الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أراء كتاب

د. عبدالنبي عبدالمطلب يكتب: لماذا غيّرت "موديز" نظرتها للاقتصاد المصري وما آثر ذلك على المواطن المصري؟

د. عبدالنبي عبدالمطلب
د. عبدالنبي عبدالمطلب


  
صنفت وكالة موديز قدرة مصر على الائتمان عن B2 مع نظرة مستقبلية سالبة، وهذا يعنى ببساطة ارتفاع تكاليف اقتراض مصر من أسواق المال الدولية وارتفاع الفوائد على كافة أنواع أدوات الدين المصري المتداولة فى الأسواق المالية العالمية.
ومثل هذا التقييم يعرقل بشدة خطط مصر المستقبلية لطرح المزيد من السندات فى أسواق المال، سواء كان للاستدانة، أو حتى للترويج لمشروع الطروحات المتوقعة للشركات المصرية فى البورصة المصرية.
وأشارت "موديز" أنها غيّرت نظرتها المستقبلية للقدرة الائتمانية من مستقرة إلى سلبية، مستندة إلى المخاطر الجانبية المتزايدة لقدرة مصر على امتصاص الصدمات الخارجية أي أن قدرة مصر على سداد التزاماتها الخارجية تكتنفه بعض المشاكل والصعوبات من وجهة نظر من أعد التقرير فى وكالة موديز.
وفى اعتقادي أن طلب مصر لقروض من أجل تغطية وارداتها من القمح كان السبب الأساسي لتغير هذه النظرة من مستقرة إلى سلبية، حيث ظهرت مصر وكأنها فى أزمة ولا تمتلك ما يكفى لتأمين الغذاء لمواطنيها.

كذلك كان لقرارات البنك المركزي الأخيرة، برفض مستندات التحصيل، واستبدالها بالاعتمادات المستندية كشرط للإفراج عن الواردات عاملًا مهمًا فى تغيير نظرة موديز المستقبلية للاقتصاد المصري.
ولا شك أن تداعيات هذا التغير فى تقييم موديز سوف يؤثر بشدة على الاقتصاد المصري، لكنني أعتقد أن هذه التأثيرات لن تكون خطيرة ما لم يصدر تقييم آخر فى غضون ثلاثة أشهر يخفض التصنيف الائتماني لمصر أكثر.

فمصر سوف تبدأ موازنتها الجديدة بعد عدة أسابيع، وقد بدأت بالفعل منذ الشهر الحالي تطبيق زيادات فى مرتبات العاملين بالدولة، كما أنها حاليًا فى موسم حصاد القمح المحلى، (وطلب تمويل لاستيراده كان أهم أسباب تخفيض التصنيف)، وبذلك قد لا تضطر مصر للدخول كمقترض من الأسواق الدولية حاليا، لحين صدور التقييم الجديد.

ورغم ذلك فهناك مخاوف مشروعة من احتمال  انعكاس هذا التقييم بشكل سلبي مباشر على المواطن المصري، فعندما تكون الاستدانة من أسواق المال العالمية، أو المؤسسات المالية الدولية صعبة، فقد تلجأ الدولة لزيادة الاقتراض من الداخل  أو فرض أعباء إضافية على المواطن المصري.

كما أن هذا التصنيف قد يجبر الدولة على التشدد فى توفير التمويل للواردات، بغرض الحفاظ على قيمة الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي، مما قد يؤدى الى شح السلع وبالتالي ارتفاع الأسعار.

ولعل ارتفاع أسعار القمح، ثم ارتفاع أسعار الخبز أهم دليل على صحة هذا الاستنتاج، كما أن المتابع للسوق المصري سيكشف ارتفاع كافة أسعار السلع بنسب تتراوح بين10%إلى 50%, لبعض السلع.

وتراجع قدرة الدولة على توفير التمويل المناسب لعملياتها، سواء فى الإنتاج أو الاستيراد، قد يؤدى الى زيادة الأسعار وزيادة الضغوط على المواطن المصري.