانيا تغذي أزمة غذاء وطاقة عالمية تهدد الدول الفقيرة، وتعد مصر في طليعة مستوردي القمح، باستهلاك سنوي يزيد عن 20 مليون طن، ومن المتوقع أن يصل إنتاج البلاد من القمح المحلي هذا العام إلى 10 ملايين طن، الأمر الذي دفع القاهرة لاستيراد باقي احتياجاتها من روسيا وأوكرانيا.

وشكّل استئناف تصدير القمح من كييف إنجازًا كبيرًا للمصريين الذين يستهلكون الخبز مع كل وجبة، ناهيك عن استخدام القمح في صنع الحلويات والمخبوزات والاستخدامات المنزلية الأخرى، مما يجعل توفيره مسألة تتعلق بالأمن القومي لمصر، واعتادت مصر على استيراد جزء كبير من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى تفاهمات بين الجانبين خلال السنوات الماضية في هذا الصدد.

وتنتج أوكرانيا حصة كبيرة من إمداد العالم من القمح. لذلك، يُنظر إلى استئناف صادرات كييف على أنه خطوة اقتصادية كبرى لتوفير الأمن الغذائي للعديد من دول العالم وليس مصر فقط، وفي ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، اتجهت مصر إلى الهند كبديل لواردات القمح التي تنتج نحو 108 مليون طن من القمح سنويًا، وبالفعل استوردت القاهرة حتى الآن 50 ألف طن قمح من نيودلهي، رغم قرار وزارة التجارة الهندية بمنع تصدير القمح بسبب موجة الحر الشديدة التي ضربت البلاد وأثرت على الإنتاج المحلي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار القمح محلياً.

ومن المتوقع أن يكون لاستئناف استيراد القمح من أوكرانيا تأثير اقتصادي إيجابي كبير على مصر، التي تعد واحدة من أكبر مستوردي القمح في العالم فبالنسبة للمصريين، فإن تأمين رغيف الخبز هو بمثابة صمام رئيسي للأمن الغذائي، وبالتزامن مع اندلاع الحرب، كانت مصر تبحث عن بدائل للقمح الروسي والأوكراني.

وتولي مصر أهمية كبيرة لمحصول القمح وتعمل على زيادة الإنتاج فقد بلغت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في عام 2021 نحو 3.5 مليون فدان، بإنتاجية إجمالية تصل إلى 9 ملايين طن وفي الوقت نفسه، في عام 2022، امتدت المساحات المزروعة بالقمح على حوالي 3.8 مليون فدان، بإنتاجية متوقعة تبلغ 10 ملايين طن بحلول نهاية العام.

ويستهلك المصريون 12 مليون طن من أرغفة الخبز سنويًا، فيما يصل استهلاك المخبوزات والحلويات المصنوعة من القمح إلى 8-10 ملايين طن سنويًا، وبذلك يرتفع إجمالي استهلاك مصر من القمح إلى 20-22 مليون طن سنويًا، وهو ما قد يرتفع مع زيادة عدد السكان، وتمتلك القاهرة مخزون احتياطي من القمح المحلي يمكن أن يكفي حتى نهاية عام 2022 فقط وفقًا للتقديرات الرسمية، وبلغت المساحة الإجمالية لسعة التخزين الآن 5.2 مليون طن من القمح، بينما نستهلك 800 ألف طن شهريًا لذلك تسعى القاهرة لتحقيق 65٪ من الاكتفاء الذاتي قريباً.

ووضعت الحكومة المصرية خطة تهدف إلى توفير حد أدنى آمن من احتياجاتها من القمح، من خلال تأمين 65٪ إلى 70٪ من الاستهلاك المحلي من القمح، من خلال زيادة المساحات المزروعة، والتي من المتوقع أن يبلغ إنتاجها 5 مليون طن وهذه الخطوة لن تؤثر على باقي الأراضي المزروعة حيث ستكون مناطق جديدة تقوم على استصلاح أراض جديدة مثل مشروع توشكى والفرافرة والدلتا الجديدة وشرق العوينات وتهدف الخطة أيضًا إلى خفض الفاقد والمهدر من القمح من خلال صيانة الحظائر والصوامع في الوقت المناسب وبناء صوامع جديدة لاستيعاب الزيادة في المساحات المزروعة بالقمح.

