إغلاق محتمل لمعبر مهم بين تركيا وسوريا يثير قلق منظمات الإغاثة
تتزايد المخاوف من وقوع كارثة إنسانية تلوح في الأفق وسط مخاوف من أن تغلق روسيا المعبر الحدودي الأخير الذي تمر عبره مساعدات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية للوصول إلى ملايين المحتاجين في شمال سوريا.
وذكر الصحفي منيب تيم، في تقرير لفرانس برس، أن مجموعات تنسيق الاستجابة السورية، وهي منظمة إنسانية غير حكومية مقرها إدلب تساعد النازحين في شمال غرب سوريا، قد حذرت مؤخرًا من خطر إغلاق المعابر الحدودية التركية مع سوريا.
وفي بيان نُشر على فيسبوك، قال الهلال الأحمر السوري إن إغلاق المعابر قد يعيق وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى شمال سوريا، مشيرة إلى النقص الحاد في قوافل المساعدات من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية مقارنة بتلك القادمة من الأراضي التركية وأن قافلة مساعدات أممية جديدة دخلت شمال غرب سوريا من مناطق سيطرة النظام السوري في حلب عبر معبر الترنبة شرق إدلب، مؤلفة من 14 شاحنة مساعدات إنسانية مقدمة من برنامج الغذاء العالمي، ومنذ تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2585 لسنة 2021 وحتى مارس، عبرت 43 شاحنة إغاثة فقط خطوط التماس مع النظام السوري، مقارنة بأكثر من 10 آلاف شاحنة تمر عبر باب الباب، ومعبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، محمّلة بمختلف المساعدات الإنسانية لتغطية احتياجات المأوى والصحة والتعليم والغذاء.
وشدد الصليب الأحمر على أهمية استمرار دخول شاحنات المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى مناطق شمال سوريا وأن شاحنات الإغاثة يجب ألا تمر عبر خطوط التماس مع الحكومة السورية لأسباب عديدة أبرزها تأخر الحكومة في تسهيل إيصال المساعدات وكون شاحنات الإغاثة لا تحتوي على مساعدات تتناسب مع الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في المنطقة.
في غضون ذلك، حذر مسؤولو الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وأعضاء الكونجرس الأمريكي مؤخرًا من أن روسيا قد تفكر في إغلاق معبر باب الهوى، آخر معبر إنساني متبق للأمم المتحدة لإيصال المساعدات إلى سوريا، في حال تصاعد التوتر بين موسكو ودولة الشرق الأوسط. الغرب في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا وتقدم الأمم المتحدة مساعدات من دول الجوار إلى سوريا عبر معبر باب الهوى منذ صدور قرار 2014.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 1000 شاحنة محملة بالمساعدات تعبر معبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا بشكل شهري يخدمون حوالي 3.4 مليون شخص يعيشون في منطقة إدلب شمال غرب سوريا.
ونقل موقع المونيتور الأمريكي عن عبد السميع القاسم، التاجر في إدلب قوله: "إن أسعار الخضار ارتفعت مع بداية شهر رمضان المبارك والكيلوجرام الواحد من الطماطم الذي كان يباع بـ 10 ليرات تركية (0.68 دولارًا) يباع الآن بسعر 22 ليرة تركية (1.49 دولارًا)".
وأضاف: "كان الله في عون الفقراء فقد أصبح كل شيء مكلفًا للغاية في شمال غرب سوريا حيث تكاد فرص العمل معدومة والبطالة في ذروتها وفي رمضان الماضي، كانت الأعمال أفضل بكثير، كان زبائني يشترون 2 أو 3 كيلوجرامات من الخضار، ولم يعد هذا هو الحال اليوم، حيث يشتري الأغلبية قطعة واحدة أو قطعتين من الخضار، وهنا في شمال غرب سوريا، يتراوح متوسط الأجور اليومية بين 40 إلى 50 ليرة تركية فقط (2.71 دولارًا إلى 3.39 دولارًا)، بينما يحصل البعض الآخر على 30 ليرة تركية (2.04 دولار) في اليوم، وأي وجبة ستكلف حوالي 150 ليرة تركية (10.18 دولار أمريكي) في اليوم.
وردا على سؤال حول ما سيكون عليه الوضع في حالة إغلاق الحدود في شمال غرب سوريا، قال قاسم: "إذا أغلقت روسيا معبر باب الهوى، فسيتأثر الكثير من السكان بشكل سلبي والإغاثة أمر بالغ الأهمية لسكان المخيم والعديد من المواطنين المحرومين ويساعدهم على تحمل الظروف العصيبة والقاسية الحالية أما إغلاق باب الهوى سيكون كارثة إنسانية".
قال أبو القاسم الحموي، الذي ظل يبيع مشروبات رمضانية شهيرة مثل التمر الهندي وعرق السوس منذ أكثر من 25 عامًا من متجره في وسط ساحة مدينة إدلب، إن المبيعات هذا الموسم قد سجلت رقماً قياسياً. منخفضة وسط ارتفاع الأسعار الجنوني، وأوضح أن التجار انتظروا شهر رمضان ورفعوا الأسعار إلى مستويات غير مقبولة وقال: "هذا الارتفاع جار في حين أن باب الهوى، المنفذ الوحيد للمنطقة، لا يزال مفتوحًا، وسيؤدي إغلاق المعبر إلى مزيد من الارتفاعات وندعو جميع السلطات والكيانات المعنية التي تهتم برفاهية المسلمين للعمل من أجل وضع حد للارتفاع الفاحش في الأسعار"، ويأمل الحموي أن يظل المعبر، الذي يمثل شريان الحياة للمستفيدين من المساعدات والإغاثة، مفتوحًا لأن إغلاقه سيكون كارثيًا على سكان المنطقة.
سرعان ما تصدرت التحذيرات من الإغلاق عناوين الصحف وأصبحت حديث المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غرب سوريا، مما أثار الخوف بين 4 ملايين سوري في شمال غرب سوريا، وأجرى الموقع الأمريكي مقابلة مع مازن علوش، مدير المكتب الإعلامي في معبر باب الهوى الحدودي، وسأله عن تدفق المساعدات عبر المعبر إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، سواء في إدلب أو درع الفرات، وأوضح أن المساعدات تراجعت بشكل طفيف حيث تم تحميل 9608 شاحنة بحوالي 215000 من المساعدات وفي الربع الأول من عام 2022، دخلت 826 شاحنة فقط محملة بـ 42000 من المساعدات الإغاثية عبر معبر باب الهوى.
وأوضح "علوش"، أن معبر باب الهوى يستخدم حاليًا للشاحنات التجارية وكذلك شاحنات الإغاثة، موضحا أن هناك نوعان من شاحنات الإغاثة، فبعضها ترسله الأمم المتحدة، والبعض الآخر ترسله منظمات غير حكومية، خاصة المنظمات غير الحكومية التركية، والتي تمثل نصف المساعدات التي تتدفق عبر معبر باب الهوى.
وأضاف: "إذا لم يتم تجديد آلية الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر المعبر، فإن مساعدات الأمم المتحدة ستنخفض - على الرغم من أن المعبر سيبقى مفتوحًا للأنشطة التجارية والمساعدات الأخرى من قبل المنظمات غير الحكومية"، وأضاف أن الأمم المتحدة تقدم الجزء الأكبر من المساعدات لأكثر من مليوني نازح يقيمون في مخيمات شمال سوريا، وإن وقفها سيكون بمثابة كارثة إنسانية، وتجدر الإشارة إلى أن آلية الأمم المتحدة تم تجديدها آخر مرة في يناير لمدة ستة أشهر.