الأحد 06 أكتوبر 2024 الموافق 03 ربيع الثاني 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

هل ستعود الآثار المصرية المنهوبة؟.. السلطات الفرنسية تحقق مع المدير السابق لمتحف اللوفر

مدير متحف اللوفر
مدير متحف اللوفر السابق

فجرت وسائل إعلام فرنسية، قضية مدوية تتعلق باتهام المدير السابق لمتحف اللوفر الفرنسي جان لوك مارتينيز، بالتورط في إخفاء أصل خمس قطع أثرية مصرية، بينها لوحة من الجرانيت نقش عليها ختم الفرعون المصري القديم توت عنخ آمون.

"مارتينيز"، مديرًا لمتحف اللوفر من عام 2013 حتى تنحيته الصيف الماضي، وبعدها شغل منصب سفير فرنسا للتعاون الدولي في مجال التراث - وهو الدور الذي يشركه في المساعدة في مكافحة الاتجار بالآثار، وهو ما قد يحرج الدولة الفرنسية نظرًا للمنصب رفيع المستوى الذي يشغله.

وذكرت صحيفة Le Canard Enchaine الفرنسية التي أعلنت خبر توقيف المسؤول الفرنسي، إن المحققين يحاولون معرفة ما إذا كان مارتينيز قد "غض الطرف" عن شهادات منشأ مزورة لخمسة قطع من العصور المصرية القديمة اشتراها متحف اللوفر في أبو ظبي.

اتهامات رسمية

وقال مصدر قضائي فرنسي، لبي بي سي يوم الخميس، إنه وجهت إلى الرجل تهمة "التواطؤ في التزوير"، و"إخفاء أصل الأعمال التي تم الحصول عليها جنائيًا عبر موافقة زائفة".

نفي الاتهامات

ونقلت بي بي سي عن وسائل إعلام فرنسية، نفى "مارتينيز"، للاتهامات وإصراره على أنه تصرف بحسن نية، مؤكدًا أنه لم يرتكب أية مخالفة في عملية الاستحواذ على القطع.

كما قال محاموه، إنه اعترض على استجوابه في القضية "بأكبر قدر من الحزم"، وأنه "ليس لديه شك في أن نيته الحسنة ستثبت".

إفراج مشروط

وبحسب نيويورك تايمز، أعلن مكتب المدعي العام في باريس الإفراج عن مدير متحف اللوفر السابق تحت إشراف قضائي بعد توجيه التهم إليه.

"مارتينيز"، يشغل حاليًا منصب سفير فرنسا الرسمي للتعاون الدولي في قضايا التراث، وقاد الجهود لحماية القطع الأثرية المعرضة لخطر النهب والتدمير في مناطق النزاع خلال فترة وجوده في متحف اللوفر، كما كتب تقريرًا قدمته فرنسا إلى الأمم المتحدة -اليونسكو- في عام 2015 تضمن50 اقتراح، مثل رسم الخرائط الرقمية للمواقع المهددة وزيادة الضوابط الحدودية، لحماية الآثار من اللصوص.

وقال مكتب المدعي العام الفرنسي، إن الشرطة استجوبت اثنين من علماء المصريات الفرنسيين على صلة بالقضية لكن أفرج عنهما دون توجيه اتهامات، بحسب نيويورك تايمز.

علاقة متحف اللوفر أبو ظبي

بينما كشفت الجارديان، أن القضية فُتحت في يوليو 2018، بعد عامين من شراء متحف اللوفر أبو ظبي شاهدة نادرة من الجرانيت الوردي تصور الفرعون توت عنخ آمون وأربعة أعمال قديمة أخرى مقابل ثمانية ملايين يورو (6.8 مليون جنيه إسترليني)، متوقعة أن تكون تلك الآثار قد انتُزعت من مصر خلال انتفاضات الربيع العربي.

وذكرت الجارديان: "اعتقل صاحب المعرض الألماني اللبناني الذي توسط في البيع في هامبورج في مارس وتم تسليمه إلى باريس للاستجواب في القضية".

