د.محمد النشائي لـ "الرئيس نيوز": الغرب يزايد على مصر فى "حقوق الإنسان"..والحوار السياسي خطوة على الطريق الصحيح
- حذرت جمال مبارك من حدوث ثورة فقال لي: زمن الثورات انتهى
- الحوار الوطني سيُنتج أفكار جديدة لمواجهة التحديات والعوائق التي تواجه الدولة
- الحرب انتهت.. وروسيا انتصرت على أوكرانيا وأمريكا بالفعل
- الغرب يُزايد على مصر في ملف حقوق الإنسان.. (لازم دول ينقطونا بسكاتهم)
- موقف مصر في ملف سد النهضة سليم وستحصل على حقوقها كاملة
- شعب مصر نجح في تخطى أزمة كورونا أكثر من شعوب دول الغرب
منذ لقائي به في المرة الأولى فور عودته إلى مصر بعد مسيرة عمل ورحلة كفاح طويلة خارج البلاد استغرقت ما يقرب من 50 عاما، مترحلًا بين عدة دول أوروبية وعربية مختلفة، وأنا أطرح عليه الكثير من التساؤلات المتعلقة برؤيته وتجربته بين العيش في مصر وخارجها، ودائما أجده منحازا للعيش داخل مصر خاصة خلال السنوات الأخيرة.
رحلة الدكتور محمد النشائي عالم الفيزياء النووية، التي بدأت بخروجه من مصر بعد ثورة 52 لاستكمال تعليمه في ألمانيا، وانتهت بعودته مؤخرًا بعد جولات متعددة وجوائز عالمية، تحتاج إلى حديث طويل قد يستغرق أياما وأيام، لذلك أخترنا أن نبدأ حوارنا معه من نهاية الرحلة، والتي وصلت به إلى العودة لمصر.
بداية .. بعد مسيرة 50 عاما من العمل خارج مصر.. ما السر في عودتك ؟
لا أخفيك سرًا.. أنا في سن الثمانين ولا احتاج لمجاملة أحد، ولكن الواقع أثبت لي أن مصر بلد آمن أمان بلا حدود، ومختلفة تماما عن كل أرجاء العالم، فمثلا خلال أزمة تفشي فيروس كورونا شاهدت بعيني ما كان يحدث في العالم بأثره، في ظل وجود حالة من الهدوء والاستقرار داخل مصر على كافة الأصعدة، فكنت أنذاك في إنجلترا وشاهدت أزمات الطعام والعلاج مثلا (كانوا بيتخانقوا في السوبر ماركت على الأكل وبتوصل الأمور أحيانا بيضربوا بعض)، وهذا لم يحدث إطلاقا في مصر لأن هذا الشعب لديه أخلاق وقيم ودين بشكل يختلف عن العالم أجمع، وأزيدك أكثر من ذلك، فبرغم ضعف الدولة المدنية المصرية أعقاب ما جرى في 25 يناير لكن الدولة لم تنهار، لأن الناس في مصر لديهم أخلاق وقيم ودين.
دائما تتحدث عن ناصريتك.. بعد مرور كل هذه السنوات .. هل مازلت مؤمن بتجربة عبدالناصر ؟
قبل أن أجيبك عن هذا التساؤل، أود أن أؤكد لك أن والدي صلاح الدين النشائي كان عسكريًا وخريج الكلية الحربية وشارك في حرب فلسطين، ولكنه لم يحب عبدالناصر أبدا، ووالدتي أيضا لم تحبه لأنه صادر أموال عائلتها، ولكني كنت أجادلهم دائما وأحب عبدالناصر بدرجة كبيرة جدًا ولازلت، ولكن هذا لا يعني أن نتجاهل أخطائه ولا نعترف بها، فعبدالناصر كان يتصادم مع الجميع في توقيت واحد، وهو ما أدى لإسقاطه بقوه خارجية، ومشكلة مصر في عهد عبدالناصر أنها كان ينقصها الواقعية، فالرجل كان حالم جدًا ولكنه لم يكن واقعي، ولكني لازلت أعشق هذا الرجل وأقدره جدًا فهو زعيم حقيقي لم تحالفه الإمكانيات والظروف لتحقيق أحلامه لهذه الأمة.
