زيارة رئيس الاستخبارات المركزية.. خطوة غير كافية لرأب الصدع بين واشنطن والرياض
تحاول الإدارة الأمريكية إنهاء حالة الجمود في العلاقات مع السعودية، لكن الجهود المبذولة للقيام بذلك قوبلت حتى الآن باستهانة من جانب الرياض، حيث لا تشعر الرياض بالرضا بمجرد الأقوال التي لا تصاحبها أفعال عملية، وفقًا لصحيفة آراب ويكلي اللندنية المقربة من المملكة.
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال اليومية التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز قام برحلة غير معلنة إلى المملكة العربية السعودية الشهر الماضي للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، حيث تسعى إدارة بايدن إلى إصلاح العلاقات مع شريكها الأمني الرئيسي في الشرق الأوسط.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وسعوديين لم تسمهم قولهم إن الزيارة تمت في منتصف أبريل وانتقل مدير وكالة المخابرات المركزية إلى مدينة جدة الساحلية ولكن المسؤولين لم يكشفوا عن مضمون الاجتماع بين ولي العهد الأمير محمد وبيرنز.
وقالت الصحيفة إن تفاصيل ما ناقشه الجانبان غير متوفرة، لكنها أشارت إلى أن المحادثات ركزت على الجذور الأخيرة للتوترات الأمريكية السعودية، والتي تشمل إنتاج النفط، والحروب في اليمن وأوكرانيا، ومحادثات إحياء اتفاق إيران النووي لسنة 2015، وبالفعل تمر العلاقات بين واشنطن والرياض بمنعطف صعب، نتيجة رفض السعودية الصريح لطلب إدارة بايدن زيادة إنتاج النفط، من أجل السيطرة على الأسعار المرتفعة في الأسواق العالمية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة في أوكرانيا.
وتلتزم المملكة العربية السعودية بسياسة الحياد عندما يتعلق الأمر بحرب أوكرانيا وترفض إشراك منظمة أوبك + في الصراعات السياسية ولكن الخبراء يعتقدون أن الموقف السعودي هو رد على سياسات إدارة بايدن ضد الرياض.
ومنذ توليه منصبه، سعى بايدن عمدًا إلى تجنب التعامل مع ولي العهد السعودي واعلن البيت الأبيض مرارًا وتكرارًا إن الرئيس سيعمل من الآن فصاعدًا مع "نظيره" السعودي، أي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود كما أدت سياسات واشنطن غير المتسقة في التعامل مع الرياض إلى اتساع الفجوة، خاصة بعد إزالة أنظمة الدفاع الأمريكية من المنطقة، بزعم نقلها إلى شرق آسيا في وقت تواجه فيه السعودية تهديدات متعددة، مع تصعيد صاروخي من جانب ميليشا الحوثي المتمركز في اليمن.
في الوقت نفسه، دعت واشنطن باستمرار السعودية إلى زيادة إنتاج النفط من أجل السيطرة على الأسعار، في موازاة ذلك، حرص بايدن على العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، رافضًا القيام بأي تحرك حقيقي لاستيعاب أو تهدئة مخاوف دول الخليج العربي، وخاصة السعودية، من أنشطة طهران الإقليمية ودعمها للجماعات المتطرفة، وذكر مسؤولون سعوديون، بمن فيهم رئيس المخابرات السابق الأمير تركي الفيصل، إنه من الطبيعي أن تصاب الرياض بخيبة أمل من عدم تجاوب الولايات المتحدة مع مخاوف بلادهم.
ويعتقد المسؤولون في الرياض أن مجرد زيارة مسؤول أميركي تبقى خطوة غير كافية، فالمملكة العربية السعودية اليوم ليست كما كانت منذ سنوات وتريد علاقة متكافئة مبنية على المنفعة المتبادلة والشراكة الاستراتيجية وليس مجرد تصريحات لا تتطابق مع ما تفعله الإدارة الأمريكية على أرض الواقع، ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول أمريكي قوله إن المناقشة بين مدير وكالة المخابرات المركزية وولي العهد السعودي كانت "جيدة بشكل عام" وتم إجراؤها بنبرة أفضل من المحادثات السابقة.
على مدى الأشهر القليلة الماضية، زار العديد من المسؤولين الأمريكيين المملكة في محاولة لإصلاح العلاقات ومع ذلك، مع معارضة بايدن لأي تنازلات واسعة النطاق على مستوى طريقة تعامله مع السعوديين، لم يقر المسؤولون إلا بإحراز تقدم متواضع، ورفضت متحدثة باسم وكالة المخابرات المركزية التعليق على زيارة بيرنز المفاجئة وغير المعلنة للرياض ويرى مراقبون أنه بعد أكثر من أسبوعين على زيارة المسؤول الأمريكي يمكن القول إن النتيجة تبدو مخيبة للآمال ولا يوجد تقدم حقيقي على صعيد إصلاح العلاقات.
بيرنز، وهو أيضًا نائب وزير الخارجية الأسبق، هو أحد أبرز المسؤولين الأمريكيين المطلعين على الديناميكيات الإقليمية، حيث شغل سابقًا مناصب في الشرق الأوسط، ودرس اللغة العربية وخلال إدارة باراك أوباما، ساعد بيرنز في قيادة محادثات سرية مع إيران أدت إلى اتفاق متعدد الدول في عام 2015 للحد من أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.