الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
عرب وعالم

الاحتلال يتراجع رسميًا عن روايته بشأن اغتيال أبو عاقلة ويعد بـ"تحقيق مهني"

الرئيس نيوز

تراجعت إسرائيل عن روايتها بشأن اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، بعد أن حمل جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين مسؤولية مقتل أبو عاقلة، في مخيم جنين فجر اليوم الأربعاء، زاعما في روايته الأولى أنه “يتم التحقيق في إمكانية تعرض صحفيين لإطلاق نار قد يكون مصدره مسلحين فلسطينيين”.

وحسبما نشر موقع "الرأي اليوم" فإن إسرائيل أمام الضغوطات الدولية، والمطالب بإقامة لجنة تحقيق دولية، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ران كوخاف، للموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” -ردا على سؤال حول ما إذا بإمكانه التأكيد أن أبو عاقلة تعرضت لإطلاق نار فلسطيني- إنه “لا يمكنني قول ذلك بشكل مؤكد، وأريد أن أكون حذرا وصادقا”.

وأضاف المتحدث العسكري الإسرائيلي في بيانه لوسائل الإعلام إننا “نجري تحقيقا في هذا الأمر من الناحيتين العملياتية والمهنية، ونحن الآن بعد ساعات قليلة من الحدث، وندقق في زاوية إطلاق النار وفي الأعيرة النارية. وإذا استهدفنا الفلسطينية فسنضطر إلى الاعتذار. وإذا ارتُكب خطأ هنا، فهذا ما سيقال”.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قال عند الإعلان رسميا عن استشهاد أبو عاقلة في بيان، إنه “يتم التحقيق في إمكانية تعرض صحفيين لإطلاق نار قد يكون مصدره مسلحين فلسطينيين”، وهي الرواية التي أثارت غضب الفلسطينيين والمؤسسات الحقوقية الدولية، خصوصا أن كافة الدلائل أشارت إلى أن أبو عاقلة أصيبت برصاص قناص إسرائيلي.

وزعم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، أنه “في الوقت الحالي لا يمكن تحديد النيران التي قُتلت بسببها مراسلة الجزيرة أبو عاقلة”.

وبدأت إسرائيل بالتراجع عن روايتها باتهام المسلحين الفلسطينيين، عندما أعرب السفير الأميركي لدى إسرائيل، توماس نايدز، عن حزنه لمقتل الصحفية أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأميركية أيضا، ودعا إلى فتح تحقيق معمق في ملابسات مقتلها وإصابة صحفي آخر في جنين.

وعقب صدور التقرير الطبي الفلسطيني حول استشهاد أبو عاقلة أجرى الطاقم الإعلامي القومي الإسرائيلي مشاورات، شارك فيها مندوبون عن مكتب رئيس الوزراء وزارة الخارجية والجيش الإسرائيلي، وذلك للتباحث في سبل الرد على ما حصل في جنين ومقتل أبو عاقلة والرواية الإسرائيلية التي يتم اعتمادها.

وأفاد المحلل السياسي في موقع “واللا” الإلكتروني، باراك رافيد، بأنه تقرر في نهاية المشاورات تفنيد الاتهامات المنسوبة للجيش وصد الاتهامات والإدانات لإسرائيل التي أكدت أن أبو عاقلة استشهدت بنيران قناص إسرائيلي، ومحاولة التأثير على وسائل الإعلام حول العالم بتغيير العناوين عن أبو عاقلة، والدفع في اتجاه تبني الرواية الإسرائيلية.

وفي محاولة من إسرائيل للترويج لروايتها والتأثير على وسائل الإعلام العالمية وتحميل الفلسطينيين المسؤولية، روجت إسرائيل مقطع فيديو صوره مسلحون فلسطينيون، صباح اليوم، ويقولون فيه إنهم استهدفوا جنديا إسرائيليا.

ووفقا لرافيد، كان الادعاء في إسرائيل أن مقطع الفيديو هذا هو دليل على إصابة أبو عاقلة بزعم أنه لم يصب أي جندي في جنين، علما أن إسرائيل غالبا ما تتكتم عما جرى لقواتها في العمليات والحملات العسكرية.

ومما يدحض الرواية الإسرائيلية هو أن أبو عاقلة لا تظهر أبدا في مقطع الفيديو هذا، الذي تبناه حتى رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، في بيان رسمي باللغتين العبرية والإنجليزية، وقال إن “ثمة احتمال أنها استشهدت بنيران أطلقها فلسطينيون”.

