مواجهة نفوذ إيران.. تقارير تكشف الفوائد الأمنية وراء اتفاقات إبراهام
في سبتمبر 2021، بعد عام من توقيع اتفاقات إبراهام من قبل إسرائيل والبحرين والإمارات العربية المتحدة (انضم المغرب والسودان بعد بضعة أسابيع)، تحدث وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكين بحماس عن التعاون العربي الإسرائيلي الجاري بالفعل في مختلف المجالات بما في ذلك الطاقة والرعاية الصحية والتكنولوجيا والطب والسياحة.
ولكن المعروف حول الفوائد الأمنية المحتملة لصفقات التطبيع التاريخية لا يزال قليلًا للغاية، وكان القادة العرب والإسرائيليون الذين شاركوا اجتماعات عدة مع بلينكن أقل تحدثا عن تلك الجوانب الأمنية، وفي المقابل أبدوا حرصهم على التأكيد على الفرص السياسية والاقتصادية للاتفاقيات ولكنهم حريصون على قصر أي حديث عن التعاون العسكري على مفاهيم غامضة عن السلام والاستقرار، وفقًا لتقرير نشره موقع "ديفنس وان".
وتابع التقرير: "لا ينبغي لأحد أن يفاجأ برغبة الأمريكيين في إبراز الوعود الاقتصادية للاتفاقيات أكثر من أي شيء آخر، وإذا تفاجئ العالم، فلا ينبغي أن يتفاجأ العرب والإسرائيليون، فقد كان إطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية للعلاقات الثنائية ولا يزال هو الدافع الرئيسي ومحور تركيز البحرينيين والإماراتيين والإسرائيليين ولم يكن الأمن هو الدافع وراء تطبيع العلاقات مع إسرائيل"، وخارج الدوائر الرسمية العربية والإسرائيلية، تأرجحت التعليقات على الجوانب الأمنية للاتفاقات من طرف إلى آخر وأشاد أقوى المؤمنين باتفاقيات إبراهام ووصفوها بأنها تقدم هائل من شأنه أن يفتح حقبة جديدة من العلاقات السلمية في الشرق الأوسط".
وفي المقابل، جادل أشد المنتقدين للاتفاقات بأنها شكل من أشكال التحالف ضد إيران - خصمهم المشترك – ومن خلالها فإن عرب الخليج والإسرائيليين قد يحرضون على حرب إقليمية أو على الأقل يتسببون في مزيد من التوترات في المنطقة.
وخلص التقرير إلى أنه حتى يومنا هذا لا توجد توقعات مقنعة، ومع ذلك، نظرًا للأهمية الاستراتيجية للاتفاقيات، من المهم أن يكون هناك فهم أفضل لتداعياتها الأمنية، ليس فقط بالنسبة إلى الموقعين ولكن أيضًا للمنطقة بأكملها.
وبداية بما حدث بالفعل في مجال التعاون الأمني، على الأقل علنًا، أشار التقرير إلى أنه في نوفمبر 2021، أجرت البحرية البحرينية والإماراتية أول مناورة عسكرية مشتركة في البحر الأحمر مع السفن الحربية الإسرائيلية، بتنسيق من الأسطول الخامس الأمريكي، ومقره في المنامة ومن المتوقع أن يتبع المزيد من أنشطة الشرطة الجماعية في البحر في الأشهر المقبلة لمواجهة تهريب الأسلحة والتهديدات الأخرى التي يشكلها الإرهابيون والقراصنة والبحرية الإيرانية.
ومن المتوقع أيضًا في المستقبل المنظور، تعزيز التعاون في مجال الدفاع الجوي والصاروخي بين دول الخليج العربية والإسرائيليين إذ يخشى الجانبان صواريخ إيران ذات الدقة المتزايدة والطائرات بدون طيار المسلحة، ومعًا، من المحتمل أن يستكشفوا السبل لإنشاء درع أكثر فعالية ضد تلك الأسلحة الفتاكة التي يمتلكها الإيرانيون ووكلاؤهم، ولا شك أن الاختبارات الإسرائيلية الأخيرة لما أسمته "أول دفاع في العالم يعتمد على الطاقة" ضد الطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة قصيرة المدى تهم الخليج، وخاصة السعوديين والإماراتيين، الذين يركزون على صد هجمات الحوثيين والإيرانيين.
ولكن بصرف النظر عن الأمن البحري والدفاع الجوي والصاروخي وربما الأمن السيبراني، من الصعب أن نرى كيف سيتبع الخليجيون والإسرائيليون أشكالًا أخرى من التعاون الأمني ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن عرب الخليج والإسرائيليين لديهم أولويات ومنهجيات استراتيجية متباينة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع التحدي الإيراني.
وتعطي إسرائيل الأولوية لبرنامج إيران النووي، الذي تعتبره تل أبيب تهديدًا وجوديًا. إنه بالتأكيد قلق بشأن وكلاء إيران وصواريخها أيضًا، لكن السلاح الذري في أيدي نظام راديكالي لا يعترف حتى بالدولة اليهودية هو سيناريو الكابوس المطلق الذي يبذل الإسرائيليون كل ما في وسعهم لمنعه وفي غضون ذلك، يعطي الخليجيون الأولوية للعنف السياسي الإيراني عبر المنطقة أكثر من أي شيء آخر وفي حين أن لديهم مخاوف بشأن حصول طهران على أسلحة نووية، فهم يدركون أنه لا يوجد شيء يمكنهم فعله لمنع إيران من الحصول عليها ويعتقدون أنها مشكلة يتعين على الولايات المتحدة وبقية العالم حلها.
ومن أجل مجابهة نفوذ إيران المتزايد والبنية التحتية العسكرية في أماكن مثل العراق وسوريا، غالبًا ما تلجأ إسرائيل إلى العمليات الحركية على مدى السنوات الست الماضية أو نحو ذلك، شن الجيش الإسرائيلي أكثر من 400 غارة جوية ضد أهداف إيرانية في المنطقة، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرًا ويعتقد الإسرائيليون أن استخدام القوة هذا ليس فعالاً فحسب، بل ضروري في محاربة التهديد الإيراني الإقليمي.
وتحرص دول الخليج العربي على التعامل مع السياسة الخارجية العدوانية الإيرانية حصرًا بالدفاع والدبلوماسية ولكن ثمة خشية من تداعيات التصعيد مع إيران في حال ردهم عسكريًا على الهجمات ضدهم، خاصة في وقت تراجع فيه إيمانهم بحماية الولايات المتحدة عن أي وقت مضى ومع ذلك، فإن لدى إسرائيل مخاوف أقل بشأن التصعيد مع إيران لأنها تعتقد أن تفوقها العسكري الكبير (واستعدادها لاستخدامه في القتال، وهو ما أظهرته مرارًا وتكرارًا) يعمل كرادع ضد أي شيء خارج عن السيطرة.