على صعيد الأزمة الأوكرانية، وأوروبيًا، اقترحت ليتوانيا تحالفًا بحريًا للراغبين في رفع الحصار الروسي عن الحبوب الأوكرانية، وتساءل موقع دويتش فيله: هل هذا الحل عملي؟ بعد ثلاثة أشهر من الحرب الروسية في أوكرانيا، يستمر حصار موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود، مما زاد المخاوف من حدوث أزمة غذاء عالمية.

 

وتعد أوكرانيا خامس أكبر مصدر للقمح في العالم، وفي وقت سابق من مايو الجاري، وحذر المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي، من أن ملايين الأشخاص حول العالم قد يموتون بسبب إغلاق الموانئ الأوكرانية.

حصار البحر الأسود

يحد البحر الأسود من الشمال أوكرانيا وروسيا وجورجيا من الشرق وتركيا من الجنوب وبلغاريا ورومانيا من الغرب، وبينما حققت أوكرانيا بعض النجاحات البحرية الملحوظة منذ أن بدأت روسيا الحرب في فبراير 2022، لا يزال الكرملين أكثر قوة في شمال البحر الأسود وأغلق الموانئ الأوكرانية.

ووفقًا لوكالة رويترز، قال نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو في مفاوضات بين تركيا وأوكرانيا وروسيا إن موسكو مستعدة لتوفير ممر للسفن التي تنقل الطعام - ولكن فقط مقابل رفع بعض العقوبات الغربية.

بينما يفكر قادة العالم في حلول لرفع الحصار الروسي عن البحر الأسود، اقترح وزير خارجية ليتوانيا جابريليوس لاندسبيرجيس إنشاء قوافل بحرية تحت مظلة ما يسميه "تحالف الراغبين"، والذي من شأنه حماية السفن الأوكرانية من الصواريخ الروسية، وبالتالي تمكين أوكرانيا من تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.

وأضاف الوزير اللتواني، في مقابلة مع صحيفة الجارديان الأسبوع الماضي: "في هذا المسعى، سيتم استخدام السفن أو الطائرات العسكرية أو كليهما لضمان أن إمدادات الحبوب يمكن أن تغادر أوديسا بأمان وتصل إلى مضيق البوسفور دون تدخل روسي وسنحتاج إلى تحالف من الدول الراغبة التي تتمتع بقوة بحرية كبيرة لحماية ممرات الشحن، وستكون هذه القوافل ذات طابع إنساني وإغاثي غير عسكري ولا يمكن مقارنتها بمنطقة حظر طيران".

وحتى الآن، رحبت المملكة المتحدة بحذر باقتراح لاندسبيرجيس، حيث قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليس تروس، إن المملكة المتحدة سترسل قوافل بحرية للانضمام إلى الحراسة إذا أمكن فرز الإجراءات العملية مثل إزالة الألغام من ميناء أوديسا، وتابعت: "ما يتعين علينا القيام به هو التعامل مع قضية الأمن الغذائي العالمي، وتعمل المملكة المتحدة على إيجاد حل عاجل لإخراج الحبوب من أوكرانيا".

وعلق هاري نيديلكو، مدير السياسات في شركة راسموسن جلوبال، وهي شركة استشارات سياسية أسسها الأمين العام السابق لحلف الناتو أندرس فوج راسموسن، والمسؤول أيضًا عن فرقة العمل الخاصة بأوكرانيا الحرة التابعة للمنظمة، لدويتش فيله قائلاً:" إن الاقتراح الليتواني هو طريقة جيدة للتفكير في كيفية كسر الحصار المفروض على البحر الأسود".

وتابع: "عندما تنظر إلى البحر الأسود والسفن التي تمتلكها روسيا هناك، فإننا نتحدث عن بضع عشرات من السفن، بما في ذلك الغواصات لذا فإن خيارًا آخر لرفع الحصار هو أن تمنح الدول أوكرانيا المزيد من الأسلحة الحديثة المتطورة لإغراق السفن الروسية، وأردف نيدلكو: "عندها لن يكون هناك حصار ويمكنهم فقط إرسال سفن الحبوب الخاصة بهم من خلال الممرات المائية الآمنة".