البعض تحدث عن تشابه تجربة الرئيس السيسي بالرئيس جمال عبدالناصر .. ما تعقيبك ؟
هناك اختلاف كبير بين الاثنين، فكما قلت عبدالناصر كان غير واقعي، ولكن الرئيس السيسي شخص لديه أحلام ولكنه يتعامل معها بواقعية شديدة، وطبقا للظروف المحيطة والإمكانيات المتوفرة (الشخص اللي مبيحلمش غير واقعي.. الإنسان لازم يحلم بس الأحلام بس مبتجبش نتيجة لوحدها)، فيجب أن تحلم ولكن لا تتجاهل الواقع المحيط، فمثلا ستجد "كونراد هيرمان أديناور" أول مستشار لألمانيا كان يحلم بوحدة ألمانيا التي كانت مستحيلة، وبعد وفاته بسنوات طويلة توحدت ألمانيا وتحقق حلمه، والرئيس السيسي وأضح جدًا ويتعامل بمنطق (مينفعش أبيع أحلام وهمية للناس) (لأزم أكون واقعي) وهذا هو مبدأ الدولة المصرية الآن، تسير بواقع لتحقيق أحلام هذا الشعب، وهذا هو الفرق الذي أجده بين عبدالناصر والسيسي.
ما تقيمك لدعوة الرئيس لإجراء حوار وطني مؤخرا ؟
أجد أن هذا الأمر مفيد للغاية وسيؤتي ثماره بشكل كبير، وأعتقد أن التوسع في قاعدة التواصل والانفتاح على المجتمع بكل فئاته خلال هذا الحوار، ستتيح خروج أفكار جديدة لمواجهة كافة التحديات والعوائق التي تواجه الدولة المصرية حاليًا، وهنا يجب ألا يتحدث البعض عن حوار سياسي فقط، لأن الأمر يتعلق بملفات أخرى كثيرة منها العلم والاقتصاد والصحة والتعليم.. وغيرها من الأمور المرتبطة جميعها بمستقبل هذا البلد، فلا يجب أن يأخذنا البعض لسياق واحد متعلق بأمور سياسية لن تؤثر على المجتمع المصري ولا تنعكس على الشارع والمواطن، فالأولوية لتوفير حياة كريمة لهذا الشعب الصبور.
اقرأ أيضا:
الأكاديمية الوطنية للتدريب تعلن استمرار تلقي طلبات المشاركين في الحوار الوطني
البعض يتحدث عن وجود ضغوط خارجية على مصر لإجراء هذا الحوار .. فما تعقيبك ؟
أؤكد أنه لا يوجد في العالم من يقدر على إجبار الدولة المصرية على شئ، ويجب أن يعلم الجميع أن الدولة المصرية منفتحة على كل الأراء في الخارج، وتتواصل مع الجميع من خلال وزارة الخارجية المصرية، والتي لها تأثير كبير خلال السنوات الأخيرة في دور مصر وعلاقتها بجميع الدول سواء في الغرب أو في الشرق الأوسط، ومن الممكن أن يكون بعض أصدقائنا في الخارج قد نصحوا الدولة المصرية بهذا الأمر، ولكنه ليس فرضا علينا، وما أؤكده أيضا أن مصر نفسها توجه نصائح لأصدقائها في بعض الملفات والأمور، وهذا أمر طبيعي جدا بين الدول الأصدقاء.