وبعد وقت قصير من الترويج لهذا الفيديو، بُث -عبر شبكات مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام وضمنها قناة الجزيرة- شريط مصور آخر حول جريمة اغتيال أبو عاقلة، حيث سمع فيه صوت إطلاق نار كثيف، داخل الأحياء السكنية وبين المنازل وظهرت أبو عاقلة على الأرض من دون حراك بعد إصابتها.

وأوضح المحلل السياسي في موقع “واللا” الإلكتروني أن الحدث في الشريط المصور الذي بث على شبكات التواصل وبثته قناة الجزيرة كان في منطقة أخرى عن تلك التي تظهر في الشريط الذي روجت له إسرائيل في روايتها الأولى، “الأمر الذي يضع شكوكا حيال الادعاء والمزاعم الإسرائيلية”.

وقال رافيد إنه بعد أن أدركت إسرائيل أن أبو عاقلة تحمل الجنسية الأميركية أيضا، تحول تعامل المستوى السياسي مع الحدث وأصبح أكثر جدية، مشيرا إلى أن الحدث من شأنه أن يتسبب بتوتر كبير مع إدارة الرئيس الأميركي جو بادين، وقد يستخدم من قبل جهات بالحزب الديمقراطي للإثبات بأن بايدن لا يمارس ضغوطات كافية على الحكومة الإسرائيلية بالملف الفلسطيني.

ونقل المحلل السياسي في موقع “واللا” الإلكتروني، عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى قولهم إن إسرائيل ستتمكن عقب مقتل أبو عاقلة في أفضل الأحوال من تقليص الأضرار فقط.

وأشارت منظمة “بتسيلم” الحقوقية إلى أن باحثها الميداني في جنين وثق، صباح اليوم الأربعاء، المكان الذي أطلق فيه مسلح فلسطيني النار، حسبما يظهر في الشريط الذي ينشره الجيش، كما وثق أيضا الموقع الذي استشهدت فيه المراسلة شيرين أبو عاقلة برصاص قاتل.

وبحسب نقاط التحديد وصور المنطقة، يتضح أنه لا يمكن أن يكون إطلاق الرصاص الموثق في شريط الفيديو هو مصدر إصابة شيرين أبو عاقلة وزميلها.

وأكد الاتحاد الدولي للصحفيين أنه تم استهداف الصحفيين الذين يرتدون سترات صحفية محددة بشكل دقيق من قبل قناصة إسرائيليين، وشدد على أنه لم يكن الصحفيون قرب المتظاهرين ولم يكونوا يشكلون تهديدا وتم منعهم من قول الحقيقة. وأضاف أنه “سيسعى إلى إضافة قضية شيرين أبو عاقلة إلى الشكوى التي قدمها للمحكمة الجنائية الدولية”.

وفيما تمتنع إسرائيل باستمرار عن التحقيق في جرائم الإعدام الميداني التي تنفذها بحق الفلسطينيين، زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت أنه “من دون تحقيق حقيقي لن نتمكن من الوصول إلى الحقيقة. ونطالب الفلسطينيين بألا ينفذوا خطوات تلوث التحقيق”. مضيفا “أنا أدعم جنودنا وسنواصل حربنا على الإرهاب”، وفق قوله.

وما يضعف الرواية والمزاعم الإسرائيلية، يقول عاموس هرئيل المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” إن “صعوبة أخرى تنبع من حقيقة أن إسرائيل لا تأتي إلى هذا الحدث بأياد نظيفة؛ فخلال الأسابيع الأخيرة تم توثيق أعمال عنف ارتكبها أفراد شرطة وجنود تجاه صحفيين فلسطينيين، في الضفة الغربية والقدس المحتلتين من دون التحقيق مع عناصر الأمن”.

وأوضح هرئيل أن قسما كبيرا من الجمهور الإسرائيلي ليس قلقا من موت صحفية فلسطينية، بيد أنه وبسبب إدراك الحساسية السياسية والاهتمام الذي أثارته في وسائل الإعلام العالمية، تراجعوا في الجيش الإسرائيلي عن الرواية الأولى التي تحمل المسؤولية للفلسطينيين، وبدؤوا بإجراء فحص أولي في ملابسات حدث مقتل أبو عاقلة.