خطة بوتين لشل 96 محطة نووية لإنتاج الكهرباء بأمريكا
على الرغم من أن أمريكا منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، 24 فبراير الماضي، وهي دأبت على حث الدول الغربية، وتحريضها على مقاطعة إمدادات الطاقة الروسية المتمثلة في النفط والغاز والفحم، لكن الدول الغربية لم تستجب لتلك الضغوط؛ لكونها تدرك تبعات الأمر على اقتصادها، وأنه لا سبيل إلى وقف تلك الإمدادات في القريب العاجل.
من ناحية اخرى، يغض البيت الأبيض الطرف بشكل كبير على اليورنيوم المخصب الذي تستورده واشنطن من موسكو، ويتجنب الرئيس الأمريكي جوبايدين الحديث عنه بأي شكل من الأشكال؛ لكون بلاده لا تستطيع التخلي عنه، وإلا سيتم إخراج نحو 25 % من المحطات الكهرونووية من الخدمة لكونها تعتمد على اليورنيوم المخصب المقبل من روسيا لتشغيل تلك المحطات.
وتشكل إمدادات الطاقة الروسية إلى أوروبا نحو 40% من إجمالي مصادر الطاقة بحسب وكالة بلومبيرغ؛ لذك لا يمكن التخلي عنها بشكل سريع وفريب.
وفق تقارير متخصصة فإن اليورانيوم الروسي المخصب تعتمد عليه امركيا بنسبة 16.5% من مصادر الطاقة لنحو 96 محطة لإنتاج الطاقة النووية الأمريكية، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
مما يعطي اليورانيوم المخصب أهمية بشكل كبير عند الدول الغربية، أن الكهرباء المولدة من المحطات الكهرونووية، تتميز بانخفاض الانبعاثات الكربونية، ورخص الثمن، خاصة في الدول ذات الاستهلاك الصناعي والكثيف للطاقة، مثل الصين، التي تعمل على التحول للطاقة النووية بدلاً من الفحم.
لذلك فهناك توقعات بأن يرتفع الطلب العالمي على اليورانيوم المخصب في السنوات المقبلة، من نحو 162 مليون رطل مخصب في عام 2022، إلى نحو 206 ملايين في عام 2030، ونحو 2929 مليون رطل في عام 2040، وفقاً لبيانات الاتحاد النووي العالمي.
وفق تقرير موقع "رؤية" فتشكل صادرات روسيا من اليورانيوم المخصب نحو 35% من الصادرات العالمية، وتنتج نحو 2846 طناً سنوياً من اليورانيوم الطبيعي قبل التخصيب، وهو ما يجعلها الدولة السابعة في العالم في استخراج اليورانيوم الطبيعي، لكنها الدولة الأولى عالمياً في تخصيب اليورانيوم، كما تحتل المرتبة الأولى في تصدير اليورانيوم المخصب المطلوب لتشغيل المفاعلات النووية السلمية.
أمريكا من أكثر الدول استهلاكاً لعنصر اليورانيوم، بحجم 19.16 ألف طن سنوياً، كما تحصل على 20% من الكهرباء في عموم الولايات المتحدة الأمريكية من 96 محطة نووية، بينما تنتج المفاعلات النووية نحو 40% من الطاقة الكهربائية في ولايات الساحل الشرقي الأمريكي، بحسب عالم الذرة الروسي إيجور إستروفيتس، الذي وصف وقف تصدير روسيا لليورانيوم المخصب بأنه سوف يشكل كارثة لواشنطن في مجال الطاقة، لأن الولايات المتحدة ليس لديها المحطات الحرارية البديلة للمحطات النووية، كما فعلت اليابان.
وفق وكالة "تاس الروسية"، فقد هدد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، بوقف تصدير اليورانيوم المخصب للولايات المتحدة، رداً على العقوبات الأمريكية على بلاده، وقال: "تدرس موسكو حظر صادرات اليورانيوم إلى الولايات المتحدة للانتقام من العقوبات".
خلال الفترة الأخيرة ظهرت دعوات في الداخل الأمريكي، وتحديدًا في الجناح الليبرالي في الحزب الديمقراطي، إلى حانب دعوات منتجي اليورانيوم المحليين، أو من الحلفاء الأوروبيين، بوقف استيراد اليورانيوم المخصب من روسيا، بينما يتباطأ الرئيس بايدن في وقف شراء اليورانيوم الروسي.
بعض النواب الامريكان أعلنوا نيتهم العمل على إصدار عقوبات ضد شركة "روس أتوم" الروسية العملاقة التي وفرت 16.5% من اليورانيوم المخصب الذي تحتاجه محطات إنتاج الطاقة والكهرباء الأمريكية في عام 2020، الذي كشفت أرقامه أن صادرات "روس أتوم" تشكل 35% من إجمالي صادرات العالم من اليورانيوم المخصب، وفقاً لما نقلت وكالة بلومبيرغ عن مؤسسة "يو – إكس – سي".
وفق موقع "رؤية" فتزداد الضغوط على الولايات المتحدة الأمريكية، أنها تحصل على نحو 30% من اليورنيوم المخصب من اثنين من حلفاء روسيا، وهما كازاخستان وأوزبكستان، وفق إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وحال فرض هذه العقوبات سوف تكون نهاية لما يقرب من 30 عاماً من التعاون الروسي الأمريكي في مجال اليورانيوم المخصب.
وبدأت بوادر التعاون بعد وفاة الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، وتجلت بعدما وقع نائب الرئيس الأمريكي الأسبق آل جور اتفاقية مع رئيس الوزراء الروسي تشيرنوميردين عام 1994 بشأن بيع روسيا اليورانيوم المخصب للولايات المتحدة ليستخدم في المحطات النووية التي تنتج الكهرباء.
يدرك البيت الأبيض حاجة الولايات المتحدة على المدى القريب لليورانيوم الروسي المخصب، لأنه الأرخص عالمياً، كما أنه يتمتع بجودة عالية، ناهيك عن أن الإنتاج الأمريكي حتى الآن ضئيل للغاية.
وفق تقارير فإن أمريكا قادرة على استيعاب الصدمة الأولى إذا ما قررت تعليق استيراد اليورنيوم المخصب من روسيا؛ لكونها تعتمد على شراء اليورانيوم المخصب لفترات طويلة مستقبلية تتراوح من 18 إلى 24 شهراً، وهو ما يوفر فرصة كبيرة لتنويع مصادر الاستيراد من دول أخرى مثل اليابان والصين وفرنسا.
أما على الجانب الروسي، فيدرك الرئيس بوتين أن لديه ورقة ضغط رابحة على أمريكا وهي اليورانيوم المخصب، لكنه لن يقبل على خطوة تعليق تصدير اليورانيوم المخب لأمريكا، لكن ربما يتجه إلى إعلان أن تحصيل عوائد هذه المنتجاب بالروبل الروسي.