لماذا تدعم الجزائر الدبيبة حتى الآن رغم قرار البرلمان الليبي بتعيين باشاغا؟
لا يزال المشهد الليبي ملتبسًا ومعقدًا، في ظل رفض رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، عبد الحميد الدبيبة، تسليم السلطة، لفتحي باشاغا المنتخب من البرلمان الليبي الشرعي، رئيسًا لحكومة الاستقرار الجديدة.
ووصل الدبيبة، أمس الأول الاثنين، إلى الجزائر في زيارة رسمية، يرافقه عدد من الوزراء ورئيس الأركان العامة ورئيس جهاز المخابرات العامة ورئيس جهاز الأمن الداخلي، في محاولة للحصول على دعمها وكسر العزلة السياسية لحكومته.
أكد الدبيبة أن حكومته ستتخذ إجراءات رادعة حيال العبث بثروات الشعب الليبي، وذلك تعليقا على عمليات الإقفال التي طالت حقولا وموانئ نفطية منذ السبت، وفي تصريح عقب لقائه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قال إن "الحكومة اليوم ستقوم بخطوات رادعة حيال العبث بثروات الشعب الليبي. حقيقة الأمر القرار السيادي في بلادي هو قرار شرعي ودولي.
ولفت إلى أنه ناقش مع تبون عددا من الملفات أهمها عقد الانتخابات القادمة في ليبيا، وأضاف أنه قدم للرئيس الجزائري تصور حكومة الوحدة الوطنية لإنجاز هذا المشروع المهم، والانتقال بليبيا من المراحل الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار، وتمكين الشعب الليبي من اختيار من يحكمه وممثليه في السلطة.
أكد أنه تطرق خلال مناقشاته مع تبون للدور الجزائري المهم المأمول في دعم هذه الانتخابات وضرورة إجرائها في أقرب وقت ممكن، وإلى ضرورة زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة في مجال النفط والغاز، خصوصا في ظل الظروف العالمية بهدف زيادة الإنتاج والتحكم في الأسعار وتسويقها.
زيارة لها مغزى
زيارة الدبيبة للجزائر حملت رسائل واضحة أن الجزائر لا تزال تعترف بسلطة الدبيبة على الرغم من قرار البرلمان الليبي بتعيين باشاغا رئيسًا لحكومة الاستقرار.
ومنذ بدايات الأزمة بين الدبيبة وباشاغا، وأظهرت الجزائر دعمًا للأول، حيث التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالدبيبة في قطر، وتحدثا على ضرورة إحداث استقرار في ليبيا.
ويأتي دعم الجزائر للدبيبة رغم وجود شبه إجماع عربي يأتي على رأسه القاهرة، على دعم قرارات المؤسسات الليبية، بما فيها قرار البرلمان الليبي بتنصيب باشاغا.
دعم قديم
الكاتب الصحفي، عبد الله السناوي، يقول لـ"الرئيس نيوز": "مسألة التباين المصري الجزائري بشأن التعاطي مع الملف الليبي قديمة وليست جديدة، وتأخذ بتغير الظروف أسباب مختلفة، رغم بعض الجهود والمحادثات والزيارات والبيانات المشتركة، إلا أن الملف الليبي لغز في العلاقات المصرية والجزائرية، ولم تتمكن الدولتان حتى الآن من توافق حقيقي بشأنه، على الرغم من أنه جرى حلحلة مواقف أخرى كثيرة بينها الموقف المصري التركي، لكن ظل الجزائر إحدى دول الحدود مع ليبيا في نفس المشكلة".
أوضح الكاتب الصحفي، أن الجزائر كانت طوال الوقت مع الحل السياسي للأزمة الليبية في ظل توحش الميليشيات، والتهديد على الحدود الجنوبية، وقال: "الجزائر كانت أقرب ما تكون واقفة من مسافة متساوية من الأطراف المتنازعة (ميليشيات وغير ميليشيات) بغض النظر عن الحق والباطل والصواب والخطأ، لأن ليبيا دولة حدودية مع الجزائر، ولا تريد الجزائر أي قلاقل على حدودها، فضلًا عن أن شبح التسعينيات أو ما يسمى العشرية السوداء لا يزال عالقًا في أذهان الجزائريين".
العشرية السوداء
أكد السناوي: "الجزائر حريصة على تسوية أمن الحدود مع ليبيا، لأن الحدود واسعة، ومن الممكن استخدامها في تهريب السلاح. وحتى تنأى بنفسها عن مواطن العنف أو أن يعود العنف إلى أراضيها مرة اخرى، أخذت هذا الموقف الذي يتقطاع بشكل كبير مع الموقف المصري، الرافض لأي دور للميليشيات أو الجماعات المسلحة في المستقبل الليبي؛ لأن هذا تهديد صريح للامن القومي المصري".
تابع الكاتب الصحفي: "نحن عانينا كثيرًا من عمليات التهريب وتسلل العناصر الإرهابية، من ليبيا إلى مصر، لكننا نجحنا إلى درجة كبيرة جدًا في منع ذلك".
يوضح السناوي: "ظني أن الحل الوحيد لتجاوز أي تباينات مصرية جزائرية، هو الجلوس في اجتماعات للتعرف على شواغل كل طرف، وتوجهاته ومواقفه من القضية الليبية وتفهمها، فالأمن الجزائري القومي مصر تضعه على قمة أولوياتها، ومصر لها نفس التصور، ولابد للجزائر أن تعترف بحق القاهرة في الخوف على أمنها القومي جراء انهيار الأوضاع في ليبيا، وما يتوجب اتخاذه لحماية أمن حدودها".
اختتم قائلًا: "التنسيق بين الدولتين سيمنع أي تقاطعات أو تجاذبات بينهما فيما يتعلق بالملف الليبي".