الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
سياسة

محاكمة صورية.. إدانة واسعة لحكم المؤبد ضد المعارض التركي عثمان كافالا

الرئيس نيوز

حُكم على الناشط التركي في مجال الحقوق المدنية والناشط الخيري عثمان كافالا بالسجن مدى الحياة دون عفو مشروط، أمس الاثنين، في قضية طال أمدهاـ أثارت أزمة دبلوماسية وسلطت الضوء على مخاوف بشأن سيادة القانون.

وأدين كافالا البالغ من العمر 64 عامًا، والذي كان محتجزًا في السجن على مدار 4 سنوات ونصف، بمحاولة الإطاحة بالحكومة فيما يتعلق بالاحتجاجات الجماهيرية التي اندلعت في عام 2013 والانقلاب الفاشل بعد ذلك بثلاث سنوات، وفي حكم استقبل بكثير من الاستهجان والسخرية، حكم على سبعة متهمين آخرين بالسجن 18 عامًا في محكمة كاجلايان بإسطنبول.

وتجدر الإشارة إلى أن المتهمين السبعة الآخرين هم من نشطاء الحقوق المدنية، موسيلا يابيتشي، وكان أتالاي، وتيفون كهرمان، وعلي هاكان ألتناي، ويجيت علي إكمكجي، وسيغديم ماتر، وماين أوزيردين.

وقضت المحكمة بمواصلة محاكمة هنري باركي، الأستاذ المقيم في الولايات المتحدة بجامعة ليهاي، وسبعة متهمين آخرين في قضية منفصلة ورفع الكثيرون من الحضور قبضتهم في قاعة المحكمة تعبيرا عن روح التحدي وتعهدوا بمواصلة نضالهم وقالوا لن نرضخ للاضطهاد، كما قال المدعى عليه كان أتالاي "سنقاوم الاضطهاد".

وأدانت الجماعات الحقوقية نتيجة قضية انتقدوها بالفعل باعتبارها لا أساس لها من الصحة وظالمة، وقال نيلز موزنيكس، مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة أوروبا، إن تلك المحاكمة ليست سوى "تمثيلية ذات دوافع سياسية، وقد شهدنا اليوم تحريفًا للعدالة ليس له مثيل".

وأضاف: "قرار المحكمة يتحدى كل منطق وتقاعست سلطات الادعاء مرارا عن تقديم أي دليل يدعم التهم الباطلة بمحاولة قلب نظام الحكم"، وتابع: "هذا الحكم الجائر يظهر أن محاكمة جيزي كانت مجرد محاولة لإسكات الأصوات المستقلة".

ووصفت إيما سنكلير ويب، مديرة قسم أوروبا في هيومن رايتس ووتش، نتيجة "المحاكمة الصورية" بأنها "مروعة وقاسية وشريرة"، وجذبت قضية كافالا البارزة اهتمامًا دوليًا واسع النطاق، مما جعلها اختبارًا لالتزام تركيا بالمبادئ الدستورية واستقلال القضاء عن التدخل السياسي.

بدأ مجلس أوروبا إجراءات بشأن مخالفة تركيا الجسيمة في فبراير بعد أن فشلت أنقرة في تنفيذ حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 2019 الذي دعا إلى الإفراج عن كافالا ووصف الحكم القضية بأنها ذات دوافع سياسية وتهدف إلى إسكات كافالا، الذي يعمل في المجتمع المدني ويهدف إلى الإصلاح الاجتماعي.

قد تؤدي مخالفة تركيا المشار إليها إلى تعليق حقوق التصويت لتركيا أو عضويتها في مجلس حقوق الإنسان الذي تضم 47 دولة، وتنفي تركيا هذه الاتهامات لها بالمخالفة وتصر على أن محاكمها مستقلة ردًا على مجلس أوروبا، قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن تركيا "لن تعترف بأولئك الذين لا يعترفون بمحاكمنا".

بعد صدور الحكم، قادت كاتي بيري، عضوة البرلمان الهولندي ومقررة البرلمان الأوروبي السابقة، دعوات لإخراج تركيا من المجلس الأوروبي، وكتبت على تويتر: "لا توجد كلمات تصف غضبي وحزني على الظلم الكبير الذي ارتكبه أردوغان ومحاكمه وحان الوقت لكي تتخذ دول الاتحاد الأوروبي إجراءات لطرد تركيا من مجلس أوروبا".

كما هددت أنقرة بطرد 10 سفراء غربيين، بمن فيهم سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، بعد أن طالبوا بالإفراج عن كافالا في الذكرى الرابعة لسجنه في أكتوبر 2021 وتم حل الأزمة عندما أصدرت السفارات بيانًا آخر فُسر على أنه انسحاب من موقفها السابق.

وحدث تطور آخر قبل عامين عندما تمت تبرئة كافالا من تهم مماثلة تتعلق باحتجاجات حديقة جيزي، والتي تحولت من مظاهرة بيئية في إسطنبول إلى اضطرابات مناهضة للحكومة على مستوى البلاد، والتي لا تزال واحدة من أكبر التهديدات التي واجهها أردوغان في فترة حكمه التي استمرت 20 عامًا.

في غضون ساعات من تبرئته، أعيد اعتقال كافالا بسبب مزاعم جديدة تتعلق بمحاولة الانقلاب عام 2016، مما أدى إلى إبقائه في السجن وأُلغيت تبرئة جيزي في وقت لاحق ودمجت مع تهمة الانقلاب كما أضيفت إلى لائحة الاتهام ادعاء بالتجسس ونفى كل التهم الموجهة إليه وحصل على البراءة من تهمة التجسس يوم الاثنين.

وقام كافالا، الذي انتقلت عائلته من اليونان إلى إسطنبول في إطار التبادل السكاني في عشرينيات القرن الماضي، بتأسيس منظمة الأناضول الثقافية، وهي منظمة غير ربحية تركز على المشاريع الثقافية والفنية التي تعزز السلام والحوار، في عام 2002 بعد التراجع عن المنظمة التي ترعاها العائلة، أدى دوره في مؤسسات المجتمع المفتوح، وهي شبكة مجتمع مدني أنشأها الملياردير المجري الأمريكي جورج سوروس، إلى أن بدأ أردوغان يطلق على عثمان كافالا لقب "سوروس الأحمر" واتهمه بتمويل احتجاجات جيزي وفي مرافعة دفاعه الأخير الأسبوع الماضي، كرر كافالا رفضه لهذه المزاعم.

قال عبر وصلة فيديو من سجن سيليفري في ضواحي إسطنبول: "حقيقة أنني أمضيت 4 سنوات ونصف من حياتي في السجن خسارة لا يمكن تعويضها وعزائي الوحيد هو احتمال أن تساهم تجربتي في فهم أفضل للمشاكل الحادة للقضاء"، وأضاف: «من الواضح أن الذين أصدروا لائحة الاتهام لم يشعروا بأنهم مقيدون بالقوانين، معتبرين أنهم سيحصلون على دعم سياسي لأنهم كانوا يعتزمون إطالة أمد اعتقالي".

وأشار محامو الدفاع يوم الإثنين إلى أن أحد القضاة في القضية، التي ورد اسم أردوغان فيها كمشتكي، قد تقدم للانتخابات كعضو في البرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في عام 2018، ورفضت المحكمة طلبًا له بالتنحى وفي حديثه خارج قاعة المحكمة، قال السياسي المعارض أوزغور أوزيل إن القضية تظهر كيف سقط القضاء تحت تأثير الرئيس، مؤكدا: "رجب طيب أردوغان سيُدان من قبل التاريخ وسيحاسب".