إغلاق قناة "مكملين".. تحول في السياسة الإقليمية لتركيا وخطوة لعودة العلاقات مع مصر
يشير الإعلان عن إغلاق قناة "مكملين" التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي وتعليق بث القناة التلفزيونية من تركيا إلى انتهاء حقبة النشاط الإعلامي للإخوان في حين تسعى أنقرة لجني ثمار جهودها لترميم علاقاتها مع مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وكانت "مكملين" من بين القنوات الفضائية التي استخدمتها تركيا في السابق في عهد أردوغان للضغط على جيرانها العرب ولتنفيذ أجندة كل من أنقرة والإخوان في المنطقة.
وأصدرت القناة التلفزيونية بيانًا أعلنت فيه وقف بثها نهائيًا وإغلاق إستوديوهاتها، بعد ثماني سنوات من بدء تشغيلها من إسطنبول، وقالت إنها "ستستأنف البث وستبدأ نشاطها من جديد في القريب العاجل"، لكنها لم تحدد من أي دولة أو في أي تاريخ.
كانت تركيا قد طردت عددًا من الإعلاميين من أراضيها، تمهيدًا لإغلاق القنوات، فلم تعد الأهداف التي تم إنشاؤها من أجلها جزءًا من أولويات أنقرة، وكانت القنوات التلفزيونية التابعة للإخوان والتي ظلت تعمل من تركيا جزءًا من ترسانة أنقرة الدعائية ضد مصر ودول الخليج العربي وفي السنوات القليلة الماضية، قاد مواجهة متعددة الأوجه بين التنظيم الدولي للإخوان والقاهرة ومنذ عام 2018، وظفتهم أنقرة أيضًا للهجوم والضغط على المملكة العربية السعودية من خلال محاولة التلاعب بقضية الصحفي جمال خاشقجي لصالح تركيا.
وفي إطار تحول سياستها الإقليمية، تسعى أنقرة الآن إلى المصالحة مع القاهرة والرياض وأبو ظبي ولهذا الغرض، تحتاج إلى مزيد من إظهار عزمها على إدخال تغييرات ملموسة على أجندتها الإقليمية، ويشمل ذلك النأي بنفسها عن الإخوان وفقًا لصحيفة آراب ويكلي التي تصدر في لندن، وتزامنت خطوة إغلاق "مكملين" مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأولى للسعودية منذ مقتل خاشقجي قبل أربع سنوات.
وتحدث أردوغان خلال زيارته عن إطلاق "عهد جديد" في العلاقات التركية السعودية ورغبته في تعزيز العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية وقال نائب وزير الخارجية المصري السابق، السفير حسن هريدي، لصحيفة آراب ويكلي إن "زوال قنوات الإخوان يأتي في سياق عودة العلاقات المصرية التركية تدريجياً إلى طبيعتها، وهي خطوة تسبق تبادل السفراء بين البلدين".
وأشار إلى أن القاهرة اعترضت على تعيين سفير لها في أنقرة طالما استمرت القنوات المعادية في البث من الأراضي التركية، وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مؤخرًا أن نظيره المصري سامح شكري سيزور تركيا قريبًا، لكنه لم يحدد الموعد المحدد لتلك الرحلة.
كما أشار الوزير التركي إلى أن العلاقات مع القاهرة تتحسن ومن المتوقع أن تنتقل إلى مستوى أعلى رغم الاختلافات في وجهات النظر بين البلدين وأكد أن تحسن العلاقات سيعود بالفائدة على البلدين.
ويقول محللون إن أنقرة حاولت إرسال إشارة مفيدة إلى مصر ودول الخليج العربي من خلال إغلاق القناة التلفزيونية لكنها تحتفظ في خدمتها بسلسلة من أدوات القوة الناعمة والدعاية التي يمكنها تنفيذ مخططات تركيا بما في ذلك انتقاد مصر إذا لزم الأمر.
وتواصل قناة "الجزيرة" التليفزيونية المملوكة لقطر الترويج للأجندات السياسية لقطر وتركيا وإظهار عدم تخلي أي من البلدين عن الإخوان وكلاهما يعتزم الحفاظ على نفوذهما بين الإسلاميين في دول عربية معينة حيث سعوا إلى التمركز منذ انتفاضات "الربيع العربي".
ورجح الخبير في الجماعات الإسلامية منير أديب إن من المتوقع أن تواصل أنقرة تحركاتها ضد قنوات الإخوان التلفزيونية بانتظار نتيجة التقارب السياسي بين تركيا والدول العربية، ويقول محللون إن من بين مخاوف تركيا أزمتها الاقتصادية والحاجة إلى تأمين المزيد من الاستثمارات من دول الخليج العربي ويضيفون أن هذا التركيز لا يخدم مصالح تنظيم الإخوان ولا علاقاته مع أنقرة.
يسعى أردوغان الآن إلى تعزيز العلاقات ليس فقط مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ولكن أيضًا مع مصر حتى لو كان ذلك يعني زيادة تقويض عمليات الدعاية الإقليمية للإخوان.
وكانت أنقرة قد طلبت في مارس الماضي الناشط الإخواني ياسر العمدة مغادرة البلاد بعد بث تصريحات انتقد فيها سياسات القاهرة ودعا إلى "ثورة شعبية" في مصر كما غادر العديد من المذيعين التلفزيونيين تركيا بينما تصدّر آخرون هجومهم على القاهرة وقد فهموا أن أنقرة لم تعد تقدم لهم ملاذاً سياسياً آمناً.