أعود بك قليلا إلى ثورة 25 يناير.. هل كنت مؤيد لها أم ترفضها ؟
لست من أعدائها، بل أنني كنت من المتنبئين بحدوثها، وأذكر أنني كنت في لقاء مع وزير صديقي بحضور جمال مبارك وقلت لهم لو استمرت هذه السياسة فستحدث ثورة، ووقتها ضحكوا وقالوا إن زمن الثورات قد انتهى، وحدثت بالفعل، ولكن أنا لدي مشكلة في كلمة ثورة، فأنا أرى أنها ليست ثورة فهي انتفاضة ضخمة وغضب شديد من شباب الطبقة المتوسطة الذين شعروا بالضياع، وتذكرني بالثورة الفرنسية التي قام بها أبناء الطبقة المتوسطة ضد النبلاء.
ما الذي وجدته مختلفًا في مصر بعد عودتك وفي حكم الرئيس السيسي ؟
البعض يغضب من كلمة أهل الشر، ولكني أجدها كلمة واقعية جدًا تصف ما قام به البعض من محاولات هدم للدولة المصرية بعد أحداث يناير، وهنا أقول أن الكثير تغير في مصر، بل أنها حققت نجاح كبير جدا في ملف السياسة الخارجية في مواجهة أهل الشر، وقام الرئيس السيسي مؤخرًا بإعادة البناء والتعمير والإصلاح داخليا، فأهل الخير تمكنوا من مواجهة أهل الشر، والتوسع الكبير للدولة المصرية على مستوى الإعمار والبناء يضاف للرئيس، خاصة بعد مرحلة بناء المدن الجديدة لاستيعاب النمو السكاني.
أراك تتحدث كثيرًا عن نجاح الخارجية المصرية في كثير من الملفات.. ما سر هذا الحماس الشديد ؟
بالفعل وزارة الخارجية المصرية أدت أدوار بارزة ومهمة جدًا في السنوات الأخيرة، وهي لديها القدرة على حل الكثير من المشاكل، وأعتقد أن أدائها مميز جدا، وهي دائما تتصرف بأخلاق وقيم الدولة المصرية الوطنية، وأرى أن الخارجية تمكنت من تحويل الأعداء إلى أصدقاء في وقت قياسي.
بمناسبة الحديث عن السياسة الخارجية .. ما رأيك في الحرب الروسية الأوكرانية ؟
هذه الحرب ستنتهي قريبا جدًا، أو بمعنى أدق هي انتهت بالفعل، وبرغم أنني عشت سنوات في أمريكا وعملت بها وأعشقها، ولكن الواقع أن روسيا انتصرت في هذه الحرب ليس على أوكرانيا فقط بل على أمريكا نفسها، وإذا تابعت وسائل الإعلام الأمريكية ستتأكد من هذا الأمر، فأمريكا تروج إعلاميا أنها انتصرت، ولكن الواقع غير ذلك، والإعلام العالمي بأثره إعلام مخادع وكاذب ولا يقول الحقيقة الكاملة، وحاليًا نتائج الحرب تظهر على السطح، وأعتقد أن الحروب نفسها تغيرت عن زمان، فكل دولة تخشى المواجهة العسكرية وتسعى لحروب أخرى بديلة.
اقرأ أيضا:
متى تتدخل الصين في الحرب الروسية - الأوكرانية ؟
وماذا عن تبعات الحرب الروسية الأوكرانية على الشأن المصري ؟
في اعتقادي أن الأثر سيكون بسيط وليس كبير على الداخل المصري، وأثر الأزمة الاقتصادية العالمية ليس نتاج الحرب الروسية الأوكرانية فقط فهي الأقل تأثيرا، ولكن الاقتصاد العالمي في خطر بسبب سياسات اتبعتها الدول العظمى في مرحلة معينة في بناء القوه العسكرية والعمل على مشروعات نووية وذرية لم يكن العالم في حاجة إليها، وللأسف الإعلام الغربي أصبح عامر بالأكاذيب والزيف والخداع، وأتابع عدد كبيرة من الشائعات في الاعلام الغربي لا مثيل لها منذ حرب العراق وبعدها.