ويعتقد المحققون الفرنسيون أن مئات القطع الأثرية تعرضت للنهب خلال احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت العديد من دول الشرق الأوسط في أوائل عام 2010، ثم يُعتقد أنه تم بيعها إلى صالات العرض والمتاحف التي لم تطرح الكثير من الأسئلة حول الملكية السابقة، ولا تبحث عن كثب بما فيه الكفاية في التناقضات المحتملة في شهادات منشأ الأعمال.

وقالت الجارديان، إن العديد من البلدان قد تأثرت بنهب القطع الأثرية، بما في ذلك مصر وليبيا واليمن وسوريا.

قطعة أثرية فريدة

وركزن التقارير على نصب تذكاري باسم توت عنخ آمون، متواجد داخل متحف اللوفر أبو ظبي، وهو ضمن الآثار المعروضة عبر الموقع الرسمي للمتحف.

ودون المتحف عبر موقعه واصفًا القطعة الأثرية قائلًا: "يظهر الفرعون توت عنخ آمون مرتين في هذا النصب التذكاري الذي يحمل مرسوماً ملكياً، فبصفته الوسيط الوحيد بين عالم البشر وعالم الآلهة، يبدو الفرعون في المشهد الأيسر وهو يقدم قرابينه للإله أوزيريس، بينما يظهر على اليمين وهو يتلقى بدوره قرابين من أحد كبار الموظفين".

القطعة من الجرانيت الوردي، ومهدها أبيدوس، وتعود إلى 1327 قبل الميلاد.


هل ستعود الآثار المصرية محل التحقيق؟

ردت عالمة الآثار المصرية الدكتورة مونيكا حنا على تساؤلات هل ستعود الآثار محل التحقيق وخاصة لوحة توت عنخ آمون، قائلة: "الإجابة أيوة هترجع لأنها خرجت بعد قانون ١٩٨٣في مصر، وهترجع بشكل قانوني طبقاً للقانون الدولي واتفاقية اليونسكو".

وأوضحت عبر صفحتها على فيسبوك، أن أي قطعة آثار يثبت أنها خرجت بعد القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ أو قبلها بطريقة غير شرعية، أي بدون وثيقة شراء رسمي من المتحف أو من الأنتكخانة أو نتاج حفائر مشتركة، مصر من حقها تسترجعها من أي مكان، ومن أي دولة ماضية على اتفاقية اليونسكو.

إسرائيل ملاذ آمن لتجار الآثار

وأشارت "حنا": "أمريكا كان غير محرم عندها الاتجار في الممتلكات الثقافية، ولذا مضت مصر في ٢٠١٦ اتفاقية ثنائية تحظر الاتجار بالممتلكات الثقافية المصرية لمدة ٥ سنوات، وتم تجديدها العام الماضي لحماية التراث المصري من تجار الآثار في الولايات المتحدة"، منوهه إلى أن إسرائيل رفضت التصديق على اتفاقية اليونسكو ١٩٧٢، وللأسف متاح بها الاتجار بالآثار، وتعد ملاذ آمن لكل تجار الأثار بالمنطقة.

ويدلدل على ما ذكرته "حنا" بأن مصر ستعيد الآثار محل التحقيق الفرنسي عدة مواقف بينها؛ استرداد 354 قطعة أثرية مصرية في نوفمبر 2017، كانت ضبطها السلطات الإماراتية، وأمر الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، إعادة القطع التي ضبطتها الشرطة الإماراتية إلى مصر.

وتبذل مصر جهودًا كبيرة لاستعادة قطع أثرية ثمينة تضمها متاحف أوروبا، وأمريكا.

وبحسب الجارديان، عمل مصري آخر ثمين، وهو التابوت المذهّب للكاهن نجيمانخ، الذي اشتراه متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك في عام 2017، كان محور تحقيق منفصل أجراه المدعون العامون في نيويورك، وبعد ذلك قال فندق Met إنه كان ضحية بيانات كاذبة ووثائق مزورة، وأن التابوت سيعاد إلى مصر، وهو ما تم بالفعل في أكتوبر 2019.