هل الإعلام العالمي يسعى لخدمة أجندات بعينها ؟
بالطبع الإعلام يأخذنا لأزمات وقضايا مختلقة لا تهم الإنسانية في شئ، ومثال على ذلك أنني مؤخرا كنت أتابع بعض وسائل الإعلام التي تتحدث عن وجود خلافات بين مصر ودول الخليج، وبحكم تواصلي الدائم مع زعماء الخليج أؤكد أن هذا الكلام عار تماما من الصحة، ولا أساس له إلا في خيال مروجيه، فمصر علاقتها قوية جدا بدول الخليج.
ما تفسيرك لمحاولة بعض الدول الغربية تشويه صورة مصر من خلال ملف حقوق الإنسان ؟
أولا.. لا يمكن لأحد منهم أن يزايد على مصر في هذا الملف، فمصر بلد يحيا بالإنسانية والقيم والأخلاق، قبل أن يصبحوا هم دول من الأساس، وسأضرب لك مثلا بأحد ملوك دول أوروبا بدون ذكرها وذكره، "كان هذا الملك يقطع يد الأفارقة اللي مش بيطلعوا دهب من المناجم في بلد إفريقية معروفة"، فلك أن تتخيل أن هذه الدول هي التي تحدثنا عن حقوق الإنسان (لازم دول ينقطونا بسكاتهم).
ثانيا.. وهذا هو الأهم فستجد أن الدولة المصرية وضعت الاستراتيجية المصرية لحقوق الانسان، وهي من أهم وأنجح المبادرات الموجودة في العالم بأثره، وأذكر أنه ذات مره زوجتي قرأت لي مقال في إحدى الصحف البريطانية يعلن أن مصر أفلست، فهل من المنطق أن يعلن المفلسين إفلاسنا !.
ما هي العلوم المطلوب توافرها في التعليم المصري مستقبلا ؟
أرى أن الأولوية لمصر حاليا الاهتمام بالعلوم التطبيقية وعلوم الهندسة، فهي الأهم لنا حاليا.
ماذا عن أزمة سد النهضة.. وما هي الحلول من وجهة نظرك ؟
حقيقة هذا أمر لا يخيفنا إطلاقا، فالحديث عن دولة منتهية ومشاكلها الداخلية بهذا الحجم الكبير لا يقلقنا أبدًا، فموقف مصر سليم في هذا الملف وستحصل على حقوقها كاملة، وستجد أن رئيس بريطانيا الذي لا أحبه إطلاقا وكان بيننا خلافات وقضايا، قال بشكل قاطع في هذا الأمر أن مصر دولة سلام، والأرض المقام عليها السد أرض مصرية، ومصر دائما تتصرف التصرف السليم وإثيوبيا هي التي تخطئ دائما، وفي النهاية هي حاليا شبه دولة وأعتقد أنها ستنتهي قريبا، وعندما تنتهي مشاكلها الداخلية نبحث أزمة سد النهضة الغير مكتمل ولن يكتمل إلا في حاله واحدة هي قبول شروط مصر وضمان حقوقها المائية.
اقرأ أيضا:
اختراق 13 موقعًا إلكترونيًا.. إثيوبيا تزعم تعرض سد النهضة لهجمات سيبرانية جديدة
لماذا لم يأتي بناتك للإقامة في مصر ؟
حقيقة بناتي تربوا تربية إنسانية، وعندما زاروا مصر أردت أن أظهر لهم مظاهر الفخامة والزهو والجمال في مصر، وسألوني (هل هذه المظاهر متاحه للجميع في مصر أم انها حكر على فئة أو طبقة معينة)، وحقيقة لم أرد على سؤالهم، فعرفوا الواقع، وقالوا لي هذا ظلم ولا يصح أن تكون مظاهر الفخامة والفخفخة متاحة لفئة واحدة فقط، وبما أن الدولة تقيم هذه المناطق بهذا البزخ فعليها أن توفرها للجميع.